الاثنين 16/سبتمبر/2024
عاجلعاجل

بعد عودة وفد الحوثيين.. هل تفتح مشاورات الرياض الطريق للسلام في اليمن؟

بعد عودة وفد الحوثيين.. هل تفتح مشاورات الرياض الطريق للسلام في اليمن؟

المجهر- تقرير خاص

عاد وفد الحوثيين المفاوض، أمس الثلاثاء إلى العاصمة صنعاء، بعد 5 أيام من مغادرته إلى الرياض رفقة الوسيط العماني لتمهيد بدء مفاوضات السلام بين الأطراف اليمنية بعد أكثر من تسع سنوات من الحرب.

الأمر الذي دفع البعض للتأكيد بأن ذهاب وفد الحوثيين إلى الرياض يعد مؤشر إيجابي على الدفع بعملية السلام في اليمن، بعد أن كانت الجماعة ترفض وساطة الرياض وتعتبرها طرفا في الحرب دون الاعتراف بالحكومة المعترف بها دوليًا كممثل للشرعية في البلاد.

لقاء بن سلمان

وخلال زيارته إلى العاصمة السعودية الرياض، التقى وفد الحوثيين المفاوض برئاسة عبدالسلام فليته بوزير دفاع المملكة الأمير خالد بن سلمان، بحضور الوسيط العماني.

وقال بن سلمان في تغريدة على منصة إكس (تويتر سابقا) “التقيت وفد صنعاء الذي زار الرياض، لاستكمال الجهود الرامية لدعم مسار السلام في اليمن”.

وأضاف وزير الدفاع السعودي: “أكدت خلال لقائي بالوفد وقوف المملكة مع اليمن وشعبه الشقيق، وحرصها على تشجيع الأطراف اليمنية للجلوس على طاولة الحوار، للتوصُّل إلى حل سياسي شامل ودائم في اليمن تحت إشراف الأمم المتحدة”.

كما أعرب بن سلمان عن تطلّعه بأن تحقق النقاشات الجادة أهدافها، وأن تجتمع الأطراف اليمنية على الكلمة ووحدة الصف؛ لينتقل اليمن إلى نهضة شاملة وتنمية مستدامة للشعب اليمني الشقيق، في ظل استقرار سياسي وأمن دائم، يتكامل مع النهضة التنموية للمنظومة الخليجية.

من جهتها، أكدت الخارجية السعودية، أنها تعمل على خارطة طريق لدعم مسار السلام في اليمن، تتوافق عليها جميع الأطراف.

ورحبت الخارجية في بيان لها، بنتائج النقاشات التي أجراها الفريق السعودي مع الحوثيين في الأيام القليلة الماضية والتي وصفتها بالإيجابية والجادة.

وأضافت أن النقاشات التي جرت عبر فريق التواصل والتنسيق السعودي برئاسة السفير السعودي لدى اليمن محمد بن سعيد آل جابر، بمشاركة الأشقاء في سلطنة عمان مع وفد الحوثي برئاسة محمد عبدالسلام فليته في مدينة الرياض، تأتي استكمالاً للقاءات السابقة مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي ومع الحوثيين في صنعاء.

تطورات جوهرية

يرى مراقبون بأن ثمة تطورات جوهرية طرأت مؤخرًا على الملف اليمني، ومن المرجح أن تقود إلى اتفاق لوقف نهائي للحرب، تتمثل هذه الاستراتيجية بتجديد الهدنة بين الحوثيين والحكومة الشرعية، والبدء بحلحلة الملفات الإنسانية المتفاقمة جراء الصراع الممتد لتسعة أعوام متتالية.

ومنذ بدء الحرب عام 2015، وصل الخميس الماضي، وفد حوثي إلى العاصمة السعودية الرياض، بهدف لعقد مفاوضات مع قيادات سعودية في إطار الجهود المشتركة التي تقودها الرياض وسلطنة عمان لحل أزمة بلد يشتركان معه في حدود برية وبحرية واسعة.

وتفيد المعلومات بأن المملكة  كانت قد وجهت في وقت سابق دعوة لوفد من صنعاء لزيارة الرياض لمواصلة المحادثات بشأن وقف إطلاق النار.

