الأحد 22/ديسمبر/2024
عاجلعاجل

الحوثيون وإسرائيل.. مواجهة إعلامية وقصف متبادل بلا تأثير عسكري حقيقي (تقرير خاص)

الحوثيون وإسرائيل.. مواجهة إعلامية وقصف متبادل بلا تأثير عسكري حقيقي (تقرير خاص)

في الوقت الذي تقوم به المقاتلات الإسرائيلية باستهداف منشآت اقتصادية حيوية تحت سيطرة جماعة الحوثي الإرهابية، تتحدث الأخيرة عن الرد بضربات ذات تأثير دعائي بعيدة عن التأثير الحقيقي المطلوب منها.

ومع ذلك يذهب كثير من المحللين إلى التقليل من خطر الضربات الإسرائيلية التي تكررت للمرة الثالثة، بحجة أنها لم تستهدف منشآت عسكرية خاصة بالأعمال العدائية للحوثيين كحال الهجمات التي ينفذها التحالف الأمريكي البريطاني بصورة تبدو مقننة ودقيقة إلى حدٍّ ما، وإنما اكتفت باستهداف أعيان مدنية هي في الأساس من مقدرات الشعب اليمني.

ولكن المشهد الواضح حتى الآن على أقل تقدير هو أنه كما استفادت جماعة الحوثي من مساندتها المزعومة مع غزة لحشد الدعم العسكري وجلب الاستعطاف الشعبي، فقد وجد الجانب الإسرائيلي في ذلك فرصة لمهاجمة أذرع إيران في المنطقة بما في ذلك الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان، والتي وصفها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال ظهوره الأخير بـ "أذرع الشر الإيراني".

وفي رسالة تصعيدية، ظهر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي "دانيال هاغاري" الخميس الماضي ليؤكد مواصلة بلاده بالتحرك ضد أي تهديد لها في الشرق الأوسط، معتبراً أن الحوثيين أصبحوا "مصدر تهديد عالمي".

 

أهداف هامشية

 

أعلنت جماعة الحوثي الإرهابية، الخميس الماضي، عن مقتل 10 عمال جراء القصف الإسرائيلي على ميناء الحديدة ورأس عيسى غربي اليمن، إضافة إلى ست غارات جوية استهدفت محطتي الكهرباء في حزيز وذهبان في العاصمة المختطفة صنعاء.

ومن جهته اعتبر مجلس القيادة الرئاسي هذا العدوان الإسرائيلي على الأراضي اليمنية محملاً جماعة الحوثي مسؤولية هذا التصعيد والانتهاك للسيادة الوطنية، داعيا إلى "تغليب مصلحة الشعب اليمني على أي مصالح أخرى".

ومن المُلاحظ أن الضربات الإسرائيلية ركزت أهدافها على خزانات النفط ومحطات الكهرباء في كل المواقع المستهدفة سواء في ميناء الحديدة أو في محطة ذهبان ومنطقة حزيز في صنعاء الخميس الماضي.

كما تحدث الإسرائيليون بوضوح أن استراتيجيتهم الحالية تستهدف المنشئات الاقتصادية التي قالوا إنها تدعم الحوثيون، كما زعموا أنهم استهدفوا مواقع عسكرية للحوثيين لكن في الحقيقة أن إسرائيل لم تستهدف مواقع عسكرية للحوثيين حتى الآن.

وفي هذا الإطار، يعتقد المحلل والخبير العسكري والاستراتيجي عميد ركن/ محمد عبدالله الكميم، أن إسرائيل ما تزال حتى الآن تعبر عن فشلها في توجيه ضربات حقيقية وموجعة للحوثيين.

ويبين الكميم في حديثه لـ"المجهر" أن الحكم بنجاح الضربات الإسرائيلية يتوقف على قدرتها باستهداف قيادات وخبراء عسكريين في صفوف جماعة الحوثي وخبراء أو مخازن الصواريخ ومستودعات الأسلحة.

كما أشار إلى أن الضربات الإسرائيلية ضد الحوثيين لا تقارن بحدة الضربات التي تشنها على غزة أو تلك التي وجهتها ضد حزب الله في لبنان أو حتى في سوريا.

 

ضجيج إعلامي

 

يعتبر المحلل العسكري والخبير الاستراتيجي الكميم، أن الغرض من الضربات الأخيرة على الحوثيين هو إيصال الضجيج الإعلامي كون الاستهداف الإسرائيلي مُركز على المنشئات الاقتصادية الحيوية الرخوة التي يمكن من خلالها تصاعد ألسنة اللهب ليشاهدها العالم وبذلك تكون قد أوصلت الرسالة المطلوبة. 

