تصعيد خطير.. الحوثيون يصدرون عملات جديدة تعمّق الانقسام النقدي (تقرير خاص)

تصعيد خطير.. الحوثيون يصدرون عملات جديدة تعمّق الانقسام النقدي (تقرير خاص)

في خطوة تصعيدية جديدة تُعمّق الأزمة النقدية وتزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي في اليمن، أعلنت جماعة الحوثيين خلال الأيام القليلة الماضية إصدار عملات جديدة تشمل ورقة نقدية فئة 200 ريال، إلى جانب عملة معدنية فئة 50 ريالاً.

هذا الإجراء، الذي أثار جدلاً واسعًا في الأوساط المالية والسياسية، يُعَدّ مؤشرًا واضحًا على مضي الجماعة في بناء اقتصاد موازٍ ضمن مناطق سيطرتها، ويُكرّس الانقسام القائم في السياسة النقدية بين البنك المركزي في صنعاء، الخاضع للحوثيين، والبنك المركزي في عدن التابع للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.

فالخطوة الحوثية ليست مجرد تدبير نقدي لمعالجة أزمة السيولة، بل تحمل أبعادًا استراتيجية تعكس رغبة الجماعة في فرض أمر واقع اقتصادي، على غرار ما تفعله في الجانب العسكري والإداري، ما يهدد بإدخال اليمن في مرحلة أعمق من الانقسام النقدي والمالي، ويقوّض فرص الوصول إلى تسوية شاملة.

 

اقتصاد موازٍ

 

منذ انقلاب الحوثيين على الدولة وسيطرتهم على العاصمة صنعاء أواخر العام2014، سعت جماعة الحوثي إلى بناء مؤسسات بديلة عن مؤسسات الدولة، ومن ضمنها القطاع المالي والنقدي؛ ومع مرور السنوات، تطور هذا التوجه إلى محاولات مستمرة لإنشاء بنية اقتصادية مستقلة، وهو ما تجلى بوضوح في إعلان الجماعة إصدار عملات معدنية وورقية جديدة.

وتمثل الورقة النقدية الجديدة من فئة 200 ريال أحدث حلقة في سلسلة إصدارات نقدية أقدمت عليها جماعة الحوثيين خلال الفترة الأخيرة، في إطار مساعيها المتواصلة لإحكام قبضتها على النظام المالي في مناطق سيطرتها، فقد سبقتها في إبريل/نيسان 2024 خطوة أثارت جدلاً واسعاً تمثلت في طرح عملة معدنية من فئة 100 ريال، تبعتها بعد ذلك عملة معدنية من فئة 50 ريالاً تم الإعلان عنها مطلع يوليو/ تموز الجاري.

وبرّرت الجماعة هذه الإجراءات بأنها استجابة ضرورية لمعالجة النقص الحاد في الفئات النقدية الصغيرة، واستبدال الأوراق التالفة التي باتت غير صالحة للتداول، وفي الحقيقة تُعزز هذه الخطوات من استراتيجية الحوثيين في إدارة السوق النقدية بشكل منفصل، خاصة في ظل استمرار البنك المركزي في عدن برفض التعامل مع أي عملة طُبعت بعد العام 2016، معتبرًا إياها خارج الإطار القانوني والنقدي للدولة.

وتعكس هذه الإصدارات توجهًا ممنهجًا لدى الحوثيين لإعادة تشكيل البنية النقدية بعيدًا عن البنك المركزي اليمني في عدن، عبر استحداث بدائل للفئات الورقية القديمة والمتآكلة، كما يُنظر إلى هذه الخطوات بوصفها محاولة عملية لتكريس أمر واقع مالي، يضفي طابع الاستقلال الاقتصادي للمناطق الخاضعة لها، ويزيد في الوقت ذاته من تعقيدات المشهد النقدي الوطني المنقسم بطبيعته.

وبحسب مراقبين فإن ما يلفت الانتباه في هذه الخطوات هو توقيتها الذي يأتي في ظل انكماش اقتصادي حاد، وتصاعد الأزمات المالية، وتراجع تحويلات المغتربين، ما يثير تساؤلات حول أهدافها الحقيقية، وما إذا كانت مجرد استجابة لأزمة نقدية، أم إعلان ضمني بإدارة نقدية مستقلة ومنفصلة.

