الاثنين 16/سبتمبر/2024
عاجلعاجل

"لغته شاجبة للحوثيين وممارساتهم".. تفاصيل تقرير فريق الخبراء السري لمجلس الأمن بشأن اليمن

"لغته شاجبة للحوثيين وممارساتهم".. تفاصيل تقرير فريق الخبراء السري لمجلس الأمن بشأن اليمن

المجهر - متابعة خاصة

كشفت مصادر إعلامية عن تفاصيل التقرير السنوي الحديث لفريق الخبراء التابع للجنة العقوبات (2140) في مجلس الامن.

وجرى توزيع التقرير على جميع أعضاء مجلس الأمن منذ نحو اسبوعين، وأحاطه الجميع بسرية خلافا للأعوام الماضية، حيث لم تنشر الأمم المتحدة نسخة من التقرير الذي اعتادت نشره ورفع السرية عنه بحلول نهاية يناير من كل عام، وفقًا لما نشره طلال الحاج، مراسل قناة العربية في نيويورك.

وبحسب المصدر، اتسمت لغة تقرير فريق الخبراء بكونها شاجبة وبقوة للحوثيين وممارساتهم في اليمن كما حمَّل التقرير مليشيا الحوثي مسؤولية الأوضاع السياسية والاقتصادية والإنسانية المزرية لليمن.

ومن الناحية العسكرية، تناول تقرير الخبراء الفترة الأولى، التي يغطيها التقرير ما بين ديسمبر 2021 - مارس 2022، ووصفها بأنها فترة شهدت هجمات عسكرية حوثية متصاعدة داخل اليمن، وهجمات حوثية متصاعدة خارجه ضد دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. 

وتطرق التقرير إلى هجمات الحوثيين، التي استهدفت الإمارات والسعودية، بالصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، بالإضافة إلى شن هجمات من الجو بطائرات "درون - تطير دون طيار"، محمَّلة بالمتفجرات، حيث شن الحوثيون في الـ17 يناير 2022 هجوما غير مسبوق ضد عاصمة دولة الإمارات أبوظبي، ونتج عن هذا الهجوم مقتل عدد من المدنيين.

وفي ال 28 من فبراير 2022 أصدر مجلس الامن قرارا شجب فيه وبأشد لهجة " الهجمات الإرهابية الشنيعة ضد دولة الامارات والمملكة العربية السعودية". الحوثيون تبنوا مسؤولية الهجمات، مما دفع بالتحالف على الرد عسكريا عليهم بسلسلة من الهجمات على أهداف حوثية، نتج عنها اصابات مدنية أيضا.

وفيما يتعلق بالهدنة العسكرية، التي بدأت في الـ2 من إبريل 2022 بوساطة أممية، ذكر التقرير أن الشهور الست الأولى منها شهدت هدوءا نسبيا، واستؤنفت خلالها الواردات النفطية عبر ميناء الحديدة، بالإضافة إلى السماح بعدد محدود من الرحلات الجوية التجارية مقلعة من مطار صنعاء، حملت خلالها أكثر من 42,500 راكب مدني.

وبحسب التقرير، فقد أجرت جماعة الحوثي -في سبتمبر 2022- استعراضات عسكرية كبيرة في الحديدة وصنعاء، استعرضوا خلالها أسلحة جديدة بحوزتهم، تشمل الصواريخ وطائرات دون طيار (درونز)، وألغاما بحرية وأسلحة أخرى، ومع ذلك لم تستمر الهدنة العسكرية طويلا.

ووفقًا لتقرير الخبراء، السبب في عدم استمرار الهدنة هو المطالب غير المعقولة من قِبل الحوثي، مثل مطالبهم بأن تدفع حكومة اليمن مرتبات جميع العسكريين العاملين في القوات الحوثية، إضافة إلى ذلك رفض الحوثي رفع الحصار عن مدينة تعز؛ لتكون النتيجة عدم تمديد الهدنة بعد الـ2 من أكتوبر 2022.

وأشار تقرير الخبراء إلى أنه ازدادت جرأة الحوثي بعد ذلك، وذلك في الظاهر بسبب إبداء المجتمع الدولي الاستعداد بقبول مطالبهم، وهو قبول كان دافعه تحقيق هدف رئيسي واحد، ألا وهو المحافظة على استمرارية الهدنة وتطبيقها، إلا أن زيادة جرأة الحوثيين أدت بهم إلى تغيير إستراتيجيتهم.