كما أن الحكومة الإسرائيلية تريد أن تخفف الاحتقان الشعبي ضدها، وفقا لتقديرات المحلل الكميم الذي يفسر أن الإسرائيليين يريدون من خلال هذه الضربات أن يخبروا الجميع برسالة مفادها "نحن هنا موجودون وثابتون" في منطقة الشرق الأوسط.

وفي حديثه لـ"المجهر" يقول العميد الكميم، إنه وبالرغم من أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة أعقبتها رسائل تهديد لقيادات الحوثيين إلا أنها خلال الضربات الماضية لم تحقق أي نتيجة ألحقت الضرر بالجماعة.

ويضيف: " نعلم جميعا أن ميليشيا الحوثي الإرهابية لا يعنيها السيادة اليمنية ولا مصالح ومقدرات الشعب اليمني، وبالتالي فأن هذه الضربات تعطيها قوة أكثر مما توجعه وتمنحها فرصة للمتاجرة بمعاناة الشعب اليمني وقضاياه".

ولفت إلى أن جماعة الحوثي ستسعى من خلال هذه الضربات لإبراز نفسها كحركة مقاومة إسلامية بما يمكنها من "كسب تعاطف العالم والتحشيد والتعبئة للجبهات في الداخل".

 

تهديدات استراتيجية

 

خلافا لما سبق سرده، يجب أن ندرك بأن هناك فوارق كبيرة بين ما يصنعه الحوثيون من تهديد ضد الإسرائيليين إلى جانبهم حلفاء إيران في المنطقة من حزب الله في لبنان إلى المقاومة الإسلامية في العراق وبين الرد الإسرائيلي العنيف.
يقول الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية د. علي الذهب، إن التهديدات الإسرائيلية التي تستهدف الحوثيين هي استجابة بقدر معين من العنف تجاه مصادر تهديد ناشئة (جماعة الحوثيين).

كما يشير إلى أن تصرفات الحوثيين هي ضمن مهام محور المقاومة والتي كان لها دور في المواجهة مع إسرائيل أثناء اندلاع معركة (طوفان الأقصى)، مضيفاً " هكذا يفهم دورها بصرف النظر عن الأحداث السياسية للحوثيين أو لغيرهم من فواعل العنف ما دون الدولة في المنطقة التي شاركت في هذه المواجهة اسنادا لغزة".

ويبين الباحث الذهب في حديثه لـ"المجهر" أن المحصلة لهذه المواجهة أن خريطة مشهد العنف والعنف المضاد يبرز عبر تقدير من دفع الثمن أكثر على مستوى البُنى التحتية وهياكلها وعلى مستوى القدرات البشرية والعسكرية والمادية.. وغير ذلك، معتبراً أن " إسرائيل هي من كسبت جولة الصراع هذه للأسف الشديد" حسب تقديره.

ويضيف أن " التأثير كبير جدا ويقاس على انه تأثير استراتيجي وليس عملاً عبثياً على الاطلاق" مؤكداً على أن العمل العبثي هو قيام الحوثيين بإطلاق مجموعة من الصواريخ أو الطائرات غير المأهولة ونحو ذلك، والمحصلة الانفجاري لها كسر نافذة أو إحداث حفرة في شارع أو حوش منزل.

 

تدمير البنية التحتية

 

تخطت الضربات الإسرائيلية حدود ثلاث دولة وذهبت مقاتلاتها إلى أكثر من 2000 كيلو متر وصولاً إلى مواقع الحوثيين في اليمن، وهو ما يجعلها ضربات استراتيجية من حيث المدى.

ويرى الباحث اليمني د. علي الذهب، أن هذه الضربات إلى جانب أنها تحمل بُعدا استراتيجيا من حيث المدى، فهي أيضا استراتيجية من حيث التأثير لأنها ضربت بُنى استراتيجية تمثل ركائز اقتصادية واجتماعية وخدمية.

ويؤكد على أن هذه الخسائر دُفعت من رصيد البلد على مستوى الموانئ ومصادر انتاج الطاقة الكهربائية أو صوامع الغلال وخزانات الوقود وحتى المعسكرات، مشيراً إلى أن جميعها تؤثر بشكل استراتيجي على قدرات الدولة سواء في حالة السلم أو الحرب.