 

تصعيد خطير

 

يقول الصحفي الاقتصادي وفيق صالح في تصريح خاص لـ "المجهر" إن طباعة الأوراق النقدية الجديدة من فئة 200 ريال، إلى جانب إصدار عملات معدنية، تمثل خطوة خطيرة ستكون لها تداعيات كبيرة على الأوضاع الاقتصادية والمالية في اليمن.

ويؤكد صالح أن هذه الإجراءات لا تُسهم في حل أزمة السيولة، كما يزعم الحوثيون، بل تعمّق الانقسام النقدي وتدفع نحو تكريس واقع انفصال تنظيمي نقدي لا عودة منه، معتبرًا أن هذه التحركات تأتي ضمن مسعى حوثي مدروس لتدمير ما تبقى من وحدة النظام النقدي والمالي في البلاد.

ويضيف: "الواقع الاقتصادي في مناطق سيطرة الحوثيين يقوم على الجبرية والقدرية، ويترافق مع مضاعفة الجبايات، في تنافٍ تام مع كل المبادئ والأسس الاقتصادية المعروفة".

ويشير إلى أن الجماعة لا تهدف إلى إصلاح الاقتصاد، بل إلى تقويض المؤسسات المالية القائمة، وتوظيف الانقسام لخدمة أجنداتها السياسية والعسكرية.

ويرى صالح أن إصدار هذه العملات يأتي أيضًا في سياق توجيه رسائل مزدوجة، الأولى إلى المجتمع الدولي، مفادها أن الجماعة ما تزال تملك أوراق مناورة يمكن استخدامها للحصول على تنازلات، والثانية للحكومة الشرعية التي تواجه مأزقًا في الرد الحاسم على تلك التحركات.

ويتابع: "هذه الإجراءات تتزامن مع التصنيف الأميركي للحوثيين كجماعة إرهابية، وإدراج محافظ البنك المركزي في صنعاء هاشم إسماعيل ضمن قائمة العقوبات الأميركية، وهي تحركات تستهدف بالدرجة الأولى تقليص الأنشطة المالية للحوثيين، وتحجيم تعاملاتهم الخارجية، خصوصًا ما يتعلق بالحوالات والاعتمادات المستندية".

ويحذّر صالح من أن البلاد تتجه نحو واقع نقدي مزدوج، وربما مختلق، مشيرًا إلى أن البنك المركزي اليمني في عدن قد يجد نفسه مضطرًا لاتخاذ إجراءات حاسمة لحماية ما تبقى من السيادة النقدية، إذا ما أرادت الحكومة التحرك الفعلي لإرباك الحوثيين وحصرهم في زاوية العزلة.

كما يشير في حديثه إلى أن هذا الانفصال النقدي لن يمس المؤسسات المالية فحسب، بل ينعكس أيضًا سلبًا على مصالح المواطنين، ويعمّق الأزمة الإنسانية في مناطق سيطرة الجماعة، حيث يعاني القطاع المصرفي من شبه شلل، وتُفرض إجراءات مالية تعسفية تخنق السوق والعمالة الوطنية على حدّ سواء.

 

تعميق الانقسام

 

تُخلّف هذه الخطوة الحوثية جملة من الآثار الاقتصادية والمعيشية والسياسية الخطيرة، أبرزها تعميق الانقسام النقدي بين شمال اليمن وجنوبه، بما يؤدي إلى تفكك النظام المالي الوطني وعرقلة الحركة التجارية بين المناطق المختلفة، فمع وجود عملتين تتعقد عمليات التحويل المالي، وتزيد تكلفة التبادلات، مما ينعكس سلبًا على أسعار السلع والخدمات، ويُفاقم معاناة المواطنين.

يرى خبراء اقتصاديون أن تكريس الانقسام النقدي هو أبرز ما نتج عن التصعيد الحوثي الأخير، فمنذ العام2017، حينما قرر البنك المركزي في عدن ضخ عملة مطبوعة جديدة، رفض الحوثيون التعامل بها، محدثين انقسامًا نقديًا فعليًا، وجاء رد الجماعة اليوم بإصدار عملات جديدة داخل مناطق سيطرتها ليعمق هذا الانقسام.

