الأربعاء 18/سبتمبر/2024
عاجلعاجل

حراك دولي لافت.. هل نشهد انفراجة وشيكة للأزمة اليمنية؟(تقرير خاص)

حراك دولي لافت.. هل نشهد انفراجة وشيكة للأزمة اليمنية؟(تقرير خاص)

المجهر- تقرير خاص

في الآونة الأخيرة تصاعدت التحركات الدولية بخصوص الملف اليمنين، وشهد ملف الأزمة المستمرة منذ أكثر من تسع سنوات تدخلات مباشرة ضمن جهود الأمم المتحدة للوصول إلى تسوية سياسية شاملة وسلام دائم بين أطراف النزاع، بعد أن باتت الحرب غير مجدية لفرض سيطرة أحد الأطراف على القرار في البلاد على حساب القوى الأخرى.

وبالتزامن مع المفاوضات التي تجرى لإيجاد مخرج للأزمة في البلاد، يظهر استعراض الحوثيين واستعدادهم لخوض جولة جديدة من الحرب قد تكون أكثر ضراوة من سابقتها، بعد أن رتبت الجماعة أوراقها منذ تعثر الهدنة الأممية في أكتوبر/ تشرين أول الماضي.

حراك دولي

منتصف أغسطس/ آب الجاري وصل وفد الحوثيين المفاوض إلى الرياض بوساطة عمانية في أول زيارة علنية للعاصمة السعودية منذ تدخل التحالف العربي بقيادة المملكة لدعم الحكومة المعترف بها دوليا في العام 2015.

ووصفت السعودية المحادثات التي أجرتها مع الحوثيين لمدة خمس أيام بـ"الايجابية"، واستهدفت الوصول إلى خارطة طريق تدعم عملية السلام في اليمن، كما تضمنت استئناف تصدير النفط، وصرف رواتب الموظفين، وتوحيد العملة، ونقل البنك مؤقتا إلى دولة محايدة.

وبهذا الصدد، يعتقد الباحث والمحلل السياسي أحمد شوقي أن مباحثات السلام التي تجري في اليمن لها علاقة بقرب انتهاء ولاية جو بايدن، وبالتالي فإن الإدارة الأمريكية تضغط على السعودية للدفع بعملية السلام في اليمن للتوصل إلى حل شامل.

ويؤكد في تصريح خاص لـ"المجهر" بأن طهران وحلفاؤها تنصلوا من الاتفاقات المسبقة التي جرت خلال الاتفاق السعودي الإيراني، الأمر الذي يوحي بأن إيران تستغل الاتفاق لتحقيق امتيازات ومكاسب اقتصادية، وفي ذات الوقت تحرص على إبقاء الحوثيين وغيرهم من أدواتها كورقة ضغط في المنطقة.

ويضيف بأن السعودية ليس لها مصلحة في هذه المفاوضات، ولكن تجنب الضغوطات التي تفرضها الإدارة الأمريكية من خلال مباحثات صورية مع الحوثيين، لأنها تعلم يقينًا أن ذلك غير حقيقي وغير صحيح ولن يؤدي إلى أي نتائج بدليل أن الجماعة كما خبرناها خلال السنوات الماضية، تمارس المكر الكذب والتنصل في تنفيذ الاتفاقات.

تأييد واسع

عقب محادثات الرياض بين السعودية والحوثيين، توالت المواقف الدولية المؤيدة، حيث اعتبر المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ هذه المباحثات "خطوة مهمة" لتحقيق السلام في البلاد، معبرًا عن امتنان المنظمة الأممية لجهود الرياض ومسقط بهذ الخصوص.

وشدد الوسيط الأممي على تظافر الجهود والمساعي الدولية والاقليمية للوصول باليمن إلى بر الأمان والسلام المستدام الذي يلبي تطلعات كافة اليمنيين، حد قوله.

الأمر ذاته، أيده وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال لقاءه وزيري خارجية السعودية والإمارات في نيويورك، حيث أكد أن هناك تقدم كبير في الملف اليمني بشأن تحقيق سلام مستدام.

من جهته، قال المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ أن هناك دبلوماسية نشطة تنتهجها واشنطن عبر التواصل مع الجهات المختلفة، وستستمر في الإنخراط مع كل الفرقاء، لافتًا إلى أن مفاوضات الحوثيين في السعودية جزء لا يتجزأ من الجهود الأمريكية للوصول إلى سلام دائم في اليمن.