بمعنى أن الخسائر هذه التي حدثت داخل اليمن في مناطق سيطرة الحوثيين نتيجة الهجمات الإسرائيلية كلفت الكثير من رصيد البلاد الذي اكتسبته خلال ستة إلى سبعة عقود وربما أكثر من ذلك.

كما أن استنزاف موارد الدولة أو توظيف الموارد التي سيعاد بها تأهيل هذه البُنى والهياكل أو صيانتها أو إنشاء وإيجاد بديل لها سيكلف أموال مضاعفة، وفقا لحديث الذهب الذي قال إنه كان بالإمكان توظيفها في مجالات أخرى اجتماعيا واقتصاديا أو حتى عسكريا.

لكن يشير الذهب إلى نقطة مهمة في هذا الجانب، وهي أن هذه "البُنى التحتية في كل الأحوال تدعم بشكل أو بآخر استقرار سلطة الحوثيين والنيل منها يؤثر على هذا الاستقرار" حيث يخلق سخط شعبي وتدني في الخدمات العامة.

 

فراغ عربي

 

تفتقد الردود الحوثية المتواضعة لقيمتها الاستراتيجية سوى من الأثر النفسي في الوسط الشعبي الموالي لها من خلال إثارة الضجيج الإعلامي الذي يأتي في ظل فراغ في الردود من خلال الأنظمة العربية الأخرى وغيرها.

فمنذ انطلاق معركة "طوفان الأقصى" لم نلاحظ دولة وجهت ضربة باتجاه إسرائيل بينما أحدثت ردود الأفعال هذه والاستجابات لحزب الله في لبنان أو للحوثيين في اليمن أو المقاومة الإسلامية في العراق صدى واسع.

وفي حديثه لـ"المجهر" يقول الباحث علي الذهب، أن ما يحدث هو نتيجة طبيعة لحال الشعوب العربية التي تشعر بالانتكاسة من صمت الأنظمة الرسمية، وبالتالي فأن قيام هذه الجماعات بالدور جعلها تخطف الأضواء.

وعلى الجانب الآخر، يرى الذهب أن الضربات الإسرائيلية في اليمن تؤدي أغراضا عسكرية، فبالرغم من إن كان القانون الدولي والقواعد العرفية تحرم ضرب الأعيان المدنية، إلا أن هناك مبرر في القانون الدولي أيضا وهي الضرورات العسكرية الناشئة إذا ما وظفت هذه الانشاءات في خدمة العمل العسكري بشكل أو بآخر.

إلا أنه يشير إلى أن ذلك لا يبرر الضرب على الأعيان المدنية معبراً عن إدانته واستنكاره لهذه الضربات، وفي الوقت ذاته قال إن " إسرائيل دمرت البنى التحتية في غزة كلها وجعلتها كومة رماد أمام العالم كله، وعندما نتحدث هنا عن القانون الدولي فكأننا نتحدث عن مثالية مفرطة".

واعتبر الذهب أن إسرائيل وجهت ضربات على منشئات خدمية يسيطر عليها الحوثيين لغرضين:

-    الأول: من أجل إنهاك سلطة الأمر الواقع (الحوثيين) لأن إسرائيل تحاول تدمير هذا العدو المتمثل بحلفاء إيران في المنطقة بكافة الوسائل وفي أدق المفاصل
-    الأمر الثاني وهو ما يُعتقد أن هذه المنشئات قد تؤدي دوراً سياسيا أو اقتصاديا أو حربيا لمصلحة هذه السلطة.

 

نظام العصابات

 

حوَّل الحوثيون وفقا لطبيعتهم الحربية كل البُنى والهياكل العسكرية إلى مناطق أشباح وأخذوا بالعمل بأسلوب حرب العصابات في (حرب لا تماثلية) وهذه الحرب انعكست طبيعتها على مقدراتهم المادية التي تقوم عليها الجيوش وأصبح التعامل مع التشكيلات المسلحة للحوثيين تعامل العصابات.

وفي هذا الجانب أشار الباحث العسكري والاستراتيجي د. علي الذهب إلى أن المعسكرات الحوثية اليوم باتت جرداء حيث أنها لم تعد تمتلك قواعد عسكرية وإنما مجموعة من الهياكل الفارغة.

وأضاف أن قوة الحوثي العسكرية أصبحت تتمثل في تجمعات بشرية مختلفة في بطون الأودية وتحت الأشجار إلى جانب الأنفاق الأرضية والمخابئ المستحدثة، الأمر الذي صعَّب على المخابرات الإسرائيلية والأمريكية الوصول إليها، وبالتالي لجأت إسرائيل إلى ضرب الأهداف المدنية.