وفي المرحلة الثالثة من الهدنة، وإلى جانب استمرار الحوثيين في مطالبهم بأن تدفع الحكومة اليمنية مرتبات العاملين في جهازهم العسكري، حاولوا أيضا أن يضعوا حدا لوصول العائدات النفطية إلى الحكومة اليمنية، جراء صادرات النفط اليمني الخام، بحسب تقرير الخبراء.

وبحسب التقرير فقد تحولت استراتيجية الحوثي إلى مهاجمة القدرات الاقتصادية للحكومة الشرعية، وخلق عدم الاستقرار في الاوضاع الاقتصادية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية كما منع الحوثيون في مناطق سيطرتهم، استخدام وتداول العملة الورقية الصادرة عن البك المركزي لليمن في عدن.

وتبنت مليشيا الحوثي سياسات مثيرة للانقسام في القطاعين المصرفي والاقتصادي، حيث شنوا هجمات ضد ممتلكات شركات الاتصالات التي تتخذ من عدن مركزا لها، وهددوا وهاجموا موانئ ومحطات تكرير للنفط، وهاجموا سفن نقل النفط، بالإضافة لإقرارهم لقانون جديد يمنع فوائد المصارف المالية والتجارية.

وذكر التقرير أنه يوجد حاليا في اليمن نوعان من الأوراق النقدية، ونظامان لأسعار العملات، مع فرض الحوثيين للقيود على حركة السلع الاستهلاكية داخل اليمن، بالإضافة الى فرض الضرائب المزدوجة عليها، والتحصيل غير المشروع للضرائب والرسوم.

وأكد التقرير بأن هذه العقبات الاقتصادية، بالإضافة الى شن الهجمات العسكرية، هما أمران يشكلان تهديدات خطيرة للسلام والأمن والاستقرار في اليمن.

ووفق المصدر، تحدث تقرير الخبراء عن التقارير التي تناولت وقوع اشتباكات بين القوات الموالية للحكومة اليمنية وبين الحوثيين في مأرب، والحديدة والبيضاء والجوف وصعدة وتعز، وقال إن قوات الحكومة اليمنية قامت بعمليات لمكافحة الإرهاب في أبيان وشبوة، ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية العام الماضي.

وفيما يتعلق بناقلة النفط "صافر" قال عنها تقرير الخبراء إنها مازالت تشكل تهديدات بيئية وانسانية محتملة لليمن والمنطقة ، وأن الأمم المتحدة اتخذت عدة إجراءات لتطبيق خطة لإنقاذ السفينة، إلا ان قضايا شائكة وعالقة تتعلق بملكية الناقلة صافر، وعائدات بيع النفط على متنها، تظل دون حل مناسب.

وبشأن سبل توصيل الأسلحة غير المشروعة إلى الحوثيين فتظل وبصورة كبيرة دون تغيير خلال الفترة التي يغطيها  التقرير، إذ ما زلت معظم الأسلحة والذخيرة والمواد الأخرى المرتبطة بها  تُهرب الى الحوثيين باستخدام السفن التقليدية "الداو" التي تبحر باستخدام الاشرعة وطاقة الرياح وتُهرب الأسلحة أيضا باستخدام السفن الصغيرة في بحر العرب،

ولفت فريق الخبراء إلى أنه يحقق حاليا في 7 قضايا جديدة تتعلق بعمليات التهريب البحري، بعضها يشمل المتاجرة بالأسمدة والمواد الكيميائية التي يمكن استخدامها في صناعة المتفجرات وكمصدر للوقود الصلب الذي يستخدم كقوة دافعة للصواريخ.

وذكر بأن المواد الكيميائية تْهرب عبر جيبوتي الى موانئ يمنية مطلة على البحر الأحمر تحت سيطرة الحوثيين، وهذا خلافا لسبل تهريب الأسلحة والذخيرة التي تنقل عادة الى شواطئ تتحكم فيها "اسميا" حكومة اليمن، وتقع في جنوب شرق اليمن.

