منذ دخول جماعة الحوثي، العاصمة صنعاء والسيطرة عليها في الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2014، تصاعد الصراع، وبدأت آلة الحرب تعصف باليمنيين تدريجيًا، ومعها دارت عجلة الحياة ببطء، حتى كادت أن تتوقف كليًا، خاصة مع فقدان آلاف الموظفين أعمالهم، وتوقف الرواتب، وسط انهيار متسارع لمؤسسات الدولة، التي كانت تنظم مسار الشعب في قطاعات كثيرة، بينها التعليم والصحة، وكذلك المياه والكهرباء.
ولأن هوة الخلاف بين الأطراف المتحاربة تتسع بنحو أكبر، منذ تسع سنوات، والوضع القائم في اليمن يترنح بين اللا حرب واللا سلم، فضلًا عن تعدد الجبهات بين أهلية تخوضها جماعة الحوثي من جهة، والأطراف الموالية للحكومة الشرعية من جهة أخرى، وإقليمية طرفها الأول إيران، الداعمة للحوثيين، والطرف الثاني يتمثل بالتحالف العربي المساند للحكومة بقيادة السعودية والإمارات.
وسط تعقيدات المشهد السياسي في اليمن، وتدهور اقتصاد البلد، والانقسام النقدي الذي تسبب بتبعات كارثية على الوضع المعيشي، ورغم ما فعلته الحرب بغالبية اليمنيين، الذين وجدوا أنفسهم بين التشرد والنزوح، إلا أنهم لم يستسلموا بسهولة، ولجأوا إلى البحث عن بدائل تمكنهم من استمرار الحياة، فالمعلم الذي كان يعمل مدرسًا لمادة اللغة العربية، اضطر للعمل سائقًا لدراجة نارية بعد انقطاع راتبه.
تأزم الملف اليمني، واستمرار الحرب دون التوصل إلى سلام شامل، ومرور اليمن بمنعطفات سياسية جديدة، دفع كوكبة من الصحفيين والكتاب اليمنيين إلى إنشاء منصة إلكترونية، تُعنى بنقل الأحداث، وتغطية القضايا المختلفة، من خلال كشف خيوطها ومتابعة تطوراتها وقراءة أبعادها، في محاولة لإظهار صورة أكثر وضوحًا عن القضية اليمنية، وما يتعلق بها في منطقة الخليج، والوطن العربي ودول العالم الخارجي.. هكذا ولدت فكرة موقع ومنصة "المجهر".
رصد الانتهاكات
في مطلع العام 2023، أُطلق موقع المجهر على الإنترنت، بجهود تأسيسية ذاتية، وتعاون كثير من الزملاء الصحفيين الشباب، والكتاب الكبار والنشطاء والباحثين الذين ساهموا بشكل كبير في توسيع شعبية المنصة، وزيادة عدد قرائها.
خلال عام، ركز "المجهر"، على تغطية أحداث اليمن، مع وضع أولوية لرصد انتهاكات وجرائم جماعة الحوثي، بحق فئات وشرائح المجتمع، في مختلف المدن اليمنية، والتي تنوعت بين الإخفاء القسري للمدنيين، وتهجير الساكنين، والقصف العشوائي بالقذائف والطائرات المُسيرة على النازحين والأحياء السكنية، ناهيك عن الإعدامات الميدانية، واستمرار خطف النساء وتعذيبهن في السجون، وتجنيد الأطفال، وجريمة زراعة الألغام الأرضية، التي سلبت أرواح اليمنيين.
وفي استطلاع أجراه المجهر بالتزامن مع ذكرى الانطلاقة الأولى، يقول محمد طاهر، مدير مكتب وكالة سبأ بتعز: "شكل موقع المجهر إضافة نوعية في تناول الأحداث اليمنية والتعمق فيها من خلال التقارير الاحترافية، التي تقدم معلومة متكاملة وتغطيات إخبارية مواكبة، وأكثر مصداقية ومسؤولية".
يضيف طاهر: "عندما تتابع ما ينشره الموقع، تشعر أن المجهر من المواقع المهنية والجادة التي يمكنك الاعتماد عليها وبهذا المسار الصحفي وخلال عام، أعتقد أن مؤشرات تقدم الموقع واضحة ويقف خلف هذا النجاح طاقم محترف في فنون وقوالب الصحافة، حيث الأخبار موجزة ومركزة تخلوا من الحشو، وتخلصت من الأساليب القديمة والمملة، وكذلك التقارير عادة ما تكون ناضجة في محتواها ومضامينها ورسائلها وتوجهاتها المرسومة، ولذلك أتمنى أن يستمر الموقع في خطه المهني والاحترافي والتركيز كذلك المستقل في تناولاته في ظل الحرب والحوارات والأطراف المتناقضة واستضافة محللين معتقين للكتابة بحيادية حول اتجاهات البلاد وتطورات الأحداث الإقليمية والعالمية المرتبطة باليمن".
