الاثنين 16/سبتمبر/2024
عاجلعاجل

المراكز الصيفية الحوثية.. قنبلة موقوتة في خاصرة المجتمع اليمني (تقرير خاص)

المراكز الصيفية الحوثية.. قنبلة موقوتة في خاصرة المجتمع اليمني (تقرير خاص)

المجهر- تقرير خاص

تواصل جماعة الحوثي المدعومة إيرانيا، تفخيخ عقول الأطفال بمناهج مدججة بأفكار عقائدية تحرضهم فيها على العنف والكراهية من خلال الدورات التي تقيمها في المراكز الصيفية.

ومنذ انقلابها على مؤسسات الدولة في سبتمبر من العام 2014م، عملت جماعة الحوثي على استقطاب الآلاف من الأطفال والمراهقين لتجنيدهم في المراكز الصيفية بمناطق سيطرتها.


وتهدف الجماعة إلى تنشئة جيل قابل لخدمة مشروعها الطائفي لسنين قادمة في حربها ضد اليمنيين، لذا فهي تقوم بتعبئتهم بأفكار خاطئة ومنحرفة فيما يخص الموروث الديني والثقافي للشعب اليمني تضمن بواسطته السيطرة على عقول النشأ واستغلالهم لصالحها باعتبارهم مخزون بشري تدفع بهم إلى جبهات القتال.

تفخيخ العقول

ترتكب جماعة الحوثي سلسلة من الجرائم بحق الأطفال، تبدأ بالضغط على أولياء الأمور عبر مدراء المدارس والمشرفين وعقال الحارات للموافقة على تسليم أبناءهم ممن وقع الاختيار عليهم للالتحاق بالمراكز الصيفية.
وهنا تكمن خطورة هذه المراكز ومضمونها، حيث تعمل الجماعة على تجريف عقول الأطفال نحو اعتناق ثقافة العنف والكراهية، إلى جانب تنشئة جيل مجرد من القيم والمعتقدات السليمة.

"تحول ابني بعد انضمامه إلى مركز صيفي في صنعاء من طفل مسالم يحترم الآخرين ويحب الدراسة واللعب إلى تفضيل العنف والسلاح والتغني بالزوامل" هكذا يصف والد الطفل أحمد عن الحال الذي وصل إليه ابنه بعد أسبوع من التحاقه بدروات صيفية يقيمها الحوثيون.

وفي حديثه لـ"المجهر" قال والد الطفل أحمد " في أحد أيام العطلة الدراسية جاء عاقل الحارة سلم عليَّ وقال لي هذا احمد ابنك أعتبره مثل أبني وأتمنى له كل خير، ثم أخبرني بأنهم سيقيمون مركزا صيفيا في المدرسة وضروري يستغل العطلة ويتعلم قراءة القران والكتابة بدل اللعب في الشارع". موضحاً أن ذلك هو ما جعله يقبل بتسجيله.

ويشير بأن ولده بدأ يتغير تدريجيًا في معاملته لوالده وأخوته وأصدقاءه في الحارة بعد فترة بسيطة من التحاقه بالمركز الصيفي، تحول فيها من طفل مهذب مع الجميع إلى شخص آخر يحمل بداخله الحقد والكراهية.

ويضيف والد الطفل بندم " لم أكن أتوقع أن قرار إرسال ابني إلى المركز الصيفي سيغيره إلى هذه الدرجة، ليعود وحشاً يصارع بقية أفراد عائلة ويتحدث إلينا بأفكار غريبة ومتطرفة".

أفكار مسمومة

تروج جماعة الحوثي في مراكزها الصيفية لمنهجها الشيعي القائم على ثقافة العداء للمخالفين لها وتعزيز ثقافية الكراهية للآخر، مستغلة ضعف الوعي لدى الآباء في حماية أطفالهم من هذه الأفكار الغريبة عن ثقافة وعادات اليمنيين.

ولأن الأطفال في مقتبل العمر يمرون بمرحلة مهمة في التنشئة حيث ما تزال عقولهم غضةً طرية، الأمر الذي تستثمره جماعة الحوثي من أجل تفخيخ عقول الصغار وتعبئتهم بأفكارها الطائفية مما يخلق فجوة مجتمعية تهدف إلى تدمير ممنهج للأجيال القادمة وإعادتها إلى عقود من الجهل والظلم التي عاشها اليمنيون قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م.

يقول ع.ب (رفض الكشف عن اسمه) " تحدثنا إلى بعض الطلاب المشاركين في هذه المراكز الصيفية، فوجدناهم يعتقدون أن الاحتفال بالأعياد الولائية واليوم الغديري هو الأهم ويجب أن يركزوا تعلم طقوسها".

وأضاف في حديثه لـ"المجهر" أن " أحد هؤلاء الطلاب قال له إن عيد الغدير مناسبة إسلامية ونعمة من الله كعيد الفطر والأضحى، بينما الأعياد الوطنية التي نحتفل بها تشكل انحطاط وبسبب تلك الأعياد تهبط هذه الامة الى الأسفل".

قنابل موقوتة

تتعمد جماعة الحوثي تعليم الأطفال لأفكارها المنحرفة القائمة على التطرف العنصري بشكل كبير، سعياً إلى صناعة أجيال مفخخة بمشروعها الطائفي وبطريقة ممنهجة كما سعى لذلك مؤسس الجماعة بدر الدين الحوثي وابنه الأكبر حسين بدر الدين الحوثي منذ البداية، وهو ما يسير عليه في الوقت الراهن زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي.