وحث ليندركينغ إيران إلى "دعم جهود السلام" في اليمن وتغيير سلوكها تجاهه، نافيًا دخول واشنطن مع طهران في أي اتصالات مباشرة في هذا الشأن، مضيفًا "حريصون جدًا على رؤية إيران تدعم جهود السلام، وأعلم أن العديد من الأطراف تتحدث إلى إيران ونحن بدورنا نتحدث مع تلك الأطراف".

كما جدد الاتحاد الأوروبي تأكيده على دعم عملية سلام شاملة بين اليمنيين برعاية الأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للسلام في بيان على منصة إكس (تويتر سابقًا) " يرحب الاتحاد الأوروبي بالجهود الجارية خاصة المبذولة من قبل المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان لإنهاء النزاع في اليمن".

وبدوره، أكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي أنه لا يمكن أن يسود الأمن في المنطقة إلا إذا توفر في اليمن، وقال في تصريح له على هامش اجتماعات الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة "قدمنا ما نستطيع في اليمن، وجهود السعودية وعمان لحل الأزمة محمودة".

وتزامن ذلك مع تأييد واسع لمباحثات الرياض من قبل دول عدة، على الرغم من عدم كشف الطرفين للنقاط التي تم الاتفاق عليها، خصوصًا في الجانب الاقتصادي وصرف المرتبات، حيث تشهد مناطق سيطرة الحوثيين حراكًا أكاديميًا وإضراب مستمر للمطالبة بصرف الرواتب المنقطعة منذ أكثر من ثماني سنوات.

جهود "الرئاسي"

يبذل مجلس القيادة الرئاسي جهودًا كبيرة في الدفع بعملية السلام البلاد، وفي المقابل يتنصل الحوثيون عن إبدا أي حسن نية تجاه تلك الجهود، حيث تظهر الجماعة عدم اعترافها بالمجلس، وتطلب أن يتم توقيع أي اتفاقيات قادمة مع الرئيس اليمني السابق عبده ربه منصور هادي، وهو أيضًا لم تكن تعترف به مسبقًا، بحسب صحيفة لبنانية.

وتجلت جهود الرئاسي خلال الأيام الماضية عبر سلسلة لقاءات عقدها الرئيس رشاد العليمي ونائبه عيدروس الزبيدي مع مسؤولين عدة على هامش اجتماعات الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأمريكية.

وخلال لقاءه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش تطرق رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى الأوضاع الاقتصادية في اليمن والتدخلات الأممية لإنهاء الحرب في البلاد للحد من تداعيات الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم.

كما عقد الرئيس العليمي اجتماعًا ثلاثيا مع وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لاستعراض مستجدات الوضع في البلاد والضغوط المطلوبة من القوى الكبرى لدفع الحوثيين على التعاطي الجاد مع الجهود الرامية لإحياء مسار السلام.

وجدد "الرئاسي" تمسك حكومته بالمرجعيات الثلاث المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن (2216)، محذرًا من التعامل مع مليشيات الحوثيين كسلطة أمر واقع.

وأوضح أن الاحباط من مواقف المجتمع الدولي تجاه الحوثيين قذف آلاف الشباب لأحضان التنظيمات الإرهابية، مبيديًا استغرابه لتجاهل الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان، في إشارة إلى قيود على سفر وعمل وتعليم المرأة، وقمع الصحفيين واختطافهم، وسحق المناوئين لفكر الجماعة المتطرف.

ودعا "الرئاسي" إلى إدانة التدخلات الإيرانية في شؤون اليمن والالتزام بنظام حظر توريد السلاح للحوثيين، لافتًا إلى أن طهران سعت إلى تحويل البلاد إلى منصة تهديد عبر الحدود، وأن جماعة الحوثيين صعدت مؤخرًا تهديداتها باستهداف خطوط الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

استعراض الحوثيين

في 21 من سبتمبر/أيلول الجاري، استعرضت جماعة الحوثيين ترسانتها العسكرية بالتزامن مع احتفالاتها بذكرى انقلابها على السلطة الشرعية، بعد أيام من عودة وفدها المفاوض من الرياض وإبداء استعدادها للخوض في حوار (يمني- يمني).

