تعاني محافظة تعز، جنوب غربي اليمن، من أزمة مياه حادة تفاقمت بسبب الحرب الحوثية، والحصار الذي تفرضه على المدينة منذ العام 2015، حيث توقفت العديد من محطات المياه بسبب الانقسام الحاصل في المحافظة بين المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي الإرهابية وتلك الواقعة ضمن نفوذ الحكومة المعترف بها.
وبفعل التدمير المستمر للبنية التحتية من قبل الحوثيين في تعز تأثرت مصادر المياه، وأصبحت غير قادرة على تلبية احتياجات السكان المتزايدة، حيثُ يضطرون لشراء صهريج مياه (وائت) بأسعار مرتفعة تصل إلى 30 ألف في ظل ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة، إضافة إلى تقاعس الجهات المعنية عن وضع حلول جذرية، ما يجعل مشاريع إعادة التأهيل لشبكة المياه تواجه تحديات كبيرة.
انخفاض الإنتاج
مع تصاعد الحرب الحوثية على المدينة، وصل حجم العجز المائي إلى ٪60 في تعز قبل عام 2014، حيث كانت تعتمد على 88 بئرًا موزعة على 4 حقول مائية، بقدرة إنتاجية تصل إلى 20,600 متر مكعب يوميًا.
ومع توقف الضخ من الآبار الواقعة في مناطق سيطرة الحوثيين أو على خطوط التماس، وانخفض الإنتاج إلى 5,768 متر مكعب يوميًا.
ويقدر المهندسون أن جماعة الحوثي، تسيطر على 70٪ من الموارد المائية التي تمتلكها المحافظة، وعلى أهم الحقول خصوصًا حقول حوجلة والحيمة، كما أن هناك آبار جوفية في مناطق التماس بين القوات الحكومية، وتسيطر عليه الجماعة المدعومة من إيران ناريًا.
أزمة مياه
ويشكو المواطنين من أزمة المياه بسبب الحرب وتقاعس السلطة في توفيره، قيس الصنوي (مواطن) أحد سكان المدينة أكد في حديثه لـ"المجهر" أن أكثر حاجة تؤثر على حياتهم اليومية، كآباء هي انعدام المياه. مضيفا "نحتاج مع أسرنا للكثير من المياه التي نستخدمها في تغسيل الملابس، والتنظيف الجسدي، أو الوضوء للصلاة، حيثُ نفتقر له كثيرًا".
وعن حجم المعاناة المستمرة منذ بداية الحرب، أضاف الصنوي " أغلبية أوقاتنا سارح راجع نجلب من مياه السبيل". موضحًا أنه "عبيت ألفين لتر بـ 12 ألف ريال، بعد يومين من انتظار جاري لأجل يأخذ ألفين لتر الباقي، كي يوافق صاحب الوائت يبيعه". شاكيًا أنه ما نقدر نشتري وائت كامل، وأغلب الناس كذلك".
وأضاف لـ"المجهر" أن أكبر التحديات التي تواجههم للحصول على مياه نظيفة: أن "المياه ليست نظيفة، حتى مياه الكوثر إذا اضطرينا أن نأخذ ماء كوثر ليست صحية".
وبالنسبة لإعادة تأهيل آبار المياه، قال الصنوي أن: "الكويت جابت تقريبًا 8 آبار داخل تعز، وصلحت وجابوا محولات وتم الضخ، لكن السلطة المحلية للأسف لم تقدر على توزع الماء بالترتيب، كون أن بعض الحواري تحصل على مياه والبعض لا". لا فتا أن عملية الضخ ما زالت ليست منظمة خالص.
وأشار في حديثه، أنه يوجد قصور كبير من جهة مؤسسة المياه ولا يوجد لهم تواجد بالشكل المطلوب لإعادة التأهيل وإصلاح البنية التحتية بحيث يستفيد جميع المواطنين.
إلى ذلك، يقول المواطن محمد عبدالعزيز "نحن نعاني من أزمة مياه حادة منذ أكثر من عشر سنوات وتتضاعف علينا عام بعد آخر بسبب الحرب".
وأضاف في حديثه لـ"المجهر" أنه إلى اليوم ما زلوا ينتظرون وصول المشروع الحكومي إلى حارة التوحيد عصيفرة التي يسكن فيها "لكن يبدو أنه لا فائدة من ذلك حتى الآن".
وعبر بأسف: "أنا اشتري ألفين لتر بـ9 ألف ريال يكفينا لمدة أسبوعين فقط مع أنني أقطن بقرب أحد الآبار لا يبعد عني سوى بضع مئات الأمتار فقط ومع ذلك أبقى متخوفا من انقطاع الماء أو حصول أزمة مفاجئة".
الحقول المائية
قبل الحرب كانت آبار المياه تتوزع ، إلى 18 بئرًا في الحوجلة والعامرة، تنتج 7 ملايين لتر، و23 بئرًا في الحيمة وحبير، شمال المدينة، ينتج 4-5 مليون لتر، وحقول آبار الضباب حذران 9، تنتج 4 مليون لتر، و38 بئرًا موزعة داخل المدينة.