إذ أن المناهج الخاصة بالمراكز الصيفية للحوثيين، تعتمد بشكل أساسي في دروسها على ملازم مؤلفة من قبل هذه القيادات، وكلها تُكرس مبدأ الولاء والطاعة للجماعة والعداء لمن يخالفهم لأنهم يزعمون امتلاك الحق بتولي الحكم فقط لكونهم من آل البيت.

ووفقًا لتقرير المركز الأمريكي للعدالة حمل عنوان "صناعة العنف والكراهية" فقد ذكر أن المناهج التي تدرسها جماعة الحوثي للأطفال في المراكز الصيفية تحتوي على أفكار طائفية بما تتضمنه من مفردات تكرس ثقافة العنف وتدعو الى الكراهية والتمييز.

وبحسب التقرير الذي نشر بتاريخ 11 من شهر يونيو الجاري، تم استعراض عدد من المناهج وفي معظمها كانت الجماعة تدعي صحة المذهب الذي يتبعه الحوثيين وبطلان ما ورد عن غيرها، مدعمة ذلك بشعارات طائفية تحرض على العنف والقتل ضد كل من يخالف مذهبهم
كما لا تخلوا محتويات هذه المناهج من المقولات والمصطلحات الطائفية التي تطعن في سيرة وأفعال بعض الصحابة والخلفاء والعلماء في مختلف العصور الإسلامية ممن لا يتفقون مع أفكارهم الطائفية.

وجاء في التقرير ذِكر أحد الملازم التي وردت في هذه المناهج تحت عنوان "المولاة والمعاداة" حيث تصف في محتواها بعض من الخلفاء المسلمين وعلماء الفقه والدين بالسفهاء الظالمين والطغاة المحرفين للدين مشيرين لمعاوية بن أبي سفيان.

وأوضح التقرير أن المراكز الصيفية تنقسم إلى نوعين؛ فهناك المفتوحة وهي الغالبية وفيها يتم الاهتمام بالثقافة الجهادية التعبوية، والمشاركة في فعاليات ومناسبات جماعة الحوثيين كزيارة مقابر قتلاها.

كما أن هناك مراكز مغلقة وهي أشبه بمعسكرات التجنيد، يتم فيها تهيئة الملتحقين بها بالتدريب على استخدام الأسلحة والأساليب القتالية، وتنفيذ الحملات عبر الإنترنت، ومشاهدة فيديوهات تحريضية ضد المناوئين للجماعة.

مآرب أخرى

من الواضح أن هدف جماعة الحوثي من المراكز الصيفية لا يقتصر على تفخيخ الأطفال بالمعتقدات الطائفية بل تتخذ من ذلك غطاء لاستقطابهم إلى معسكراتها وتدريبهم على حمل السلاح والزج بهم الى الجبهات بشكل مباشر.

وكانت تقارير أممية عدة أدانت جماعة الحوثي بسبب انتهاكاتها ضد حقوق الأطفال في اليمن، واتهمت الجماعة بتجنيد الأطفال تحت غطاء هذه المراكز الصيفية.

وتخصص جماعة الحوثي أكثر من نصف مليار ريال تكاليف لطباعة أكثر من 60 ألف ملزمة تحتوي على خطب ومحاضرات حسين بدر الدين وعبد الملك الحوثي لتلقينها الأطفال المستقطبين إلى المراكز الصيفية حسب تقرير المركز الأمريكي للعدالة.

ويستهدف الحوثيون الأطفال في الأرياف بشكل خاص لتطويعهم نحو المراكز الصيفية التي تديرها، وإعدادهم فكرياً ونفسيًا ليصبحوا قنابل موقوتة في المجتمع اليمني ضد كل من يقف ضد الجماعة.

ويتعرض الأطفال في هذه المراكز لعمليات تلاعب في أفكارهم ورغباتهم من قبل جماعة الحوثي حتى يسهل عليها تغيير شخصياتهم وهويتهم الحقيقية فيما يخص وعيهم الديني وقيمهم الإنسانية وتجريفهم نحو اعتناق الأفكار الشيعية المتطرفة، ما يجعل الأمر أكثر خطورة على المجتمع ويشكل عائقاً كبيراً أمام السلام والاستقرار في المنطقة.

رفض شعبي

مصادر حقوقية ذكرت لـ"المجهر" أن جماعة الحوثي اعتقلت عددا من المواطنين المناهضين لها في محافظة ذمار إثر رفضهم السماح لأبنائهم بالالتحاق في المراكز الصيفية التي تنظمها.

وأوضحت المصادر أن عناصر من جماعة الحوثي أقدمت خلال أيام الأسبوع الماضي، على اعتقال 16 مواطن من المناهضين.

وأضافت المصادر أن المعتقلين نُقلوا إلى سجون الجماعة في مدينة ذمار والبعض منهم نقل إلى سجن الأمن والمخابرات فيما البقية إلى سجن البحث الجنائي بالمدينة.

واتهم هؤلاء المواطنين جماعة الحوثي بإنشاء هذه المراكز الصيفية لغسل عقول أطفالهم وتعبئتهم بأفكار متطرفة تعرضهم للخطر والموت.

اقرأ أيضا: جماعة الحوثي تتودد لإيران بحربها ضد البهائيين في اليمن