كما أفاد فريق الخبراء بأنه يحقق فريق الخبراء أيضا في حاويات اطلاق للصواريخ الموجهة، المضادة للدبابات، والتي يتم تهريبها من خلال اخفائها في شاحنات نقل تجارية عبر الحدود البرية بين اليمن وعُمان.

وتمكن فريق الخبراء الان من تحديد هوية أشخاص ينتمون لشبكة على علاقة وثيقة بالحوثيين في اليمن وعُمان ويقومون بتجنيد أعضاء طواقم التهريب، ويقومون أيضا بتسهيل حركة تنقلاتهم عبر أراض تقع تحت سيطرة الحكومة اليمنية، وتوفير العربات وسفن النقل لهم.
 
ويقول تقرير فريق خبراء اليمن التابع لمجلس الامن، إن الفريق يولي اهتماما كبيرا الان لاتهامات صادرة عن العديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بان سفن التهريب التقليدية "الداو"، تحصل على حمولتها المزمع تهريبها، اثناء رسوها في موانئ إيرانية.

ويوجد في حوزة فريق خبراء اليمن الان احداثيات نظام تحديد الموقع GPS، المستقاة من معدات ملاحية، ومن طائرة بدون طيار "درون" عُثر عليها في احدى قوارب التهريب، وتؤكد ان مواقع موانئ شحن المواد المزمع تهريبها، تقع في ايران، او بالقرب من ايران.

وبالرغم من ان فريق الخبراء لا يستطيع التحقق من جميع تفاصيل اتهامات الدول الاعضاء، الا ان الفريق لاحظ ان معلومات ادلت بها بعض طواقم سفن التهريب عند استجوابها، بعد احتجاز سفنهم -لاحظوا- ان المعلومات الناتجة عن الاستجوابات تؤكد تفاصيل الاتهامات الموجهة من الدول الاعضاء للحوثي.

‏ووفقا للتقرير، يتمسك فريق الخبراء بموقفه الذي يؤمن به منذ امد طويل، وهو أن بعض الأسلحة المهربة بعد اكتشافها واحتجازها ومصادرتها على الحدود مع عُمان، مثل الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، وُجد بعد تفحصها انها تحمل خصوصيات فنية وعلامات مطابقة لصواريخ مصنعة في ايران.

أما البنادق الهجومية والذخيرة المهربة التي تم اكتشافها ومصادرتها  في ديسمبر عام 2021، يقول تقرير الخبراء ان مصدرها في الغالب كان بالأصل دولة أخرى، عضو في الأمم المتحدة، وارسلت بها هذه الدولة الى كيانات موجودة داخل ايران.

‏وعلى الجبهة السياسية الداخلية، فقد تبنت الحكومة اليمنية، فور بدء الهدنة، آلية جديدة للحكم الجماعي من خلال "مجلس قيادة رئاسي"، وهو وإن لم يكن متماسكا تماما، الا انه أكثر شمولية وأكثر تمثيلا لأطياف الشعب، بالرغم من ان اعضاءه لديهم طموحات سياسية واجندات متنوعة خاصة بهم.

وبحسب التقرير، بعض الأعضاء في مجلس القيادة الرئاسي مدعومون بالمال وسبل تأييد أخرى، ومن جهات ذات مصالح خاصة، ولديهم قوات مسلحة تابعة لهم، كما يمارسون سياسة الامر الواقع في الأراضي التي يتحكمون بها. التحدي الاخر الذي يواجه المجلس القيادي كيفية دمج القوات المسلحة المختلفة وتوحيد قيادتها.

ولتحقيق دمج القوات وتوحيد القيادة العسكرية لها، تم تشكيل لجنة عسكرية وامنية مشتركة خاصة بها. تماسك مجلس القيادة الرئاسي يظل ضعيفا، ففي خلال الأشهر القليلة الماضية وقعت اشتباكات بين بعض المجموعات المسلحة التابعة للمجلس.

ويضيف تقرير خبراء اليمن محذرا، بأنه إن لم يتم ايقاف الحوثيين عن الاستمرار في شن هجماتهم، فان استمرارية مجلس القيادة الرئاسي كجبهة وطنية موحدة، ستواجه تحديا خطيرا في المستقبل.