وأحدثت زيارة الوفد الحوثي، إلى الرياض تساؤلات عديدة عن دوافع الجماعة لزيارة الرياض، بينها زيادة الضغوطات الشعبية في مناطق الحوثي، بسبب تنصل الجماعة من القيام بواجباتها تجاه الشعب، واستمرار قطع الرواتب الذي ينذر بانفجار الغضب الشعبي في وجه الحوثيين.

ملفات مهمة

يأمل اليمنيون بعد أكثر من تسع سنوات من الحرب ، بأن تفضي تلك المشاورات لحلول واعدة، وسط ترحيب حكومي بجهود السعودية وسلطنة عمان، والمساعي الأممية والدولية، التي تهدف بدفع عملية السلام في اليمن.

وفي هذا السياق، قال محمد عبد السلام، رئيس الوفد المفاوض، إن السلام هو الخيار الأول الذي يجري العمل عليه معبّراً عن أمله أن تُتوَّج نقاشات الرياض بتقدم ملموس في كل الملفات الإنسانية والعسكرية والسياسية وبما يحقق السلام والاستقرار في اليمن ودول الجوار والمنطقة.

وأضاف عبدالسلام في تصريح لصحيفة الشرق الأوسط السعودية أن زيارة الوفد إلى العاصمة السعودية الرياض تأتي في سياق النقاشات السابقة التي جرت مع الوفد السعودي في مسقط وصنعاء.

وأكدت مصادر مطلعة في الرياض، أن النقاشات التي جرت هناك كانت نقاشات شبه نهائية في عدد من الملفات والتي كان قد تم مناقشتها سابقًا في كلًا من مسقط وصنعاء، أبرزها العسكرية والاقتصادية والإنسانية.

وأضافت المصادر، أنه تم مناقشة تثبيت ملف وقف إطلاق النار بشكل دائم، في مختلف المدن اليمنية، بما في ذلك الغارات الجوية والهجمات العابرة للحدود، وكذا إعادة تصدير النفط والغاز من الحقول اليمنية، على أن تخصص العائدات لصرف مرتبات جميع الموظفين مدنيين وعسكريين في كافة المحافظات.

وحسب المصادر فإن هناك مقترح لتوريد العائدات إلى أحد البنوك في دولة محايدة لضمان الصرف، وفق آلية يتم الأتفاق عليها كما️ تتضمن المقترحات توحيد وإعادة هيكلة البنك المركزي اليمني ونقله الى دولة محايدة  بشكل مؤقت لتنفيذ مهامه بشكل مهني ومحايد والتحضير لعملية سياسية يمنية شامله أثناء تنفيذ بنود الاتفاق.

وقد جرت نقاشات الرياض دونا عن وجود ممثلين عن المجلس الرئاسي والحكومة اليمنية لكن في حال التوصل الى نقاط اتفاق نهائية فإن الحكومة والحوثيين هم من سيوقعون على الاتفاق برعاية من الأمم المتحدة, وفق مراقبين.

ضغوط شعبية

يعتقد الكاتب الصحفي سلمان المقرمي أن هناك العديد من الدوافع وراء تقدم المفاوضات، أولها الهزيمة العسكرية للحوثي في مأرب وشبوة مطلع العام الماضي، أدت إلى إفقاده القدرة على استمرار الحرب أو الهجوم، بالإضافة

لزيادة الغضب الشعبي المتفاقم، "رأينا صحيفة الأخبار اللبنانية في الأيام الماضية وهي مقربة من حزب الله حليف الحوثي تعترف أن الضغوط الشعبية في اليمن  ساهمت بقوة في هذا الأمر".

ويضيف المقرمي في تصريح خاص لـ "المجهر" أن الانقسامات داخل جماعة الحوثي نفسها أدت إلى تفرق الجماعة، وتعدد أولوياتها وزاد من ضعفها بالإضافة إلى عوامل خارجية مثل الجهود الأمريكية والضغوط التي تريد من خلالها إنهاء ملف اليمن كأولوية لسياسة بايدن مع قرب انطلاق حملات الانتخابات الأمريكية، وتحسن العلاقات الأمريكية الإيرانية والاتفاق السعودي الإيراني.