يشير في حديثه، بأن فريق الموقع يبذل جهودًا كثيرة في مواكبة ورصد الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها ميليشيا الحوثي، وهذا ما يميز الموقع، ولكن يجب التركيز خلال المرحلة القادمة على تحليل الواقع والسيناريوهات التي تنتظر البلاد، وإزالة الغموض والعمل على تقريب الأطراف داخل أروقة الشرعية، والانتباه لما تثيره الميليشيا من نزاعات واختراقات للجبهات، الداخلية والشعبية وصراعات بينية، تهز أركان الشرعية واستثمارها أمام العالم، ومنها استهداف تعز بمقتل منسق الغذاء العالمي، لقطع شريان المنظمات الداعمة ومحاولة إسقاطها من تجربة التنمية المستدامة، التي تتبناها الأمم المتحدة، وعليه يجب التركيز على أدوات ووسائل قذرة تستخدمها الميليشيا ضد خصومها وبنكهة إيرانية، بجانب رصد الانتهاكات والجرائم اليومية كتاريخ أسود لهذه الميليشيا المغلفة بالطائفية والانتماء لإيران على حساب الدم اليمني والأرض اليمنية.
من جهته، علق مدير عام مكتب الإعلام بمحافظة تعز، أمين الخرساني، قائلًا: "تناول موقع المجهر لبعض القضايا رائعة، نظرًا لما له من استراتيجية إعلامية مبنية على خطوط واضحة، أبرزها مواجهة الحوثيين، التي تعد واجبة وتحظى بإجماع الإعلاميين والأدباء والكتاب والمثقفين جميعا لأنهم قادوا اليمن بحروبهم الطائفية والقبلية إلى التمزق والتخلف والجهل".
أمانة الكلمة
الناطق الرسمي باسم محور تعز العسكري، العقيد عبد الباسط البحر، وصف موقع المجهر، بأنه رافد مهم في القضية الوطنية، وفي عملية التوعية، ونقل الحقائق وكشف كثير من الخفايا والخبايا بمصداقية وموثوقية. ويعد من المواقع المهنية، يمتاز بأنه موضوعي ويتحرى كثيرًا في نقل الأخبار، خصوصًا المتعلقة بالعدو الحوثي، لابد من التوثيق ولابد من المصادر، ولا يجري وراء التسريبات الصفراء، أو الإشاعة وحرب الدعاية والأمور الكيدية والمناكفة.
وقال البحر: "لدى «المجهر» قضية وطنية ويحمل مسؤولية وأمانة الكلمة، ويركز على رفع مستوى الوعي، والإدراك بما يدور وما يحدث في الساحة اليمنية، وبعض الأحداث المرتبطة به إقليميًا ودوليًا بشكل عام".
وأضاف البحر: "المجهر، واحد من مصادري للتزود بأخبار تتعلق بالمعارك لحظة وقوعها وبتناولها من عدة جوانب وبأخذ آراء عدد من المختصين والخبراء، وصناع القرار وكذل القيادات الميدانية و السياسية وذات الخبرة والتجربة".
إلى ذلك، تحدث الصحفي والمحلل الاقتصادي وفيق صالح: "في الحقيقة طيلة عام كامل كان موقع المجهر نت، إضافة نوعية للإعلام الإلكتروني في اليمن بما قدمه من مواد نوعية، لامست هموم المواطن وتطرقت إلى القضايا التي تهم غالبية المواطنين، عبر قوالب صحفية متنوعة، تلبي رغبات واهتمامات القارئ وتواكب التطورات والتحديثات التكنولوجية في الجانب الصحفي".
وأوضح صالح: "ما يميز المجهر نت، أنه تطرق لمعالجة اشكاليات وقضايا ظلت بعيدة أو مغيبة عن وسائل الإعلام في بلادنا، من خلال استخدام فنون التحقيقات والبحث والتقصي وتقديم المعلومة الكافية للقارئ بدقة ومصداقية بعيدًا عن التزييف والتضليل، الذي أصبح سمة تلازم أغلب المواقع الإلكترونية الرائجة في الوقت الراهن".
هكذا استطاع المجهر نت، من خلال التزامه بفنون صحفية تعطي للصحافة قيمتها، أن يحظى بالثقة، كونه مصدرًا مهمًا لكثير من القراء في بلادنا لاستقاء المعلومة ذات المصداقية والقيمة الخبرية، كما يقول الصحفي وفيق صالح.