أما العقوبات المالية المفروضة على اشخاص محددين من قبل الأمم المتحدة، وعلى الذين يقومون بأعمال نيابة عنهم، او يقومون بالأعمال وفقا لتعليماتهم، والعقوبات المفروضة على كيانات يمتلكها هؤلاء او يتحكمون بها، فهم مستمرون في تملكها والتحكم بها.

وبحسب التقرير، يستمر الحوثيون ايضا في تمويل أرصدة مالية ومصادر اقتصادية بصورة مباشرة او غير مباشرة، خارقين بذلك نظام العقوبات. بينما يستمر الحوثيون في التحكم المشروع وغير المشروع في مصادر العائدات المالية مثل الجمارك، والضرائب والزكاة، و العائدات غير الضريبية والرسوم غير المشروعة.

‏تمكن الحوثيون من جمع ضريبة "الخمس" على العديد من النشاطات الاقتصادية، بما في ذلك صناعة استخراج المعادن، ومصادر الهايدروكاربونات، والمياه وقطاعات صيد الأسماك، والمستفيد من كل هذه العائدات - وفقا لتقرير الخبراء الاممي- هم أسرة الحوثي وعدد من الموالين لهم.

وأشار إلى أن القطاع العقاري ينتج ايضا عائدات مالية كبيرة لصالح الحوثيين بعد ان صادروا وبالقوة مساحات شاسعة من الأراضي والمباني خلال الفترة التي يغطيها التقرير. ويستخدم الحوثيون أيضا عددا كبيرا من شركات الاتصالات لإرسال ملايين الرسائل التي تطلب حشد الدعم والمساهمات المالية لمجهودهم الحربي.

وازدادت الواردات النفطية من خلال ميناء الحديدة في اعقاب الهدنة، ففي خلال الفترة ما بين 1 إبريل- 30 نوفمبر2022، وصلت لميناء الحديدة 69 ناقلة نفطية تحمل 1,810,498 طنا من المشتقات النفطية، مقارنة ب 585,069 طنا من مشتقات النفط تم استيرادها على متن 30 سفينة مابين يناير- ديسمبر 2021.

كما ارتفعت حجم الواردات النفطية نتجت عنه عائدات ضريبية للحوثي بلغت 271.935 مليار ريال يمني مابين ابريل – نوفمبر 2022. ولكن الحوثي لم يستخدم هذه العائدات في دفع مرتبات الموظفين الحكوميين، خارقا بذلك بنود اتفاقية استوكهولم.

واتهم التقرير مليشيا الحوثي في الاستمرار في تحصيل غير مشروع للرسوم، من خلال شبكتهم من التجار. بل هم يذهبون الى حد خلق نقص مصطنع أحيانا في ندرة إمدادات الوقود، من اجل خلق فرص للتجار التابعين لهم لبيع الوقود في السوق السوداء والحصول على أسعار ورسوم غير مشروعة، بحسب المصدر ذاته.

وأكد أن المليشيا الحوثية مستمرة في ارتكاب الخروقات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الانسان، ويشمل ذلك شن هجمات عسكرية عشوائية او موجهة عمدا ضد المدنيين، او البنية التحتية المدنية.

كما يستمر الطرف الحوثي أيضا بالقيام بالاعتقالات التعسفية للمدنيين وتعذيبهم، والعمل على اختفائهم قسريا، الى جانب ارتكاب خروقات خطيرة أخرى. اضف الى ذلك عدم وجود أي آلية للمحاسبة او أي آلية  لتقديم الدعم للناجين، أو لمساعدة أسر الضحايا.

وهناك أيضا حملة الحوثي المستمرة لغسل أدمغة الأطفال وتجنيدهم في قواتهم المسلحة، واستخدامهم كمقاتلين، مخالفين بذلك التزاماتهم القانونية، والتزاماتهم بموجب اتفاق خطة العمل الذي وقعوا عليه مع الأمم المتحدة في ابريل 2022، والرامي لوقف تجنيد الأطفال ووقف الخروقات الخطيرة ضدهم.

كما يستمر الحوثي في استخدام العنف ضد الموظفين الانسانيين وفرض القيود على تحركات العاملين الانسانيين، والتدخل في النشاطات الإنسانية.

إقرأ أيضًا: الأمم المتحدة : عدد ضحايا الألغام الأرضية في الحديدة ارتفع بنسبة 160%