فيما يوضح مراقبون أن اليمنين يعيشون اليوم في ظل نظامين نقديين منفصلين، ما يعقّد حركة التجارة، ويؤثر سلباً على الدورة الاقتصادية، ويصعّب من مهام البنوك التي تضطر للتعامل بازدواجية بين العملتين، كما أدى هذا الانقسام إلى ظهور السوق السوداء للتحويلات بين المناطق، حيث تُفرض عمولات مرتفعة تفوق 50% في بعض الحالات.

وتؤدي هذه الإصدارات إلى فقدان الثقة بالعملة الوطنية، إذ يخشى المواطنون أن تكون هذه الطبعات بدون غطاء قانوني أو احتياطي نقدي حقيقي، ما يفتح الباب لمزيد من التضخم والانهيار التدريجي لقيمة الريال اليمني، إلى جانب اتساع الفجوة في السياسات النقدية بين البنكين المركزيين في صنعاء وعدن، وتدفع البنوك والمؤسسات المالية العاملة في اليمن إلى حافة الانقسام أو الإغلاق، كما حصل مؤخرًا مع نقل مقر البنك اليمني للإنشاء والتعمير إلى عدن.

أما على المستوى السياسي، فإن هذه الخطوة تمثل نسفًا فعلياً للتفاهمات التي تم التوصل إليها برعاية الأمم المتحدة في يوليو2024، وتُضعف أي مساعٍ مستقبلية لبناء الثقة أو إعادة توحيد القطاع المصرفي، وهي رسالة تحدٍّ واضحة من الحوثيين، ليس فقط للحكومة اليمنية، بل للمجتمع الدولي، بأنهم ماضون في تكريس سلطتهم الاقتصادية دون انتظار توافق سياسي شامل.

 

الموقف الحكومي

 

الحكومة اليمنية، أدانت عبر البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، إصدار الحوثيين للعملات الجديدة بشدة، واعتبرته تصرفًا غير قانوني يندرج ضمن ما أسمته "الحرب الاقتصادية" التي تقودها الجماعة المدعومة من إيران ضد الدولة والمجتمع.

وفي بيان رسمي، وصفت الحكومة العملة الصادرة بـ"المزوّرة"، واعتبرت أن إصدارها جرى بتوقيع منتحل صفة، مصنف على قوائم الإرهاب الدولية، وأن تداولها يمثل تهديدًا مباشرًا للنظام المالي الوطني، ومحاولة لتضليل المواطنين ونهب مدخراتهم.

كما هدد الائتلاف الحكومي المعترف به دوليًا بملاحقة كل من يتعامل بهذه العملات قضائياً، مؤكدة أن التعامل النقدي يجب أن يخضع لمرجعية البنك المركزي المعترف به دوليًا، إلا أن قدرة الحكومة على فرض هذه الإجراءات داخل مناطق سيطرة الحوثيين تبقى محدودة بفعل غياب النفوذ العملي على الأرض.

 

كيف تمّت العملية؟ 

 

رغم التكتم الشديد من قبل الحوثيين، تكشف المعلومات أن الجماعة شرعت قبل أكثر من 7 سنوات في تأسيس بنية داخلية متكاملة لطباعة العملة، بدعم مباشر من الحرس الثوري الإيراني، عبر شبكات تهريب وتوريد يقودها رجل الأعمال الإيراني "رضا حيدري"، المصنّف على قوائم العقوبات الأميركية منذ 2017 لدوره في عمليات تزييف عملات لصالح "فيلق القدس".

وبتمويل وتقنيات وفّرتها هذه الشبكات، بدأت جماعة الحوثي باستيراد طابعات متخصصة، وأوراق نقدية أمنية، وأحبار حساسة، ضمن عمليات معقدة تم تنفيذها عبر شركات واجهة، لتفادي الرقابة الدولية، بحسب المصادر.