وكشفت الجماعة خلال عرضها العسكري عن ثمانية صواريخ جديدة هي بدر 4، قدس 6، صاروخ عقيل، صاروخ طوفان، صاروخ ميون، صاروخ تنكيل، صاروخ مطيع، وصاروخ قدس 0-Z.

كما كشفت عن نماذج من الأسلحة الخاصة بالقوة البحرية من زوارق وصواريخ وألغام، وبعضها يكشف عنها للمرة الأولى، ومن بينها زورق "نذير" محلي الصنع، وأيضا عدد من الطائرات المسيرة منها: رجوم، راصد، قاصف 2k وغيرها.

ووفق مراقبين فإن استعراض جماعة الحوثيين وعرض ترسانتها العسكرية، يبعث عدد من الرسائل لخصومها في الداخل والخارج حيث تحاول الجماعة إظهار نفسها بموقف القوة، بالتزامن مع المفاوضات التي أجرتها مع الجانب السعودي، وهذا ما أكده رئيس مجلسها السياسي مهدي المشاط الذي أوضح في خطابه أن صنعاء جاهزة لمعالجة أي مخاوف لدى الرياض بقدر جاهزية الأخيرة في معالجة مخاوف صنعاء.

طريق مسدود

يرى الباحث والمحلل السياسي أحمد شوقي أحمد أن السلام الشامل في اليمن لن يتحقق إلا بتسليم الحوثيين للسلاح واعترافهم بالحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، أو على الأقل الدخول في مفاوضات حقيقية تفضي إلى انخراطهم في شراكة وطنية وتشكيل حزب سياسي بدلا من كونهم مليشيا مسلحة رافضة للنظام الجمهوري والشراكة في السلطة والثروة.

ويوضح بأن موقف الحوثيين هو صدى للموقف الإيراني، وقد كان للجماعة تواصل فيما مضى مع طهران عبر سلسلة لقاءات في عمان قبل أشهر، ويبدو أن الموقف الأيراني أشعر الحوثيين بأن يناوروا بالمفاوضات دون التوصل إلى اتفاق حقيقي، وهو نوع من الخداع السياسي.

ويؤكد بأن ملامح الاتفاق ما تزال بعيدة، من جانب أن الحوثيين يشترطون تحميل السعودية الانفاق على المرتبات في مناطق سيطرة الجماعة، وعلى الرغم من أن الأمر قد يمضي قدمًا، لكن لن تكون هناك تسوية حقيقية قادمة في النهاية، حد وصفه.

من جهته، يعتقد عبدالسلام محمد رئيس مركز أبعاد للدراسات أن المشهد سيزداد غموضًا خلال الفترة القادمة، لأن من الاتفاق اليمني اليمني هو الاتفاق الحقيقي بين السعودية والحوثيين، حيث أن جماعة الحوثيين تطرح مطالب الشراكة في الثروة النفطية والغاز مع الحكومة، وفي ذات الوقت تطمح بأن تضع يدها على منابع النفط والغاز في مأرب وشبوة، وأيضا على المناطق الاستراتيجية في الساحل ومضيق باب المندب، وصولًا إلى السيطرة على كامل الأراضي اليمنية.

فيما يرى مراقبون أنه من غير الممكن القبول بالنقاط التي طرحها الحوثيون، وخصوصًا تلك التي تتحدث عن منحهم 80% من قيمة صادرات النفط والغاز في مناطق الحكومة المعترف بها، وهو الأمر الذي قد لا تقبل به الأخيرة، خصوصا المجلس الانتقالي الجنوبي (المطالب بفصل جنوب اليمن) الذي يؤمن بأن ثروات المحافظات الجنوبية تعود حصرًا لأبناء تلك المناطق.

ويؤكدن بأن البلاد قد تشهد حالة من اللا حرب واللا سلم، مع احتمالية أن يساهم تصعيد الأطراف المحلية، وتضارب مصالح القوى، وهو ما قد ينذر على المدى القريب باندلاع جولة أخرى من الحرب، قد تكون أشد ضراوة من سابقاتها.

اقرأ أيضا: بعد عودة وفد الحوثيين.. هل تفتح مشاورات الرياض الطريق للسلام في اليمن؟