وتطرق إلى الاختلافات بين الضربات الإسرائيلية عن التي تشنها الولايات المتحدة معتبرا أن الأمريكيين لا يزالون يحترمون نسبيا قواعد القانون الدولي التي تعد أمريكا هي أحد حراسه الافتراضيين.

ولفت كذلك إلى أن الجانب الأمريكي لديه قدرة كبيرة على خلق بنك من المعلومات الدقيقة التي تسلط هجماتها عليها، بما في ذلك المناطق التي تثار منها الشواغل الأمنية للحوثيين.

وتشمل الأهداف الأمريكية مواقع إعداد وإطلاق المسيرات والصواريخ بالإضافة إلى تعقب حركة الأعمال العدائية للحوثيين على الأرض، والذي يؤكد انتقالها من ضرب الأهداف الثابتة إلى ضرب الأهداف المتحركة كما حدث في البيضاء منتصف نوفمبر/تشرين الثاني من العام الجاري.

 

موارد الحوثيين

 

استهدفت الهجمات الإسرائيلية بدرجة رئيسية موارد الحوثيين في حين لم تستهدف المواقع العسكرية للجماعة، في صورة تحمل رسائل استعراضية لكي يشاهد الناس الحرائق التي خلفتها الضربات الإسرائيلية على خزانات الوقود.

وبالتأكيد فإن الضربات الإسرائيلية حققت تأثيرا بالغاً فهناك إحصائية تقول إن الخسائر التي تكبدتها جماعة الحوثي في ميناء الحديدة قبل الهجوم الأخير بلغت حوالي 500 مليون دولار وفقا لمركز صنعاء للدراسات نقلاً عن مصادر حوثية.

أما بالنسبة للهجمات الأخيرة في الحديدة، فقد استهدف 8 من "اللينشات" التي تقود السفن ولم يتبقى سوى اثنين أحدهما في ميناء الحديدة والأخر في ميناء الصليف، بينما لم يتم الكشف عن آثارها حتى اللحظة ولكن بشكل أو بآخر ستظهر الآثار في المستقبل القريب.

وبالحديث عن أسباب عدم توجيه الضربات الإسرائيلية نحو الأهداف العسكرية للحوثيين، يتوقع الصحفي المتخصص في شؤون جماعة الحوثي سلمان المقرمي، أن ذلك سيكون في المرحلة القادمة مع احتمالية تطور هذه الهجمات.

وفي حديثه لـ"المجهر" يقول المقرمي، إن إسرائيل ستقوم بتصفية حساباتها مع أذرع إيران في المنطقة حتى في حال توقفت حرب غزةـ وبالتالي فمن المتوقع أن تستمر التهديدات الإسرائيلية التي تستهدف جماعة الحوثي في اليمن. وفقا لتصوره.

 

استرخاء إسرائيلي

 

يبدو الوضع مريحا بالنسبة لإسرائيل بعد تدمير غزة وإلحاق الهزيمة بحزب الله في لبنان وسقوط نظام الأسد، وهو ما يجعل إيران في موقف ضعيف بالمنطقة ما يجعل أنظار الإسرائيليين تتجه الآن صوب الحوثيين في اليمن.

ومن الواضح أن سقوط نظام الأسد جعل الحوثيون مترددين في مواصلة الهجوم ضد إسرائيل وسط دعوات لقيادات حوثية بالتوقف عن الضربات، ومنهم على سبيل المثال نائب رئيس الوفد المفاوض لجماعة الحوثيين عبدالملك العجري، والذى قال إن على المحور الإيراني أن يرتاح وينظر إلى مصالحه ويترك القضية الفلسطينية.

ويرى الصحفي سلمان المقرمي، أن كلمة المرشد الإيراني علي خامنئي الأخيرة هي من أعادت ترتيب الأولويات لجماعة الحوثيين إلى حد ما وبالتالي تجددت الضربات الحوثية ضد الأراضي المحتلة بمزاعم استهداف إسرائيل.

إلا أن المقرمي يشير إلى التأثير اليوم ليس فقط بسبب الضربات الإسرائيلية فقط وإنما بسبب تأثير الوضع الحالي بشكل كامل على الحوثيين بمعنى أن هذا الوضع يعلن انتهاء التفاوض حول خارطة الطريق، خصوصا في ظل التحركات الأمريكية في المنطقة التي استغلت الفرصة، بالرغم من أن الجانب السعودي لم يبدي استعداده للحرب ضد الحوثيين.