وتفيد المصادر أن جماعة الحوثيين استوردت الورق النقدي الأمني من شركة صينية متخصصة، تمّت الصفقة بوساطة "شركة الزهراء" التابعة للقيادي الحوثي قصي بن إبراهيم الوزير.

كما تم استيراد الأحبار الحساسة المستخدمة في طباعة العملات من الصين أيضاً، لكن هذه المرة عبر قنوات التفافية مرّت عبر سلطنة عُمان، من خلال شركات تجارية تعمل كواجهات لغرض التمويه وتجنب الملاحقة الدولية.

هذه التحركات، التي بدأت سرًا منذ العام2017، تؤكد أن الجماعة لم تكن تسعى لمعالجة نقص السيولة فحسب، بل كانت تمهّد لانفصال نقدي فعلي، خارج الإطار المؤسسي للبنك المركزي اليمني.

في حين ذهبت مصادر مصرفية أخرى للقول بأن جماعة الحوثي قامت بطباعة الإصدار النقدي الجديد من فئة 200 ريال في مطابع خاصة بدولة إندونيسيا، وذلك بعد فشل عدة محاولات سابقة لطباعة أوراق نقدية في روسيا، وفقًا للصحفي فارس الحميري. 

وأوضحت المصادر أن المبالغ التي تم طبعها جرى إدخالها إلى اليمن بعد توقيع الهدنة الأممية، التي سمحت بوصول السفن التجارية إلى موانئ الحديدة دون الخضوع لعمليات التفتيش، وهو ما استغلته الجماعة لإدخال كميات من العملة المطبوعة بشكل سري.

وأشارت إلى أن عملية التوريد تمت عبر "مؤسسة الزهراء للتجارة والتوكيلات"، وهي جهة تعمل كواجهة اقتصادية للحوثيين، ولعبت دورًا محوريًا في عمليات غسل وتحويل الأموال لصالح قادة في الجماعة، وقد أدرجتها وزارة الخزانة الأميركية ضمن قائمة العقوبات في يونيو الماضي.

كما أكدت المصادر أن الحوثيين أدخلوا منذ عام 2019 معدات ومكائن حديثة للطباعة، جرى تركيبها في مطابع تتبع دائرة التوجيه المعنوي العسكرية بصنعاء، ما يعزز قدرتهم على طباعة عملات محليًا، خاصة إذا تمكنوا من استيراد أوراق البنكنوت الخاصة بطباعة العملة، وهي مواد يحاول الحوثيون منذ سنوات الحصول عليها بطرق غير شرعية.

 

فئات قادمة

 

يرى خبراء أن المحاولة الأولى للجماعة كانت تهدف إلى إنتاج أوراق نقدية بتصميم وتوقيعات مشابهة لتلك المعتمدة رسمياً من قبل البنك المركزي اليمني، غير أن تلك المحاولة باءت بالفشل، لأسباب تتعلق بتعقيدات فنية في التصميم والتنفيذ، إلى جانب مشكلات لوجستية تتصل بتأمين المستلزمات الفنية الحساسة.

وفي وقت لاحق، حاولت الجماعة نقل المعركة إلى الخارج، من خلال التفاوض مع شركات روسية لعقد صفقة طباعة عملات نقدية جديدة، لكن تلك المحاولة قوبلت بالرفض، وعوضاً عن ذلك، لجأت الجماعة إلى المضي في خطتها الداخلية، مستفيدة من الدعم التقني لشبكات الطباعة المرتبطة بإيران.

وفي العام2017، كشف محافظ البنك المركزي اليمني الأسبق، منصر القعيطي، عن ضبط شاحنة في محافظة الجوف، كانت تحمل أوراقًا نقدية مزوّرة من فئة 5000 ريال، وهي فئة غير معتمدة ضمن العملة الرسمية، إذ كانت الأوراق تحمل تصميمات تُنسب زيفًا للبنك المركزي اليمني، لكن التحقيقات رجّحت تورط الحوثيين في إصدارها، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية "سبأ".

وبعد فشل محاولة التزييف الورقي، تحوّلت الجماعة إلى استراتيجية بديلة تقوم على سكّ عملات معدنية للفئات الصغيرة، بدءً من فئة 100 ريال التي تم الإعلان عنها في مارس 2024، ثم فئة 50 ريالاً في يوليو الجاري، تليها فئة 200 ريال الورقية.