وحسب الصحفي محمد الحذيفي، فإن الذكرى الأولى لانطلاقة "المجهر" اليمني تضفي تميزًا وفرادة، لازمت الموقع خلال عامًا كاملًا، من خلال تعاطيه مع عناوين كثيرة في مختلف القضايا، وتغطيته الأحداث اليمنية بلغة واضحة مبسطة، سهلة الفهم لدى المتلقي، غاص في أعماق القضايا الشائكة وبذل جهدًا عاليًا للوصول إلى المعلومة المهمة، وكان صوت الناس في الأزمات التي يمرون بها والقضايا الإنسانية.
وأشار إلى أن "المجهر"، كان ضمن المواقع التي انحازت إلى صف الجمهورية وانخرطت في معركة الحفاظ على الهوية الوطنية واستعادة مؤسسات الدولة، وتربعت قوائم الإعلام الرقمي لمكافحة الشائعة والتضليل وتزييف الوعي التي تحترفها الجماعات المنقلبة على الجمهورية والدولة والإجماع الوطني.
حقوق وحريات
عمل موقع المجهر خلال عامًا كاملًا على تغطية الحريات العامة، وحقوق الإنسان في غالبية المحافظات اليمنية، وفي هذا الإطار، قال الناشط الحقوقي، أحمد الصهيبي: "اهتمام المواقع اليمنية بالقضايا الحقوقية في البلد، له تأثير كبير في مستوى تغطية هذه الأخبار ونقلها للمجتمعين المحلي والدولي، والضغط على الجهات المتسببة في الانتهاكات وردعها للتوقف عن تلك الممارسات وعدم تكرارها، حيث كان لموقع المجهر اليمني، دورًا في هذه التغطية، سيما أن التغطيات المتخصصة لها دور مهم في تعزيز مسألة الوعي الحقوقي لدى الناس".
ورغم العمر القصير لانطلاق المجهر، إلا أن الكاتب الصحفي بلال المريري، أكد أنه تابع الكثير من التقارير والتحقيقات التي تناولها الموقع، ووصف القضايا بالمهمة، خاصة ما يتعلق بجماعة الحوثي وقياداتها السرية وممارساتها في نهب المال العام وتدمير الاقتصاد.
ويرى الصحفي مكين العوجري، "من خلال اطلاعي على الموقع وبعض المحتوى الذي ينشر فيه، أعتقد هو أفضل حالًا من بقية المواقع، بمعنى أنه في خط تحريري وفي جهد في تحرير الأخبار والمواد الصحفية، بعكس أغلب المواقع التي تنشر محتوى مكرر وبنفس الصياغة، هذه أهم نقطة يمكن للمشاهد أو المهتم أن يلاحظها في موقع المجهر، أداء جيد بصراحة".
ويشير الصحفي محمد الحريبي: "منذ انطلاقته قدم موقع المجهر تغطيات نوعية للقضايا والأحداث اليمنية وتفرد بأسلوب تحريري متميز وتنوع اشتغالاته وتناولاته، كما كرس جهدًا كبيرًا لرصد انتهاكات جماعة الحوثي الانقلابية، ليكمل بذلك مهمته كوسيلة من وسائل إعلام المعركة الوطنية".
وفي ذات السياق، تحدث الكاتب عبدالعالم بجاش: "يبدو موقع المجهر، إخباري نشط ونوعي في تناولاته وتغطيته للأخبار والقضايا.. تبويب الموقع مميز، وتخصيصه نوافذ لقضايا الحقوق والحريات ومواضيع البيئة من الأمور التي تميز الموقع، وكذلك التحقيقات التي ينشرها ونوعية القضايا والملفات التي يتناولها.. هناك ايضا كتاب الرأي نخبة مميزة".
وتابع بجاش: "الاهتمام بقضايا الحقوق والحريات ومواكبة التطورات وكل ما يتصل بالانتهاكات، اداء مهني ومثابر من قبل طاقم الموقع.. وفي المرحلة الراهنة والمقبلة من المهم التركيز على قضايا تعزز التوعية في اليمن خاصة في ظل ظروف إقليمية تتيح لدول مثل إيران اللعب على عواطف الشعوب في الوقت الذي تشكل فيه إيران وأذرعها في المنطقة خطر مواز لخطر الكيان الصهيوني".
دعوة لتقديم مقترحات
يسرنا في "المجهر" دعوة الزملاء الصحفيين المهتمين بالكتابة أو التغطية، أن يرسلوا مقترحاتهم على بريد المنصة: almajharwebsite@gmail.com