من جهته، يشير عبد السلام محمد، رئيس مركز أبعاد للدراسات إلى أن سبب ذهاب جماعة الحوثي إلى الرياض هو التطورات الإقليمية والدولية خاصة تواجد القوات البحرية الأمريكية في المنطقة، ووضع الجماعة الداخلي بسبب التهرب من الالتزامات تجاه الشعب وضغط الشارع في مسالة الرواتب والضغوطات الدولية بالإضافة للضغط الإيراني على الجماعة، بسبب التقارب مع السعودية من أجل تخفيف العقوبات الإقتصادية، على إيران وخوفًا من التصادم العسكري مع القوات الأمريكية بالخليج.

مكاسب اقتصادية

على الرغم من عودة وفد الحوثيين إلى صنعاء دون إعلان الطرفين عن النقاط التي تم الاتفاق عليها إلا أن ذلك يؤكد سعي الجماعة لإحراز أي تقدم في المفاوضات وتحقيق مكاسب اقتصادية, خصوصا بعد تصاعد الغضب الشعبي في مناطق سيطرة الجماعة وارتفاع الأصوات المطالبة بصرف المرتبات المنقطعة منذ أكثر من تسع سنوات.

ويعتقد الصحفي المقرمي أنه من الصعب أن نعرف ما الذي تم الاتفاق عليه ولكن شبه المؤكد أن تمديد الهدنة ومعالجة قضية المرتبات، وهذين النقطتين أهم شيء في المفاوضات لأن الحوثي يفتقد القدرة على شن هجمات عسكرية، ومعارك برية والاحتجاجات المتفاقمة في صنعاء ضده وفشله، في إدارة مؤسسات الدولة وخدماتها وقطعه المرتبات.

بينما يشير رئيس مركز أبعاد للدراسات، إلى أن جماعة الحوثي، حاولت الخروج بمكاسب اقتصادية ضخمة والحصول على جزء من الثروة النفطية، والتشارك في إيرادات الدولة اليمنية، دون التشارك بالإيرادات التي يحصلون عليها في مناطقهم كما أن الحوثيين لن يقبلوا بسلام حاليا، ولن يذهبون إلى سلام حقيقي إنما للاتفاق على بعض الملفات منها الإنسانية والاقتصادية خاصة بما يتعلق بصرف الرواتب وفتح الموانئ والمطارات اما اتفاق سلام نهائي فهو مستبعد حاليا.

وفي الملف الإنساني أكدت المصادر أن النقاشات تمت حول رفع كافة القيود عن مطار صنعاء الدولي، وكذا عن ميناء الحديدة وإلغاء الآلية الأممية المعمول بها منذ عدة سنوات وفتح بعض الطرقات بشكل تدريجي ومتزامن منها طرق رئيسية في كلا من محافظات تعز والضالع ومأرب والحديدة، كما تدور مناقشات حول تبادل إطلاق سراح كافة الاسرى والمعتقلين بما في ذلك المختطفين والمخفيين قسرًا.

إلى ذلك، علق السفير السابق د. عبدالوهاب طواف في تدوينة عبر منصة "إكس" حول زيارة الوفد الحوثي للرياض، "الجميع يعرف أن جماعة الحوثي ستماطل كالعادة في ترتيبات الحل النهائي، فهذه الجماعة تبحث عن مصالحها لا عن مصالح اليمنيين، ولذا كل أطروحاتهم ستتصادم مع مصالح اليمنيين، ولكن توقف الحرب واستمرار الهدنة هي مكسب لليمنيين فالحرب هي النافذة الوحيدة للجماعة لمواصلة ممارساتها العبثية ضد اليمنيين، وبالسلام ستتأكل خزعبلاتهم وطائفيتهم أمام الشعب اليمني".

وخلال الأسابيع الماضية, ازداد الضغط الشعبي في مناطق سيطرة الحوثيين والمطالبة بصرف المرتبات وتقديم الخدمات، إذ أعلن نادي المعلمين الإضراب الكلي ، حتى يتم صرف جميع مرتباتهم، بالإضافة إلى تأسيس نادي خاص بالأكاديميين وموظفي الجامعات الحكومية والذي يسعى إلى زيادة الضغط على الجماعة الحوثية من أجل صرف مرتباتهم، بالإضافة إلى ذلك فإن الصوت المعارض للجماعة الحوثية في مناطق سيطرتها كان قد بدأ بالتحرك الجاد وانتقاد الجماعة في أمور كثيرة.

اقرأ أيضا: احتفالات المولد.. مناسبة موسمية لنهب الأموال في مناطق الحوثيين (تقرير خاص)