ويُثير إصدار هذه الفئة الجديدة من العملة مخاوف من تعميق الانقسام النقدي في اليمن، ويُعتبر خطوة إضافية في مساعي الجماعة لفرض واقع اقتصادي موازٍ يتعارض مع السلطة النقدية الشرعية المعترف بها دوليًا والمتمثلة بالبنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن.

ورغم أن هذه الفئات تُعدّ محدودة التأثير من حيث القيمة، إلا أنها تحمل دلالة رمزية كبيرة في سياق تكريس سلطة الحوثيين على النظام المالي، تؤكد المصادر أن الجماعة أنهت تصميم فئتين نقديتين إضافيتين من 500 و1000 ريال، وهما جاهزتان للإصدار، لكنها تتحفّظ على طرحهما في السوق حاليًا، ربما بانتظار لحظة سياسية مناسبة أو تترقب تزايد أزمة السيولة في مناطق سيطرتها.

 

ارتباك شعبي

 

على المستوى الشعبي، تسبب إصدار العملات الجديدة في ارتباك داخل الأسواق، ورغم الترحيب النسبي من بعض المواطنين في صنعاء، لاسيما ممن يواجهون صعوبة في التعامل بالأوراق النقدية التالفة، إلا أن الغالبية عبّرت عن مخاوفها من فقدان قيمة مدخراتهم، وتفاقم الفوضى النقدية.

ويشير عدد من التجار في العاصمة المختطفة صنعاء، إلى أن الورقة الجديدة فئة 200 ريال بدأت بالظهور فعلياً في المعاملات اليومية، لكنها لم تحظَ بعد بالقبول الكامل، فالبعض يشكك في شرعيتها، والبعض الآخر يخشى أن يُحاسَب قانونياً إذا غادر إلى مناطق الحكومة.

وأكد التجار أن استمرار الانقسام في العملة يعقّد تحويل الأموال بين المناطق ويؤدي إلى رفع أسعار السلع بسبب كلفة التحويل المرتفعة، وبالتالي، فإن المواطن العادي هو المتضرر الأول من هذا الصراع.

 

أداة ابتزاز

 

وعلى المستوى السياسي، تعكس الخطوة الحوثية تآكلاً في الثقة بين الأطراف اليمنية، وتعطي مؤشرًا واضحًا على غياب أي التزام باتفاقات السلام، ولو على المستوى الاقتصادي، إذ تمثل العملة الجديدة تحديًا لجهود المبعوث الأممي والوسطاء الإقليميين.

ويرى محللون أن الجماعة تستخدم الملف الاقتصادي كأداة تفاوض سياسي، فكلما شعرت بالجمود في المسار التفاوضي، تتخذ إجراءات أحادية تعزز من هيمنتها وتوسّع من استقلاليتها، لتفرض نفسها كسلطة أمر واقع أمام المجتمع الدولي.

هذا النهج، بحسب دبلوماسيين غربيين، قد يدفع إلى إعادة تقييم الاستراتيجية الأممية التي تقوم على تجزئة الحلول، بدلًا من معالجتها في حزمة واحدة سياسية - اقتصادية - إنسانية.

ورغم ذلك، بدا المجتمع الدولي بدوره متحفظًا لكنه قلق، إذ عبّرت بعثات الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وفرنسا في بيانات رسمية عن رفضها لأي إجراءات أحادية تؤدي إلى تعميق الانقسام النقدي.

كما أن المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، سبق أن حذّرت من طباعة عملات خارج الأطر القانونية، لما لذلك من أثر سلبي على استقرار الاقتصاد وتهديده بمرحلة انهيار شاملة.

وحتى اليوم، لا يبدو أن المجتمع الدولي يمتلك أدوات ضغط حقيقية لمنع هذه الإجراءات، لكنه في المقابل بدأ يفرض معايير صارمة على التحويلات المالية، ما قد يؤدي إلى مزيد من عزلة المؤسسات المالية في مناطق الحوثيين، في حال استمرت هذه السياسة النقدية الانفرادية.