ويضيف أن الحوثيين باتوا اليوم يشعرون بحالة من العزلة الشديدة بعد خسارة حزب الله وسقوط نظام الأسد وتسارع المواقف العربية والدولية المؤيدة لإرادة الشعب السوري.

وبذلك يكون الحوثيون قد خسروا التعاطف الشعبي في الخارج والذي اكتسبوه بمزاعم اسهامهم في حرب غزة، وهو ما ظهر في خطابات زعيم جماعة الحوثي المتتالية والتي بدا فيها متأثر من التجاهل الشعبي لمواقفه. وفقا لتحليل المقرمي.

 

تهرب حوثي

 

ظلت جماعة الحوثي تتهرب من خارطة الطريق التي كانت قاب قوسين أو أدنى من التوقيع قبل عام ونصف أي قبل اندلاع حرب غزة، وفي ثلاث مراحل حيث كان الهدف منها هو التخفيف من معاناة الناس واثبات جدية الحوثيين في الانخراط بعملية السلام وتطبيع الأوضاع في اليمن.

يقول المحلل والخبير العسكري والاستراتيجي عميد ركن/ محمد عبدالله الكميم، أن الجميع يدرك أن جماعة الحوثي حتى وإن وقعت على الخارطة فإنها لن تقبل بالسلام، مؤكدا على أن خارطة الطريق جاءت لإنقاذ الحوثيين بعد مواجهتهم لحالة سخط شعبية كبيرة وظلوا يتهربون من الاستجابة لحقوق المواطنين.
 
كما أن عملية طوفان الأقصى جعلت الجماعة تهربت من جديد من أي التزام تجاه معاناة اليمنيين بما في ذلك استحقاقات السلام وصرف المرتبات وتعلقت بقضية غزة في مناوراتها عبر استهداف خط الملاحة الدولي في البحر الأحمر وضرب مواقع إسرائيلية في الأراضي المحتلة. وفقا للكميم.

وأشار إلى هذه الممارسات الحوثية التي وصفها بـ "العنتريات" عادت بالفائدة على أمريكا وإسرائيل والدول الغربية في عسكرة البحر الأحمر، كما استفادت إسرائيل اليوم بوجود مبرر لمهاجمة كل الأذرع الإيرانية في المنطقة باعتبارها مصدر الشر والخطر عليها.

ومع مرور الوقت اكتشف العالم أن هناك تجار حروب وجماعات تعلقت بهذه القضية لغسل جرائمهم بما في ذلك الحوثيين في اليمن التي استغلت عملية طوفان الأقصى لاستعطاف كثيرة من الشعوب العربية والإقليمية.

 

فقدان خارطة الطريق

 

تمتلك اليوم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، تراكم خبرة في التفاوض مع الحوثي من خلال الاتفاقات السابقة، والتي كان اخرها اتفاق ستوكهولم والهدن التي لحقتها إلى جانب اتفاقية جنيف 1 وجنيف 2 واتفاق الكويت وما سبقها من اتفاقيات في الحروب الست.

وفي حديثه لـ"المجهر" يعتقد المحلل محمد الكميم أن جماعة الحوثي استطاعت حتى الآن أن تفتك من الضغوط الشعبية التي كانت تواجهها وكذلك من التوقيع على خارطة السلام.

ويضيف: "في الفترة الأخيرة عقب الهزات التي حصلت في المنطقة بما في ذلك في سوريا ولبنان وغزة، بدأ الحوثيون ينحنون مجددا لمتطلبات خارطة الطريق ووافقوا عليها، حتى أنهم وافقوا على خارطة معدلة أمريكيا ولكنها رفضت من قبل القيادة الشرعية في اليمن".

كما يشير إلى أن هناك رفض من قبل الدولة الأجنبية لهذه الخارطة، معتبرين أنها تمثل طوق نجاة للحوثي والذي يجيد دائما الانحاء أمام هذه المخاطر ويعتبرها ضمن تكتيكات الحرب.

وعموما فقد وجد اليمنيون في الظروف الحالية فرصة مواتية من أجل مواجهة الدعاية الكاذبة لجماعة الحوثيين بدعاية مضادة استطاعوا من خلالها أن يكشفوا ألاعيب الجماعة وحجم اجرامها بحق الشعب اليمني.