وبحسب إحصائيّات غير رسمية، أن حجم الآبار الإسعافية كان يحوي 38 بئرًا قبل الحرب، و٪79 من حجم المياه المغذية للمدينة كانت تنتجها الحقول الثلاثة المتوقفة حاليا.
كما أن إنتاج المياه من البئر 6 في حقل حيبر يكافئ إنتاج 22 بئر في الحقل الإسعافي. وكانت 30٪ تعد تغطية الآبار الإسعافية قبل الحرب، و70٪ كانت تستمد المياه من الخزانات الثلاثة الرئيسية.
ومع استمرار الحرب الحوثية على تعز، وتفاقم أزمة المياه الحادة، فأن 60٪ من مناطق المدينة لم تصلها قطرة ماء منذ بداية الحرب. وبحسب مؤسسة المياه، فأن 72٪ نسبة الدمار في شبكة الضخ والتوزيع ومنشأة المؤسسة.
آبار جديدة
في حديثه لـ"المجهر" يقول المهندس وليد الحاج، نائب المدير الفني لمؤسسة المياه في تعز، إن جهود إعادة تأهيل خطوط شبكة المياه والصرف الصحي مستمرة، حيث تعرض جزء منها لأضرار بسبب الحرب، في حين تعرض جزء آخر للنهب والسرقة. وأشار إلى أن بعض المواطنين قاموا بنقل العدادات والمحابس إلى داخل منازلهم حفاظًا عليها من السرقة.
وفي سياق متصل، أوضح الحاج أن المؤسسة بدأت بحفر 10 آبار في منطقة طالوق، حيث تم استكمال 5 حقول مائية، فيما لا تزال أعمال الحفر مستمرة في الخمسة المتبقية.
كما أشار إلى وجود بعض العوائق التي تواجه فرق العمل بسبب بعض المواطنين، مؤكدًا أن المؤسسة تعمل على معالجة هذه التحديات لضمان استمرارية المشاريع وتحقيق الاستفادة القصوى منها.
من جانبه؛ أكد المهندس محفوظ أحمد منصور، بأن قطاع المياه في تعز تعرض لأضرار جسيمة خلال سنوات الحرب، حيث كان تدمير وسرقة ونهب معدات إنتاج المياه في المحطات والآبار من أبرز الخسائر التي لحقت بالبنية التحتية.
وأضاف محفوظ في حديثه لـ"المجهر" أن الحرب أدت إلى انقطاع الكهرباء عن العديد من المحطات، مما تسبب في توقف ضخ المياه من الآبار الرئيسية في مناطق الضباب، الحيمة، الحوجلة، العامرة، الحوبان، وحبير، الأمر الذي أثر بشكل مباشر على إمدادات المياه لسكان المدينة.
أما فيما يتعلق بعمليات ضخ المياه، يؤكد المهندس الحاج أنه تم توصيل مياه بعض الآبار إلى خزانات المناخ الرئيسية، إلى جانب تركيب منظومة طاقة شمسية لدعم عمليات الضخ.
ويوضح أن المؤسسة تعتمد على الطاقة الشمسية خلال النهار لضخ المياه إلى الخزانات، ليتم توزيعها على المناطق وفق جدول زمني محدد، حيث تبدأ عملية الضخ من الساعة 9 صباحًا حتى 4 مساءً، وذلك حسب البرنامج المعلن على الصفحة الرسمية للمؤسسة على فيسبوك.
حلول ممكنة
يرى المهندس محفوظ، أن معالجة تشغيل الآبار المتوقفة داخل المدينة، بدأ تشغيلها بالطاقة الشمسية". لا فتا أن ما يقارب نصف آبار المدينة، على محطتين تشغيلية بالطاقة الشمسية وإضافة إلى إيجاد أو تركيب مولدات لتشغيلها بدلا عن الكهرباء التي انقطعت بسبب الحرب".
ومن الحلول المتوقعة حفر آبار بحوض المدينة حتى لا يستنزف الكمية من المياه الجوفية، ومن الممكن يكون بعدم قطع تراخيص حفر آبار عشوائية والحفاظ على تغذية المياه الجوفية، وحصاد المياه من الأسطح والمباني على مستوى الأفراد ودعم ذلك من المنظمات ببناء سدود وحواجز مائيّة".
ختاما؛ إن أزمة المياه في تعز تعد واحدة من أكبر التحديات التي تواجه سكان المدينة في ظل الحرب المستمرة، ورغم الجهود المبذولة من قبل الجهات المعنية لإعادة تأهيل الشبكات وتحسين الوضع، فإن الحاجة إلى حلول شاملة ودعماً دولياً يظل أمراً ضرورياً لضمان استمرارية توفير المياه بشكل مستدام.