الاثنين 16/سبتمبر/2024
عاجلعاجل

فقاعة محور المقاومة.. أحداث غزة تكشف هشاشة أذرع إيران في المنطقة العربية

فقاعة محور المقاومة.. أحداث غزة تكشف هشاشة أذرع إيران في  المنطقة العربية

على مدى سنوات سعت إيران إلى توسيع نفوذها في الشرق الأوسط من خلال دعمها لشبكة مليشيات مسلحة في عدد من الدول العربية مثل لبنان وسوريا واليمن والعراق، حيث تسعى إيران من خلال هذه المليشيات إلى ترسيخ وجودها وتحقيق أهدافها ومصالحها في المنطقة العربية.

وتقدم إيران الدعم إلى أذرعها من خلال تنسيق وتوفير الموارد والأسلحة والتدريبات العسكرية والمعلومات الاستخبارية عبر "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، ولا تختلف أدوار تلك المجموعات عن أهداف أيران الرئيسية في زعزعة استقرار المنطقة وإحداث تغييرات تهدد أمن وسلامة الدول لفرض المزيد من النفوذ والسيطرة لصالح طهران.

وبعد ثلاثة أشهر من انطلاق عملية طوفان الأقصى في قطاع غزة والعدوان الإسرائيلي على القطاع الذي بات اقترب عدد الشهداء فيه من حاجز 30 ألف معظمهم من النساء والأطفال، يرى مراقبون أن أذرع إيران بما فيهم جماعة الحوثيين أظهرت موقفا هشا لم يكن بالمستوى المطلوب مقارنة بالتصريحات المتكررة بتغيير المعادلة وضرب إسرائيل.

أذرع متشابكة

وبحسب مركز رع للبحوث والدراسات تتبني إيران ضمن أيديولوجيتها السياسية شعار “دعم المستصغرين” طبقا لما ينص عليه دستور الثورة الإسلامية في 1979، هذا الشعار قائم علي التدخل في شئون البلدان الأخرى.

ويضيف المركز "لنشر تلك الأيديولوجية، تمكنت إيران الشيعية من تكوين شبكة من الوكلاء والحلفاء، والتي عرفت في الأوساط السياسية بـ “أذرع الإخطبوط”، وذلك لتعطيها غطاءا سياسيا لتصدير ثورتها وتعزيز عقيدتها والتمدد نحو دول المنطقة تحت ذريعة حماية الشيعة".

وتمتد تلك الأذرع عبر لبنان وسوريا واليمن والعراق وفلسطين وباكستان وأفغانستان، وعلي الرغم من أن هنالك مجموعات منهم يختلفون عن إيران مذهبيا، لكنهم يجتمعون تحت هدف مشترك، وهو مقاومة النفوذ الأمريكي ومواجهة إسرائيل، لذا فسياسة إيران الخارجية تقوم علي خوض الحروب بالوكالة عن طريق أذرعها.

وبرز من خلال تلك الأذرع ما عرف بـ "محور المقاومة" والذي تم تأسيسه منذ فترة طويلة من قبل فيلق القدس، وهو ذراع الحرس الثوري الإيراني، وكانت بدايته في أوائل الثمانينيات علي الأراضي اللبنانية، وبتدريب الشباب الشيعة علي القتال والتسليح، للتصدي لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

وفي التسعينيات توالي بعد ذلك دعم فيلق القدس للجماعات الإسلامية الفلسطينية، مثل الجهاد الإسلامي وحماس، ثم بدأ الفيلق في توسيع شبكته أكثر فأكثر من خلال دعم المعارضين الشيعة لنظام صدام حسين في أواخر التسعينيات أيضا، ثم بعد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، أنشأ فيلق القدس مجموعات مسلحة في البلاد لمحاربة القوات الأمريكية والبريطانية.

أما في سوريا والتي شهدت اندلاع حرب أهلية بها بعد ثورة 2011، قام الفيلق بتدريب وتسليح الميليشيات الداعمة للحكومة السورية.

وعن اليمن فقد دعم فيلق القدس جماعة الحوثي، وهي جماعة تنتمي للمذهب الزيدي تمردت ضد الحكومة  الشرعية المدعومة من المملكة العربية السعودية وسيطرت على مساحات واسعة من البلاد.

وقد نتج عن قوة وسيطرة بعض هذه الأذرع، ظهور ما يعرف بـ”الدولة الموازية” كما هو واضح من سيطرة الحوثي في شمال اليمن.

معركة شعبوية لا عسكرية

يرى المحلل فارس البيل أن ما يحكم جماعة الحوثيين في تحركاتها ضد إسرائيل حسابات إيرانية بالتأكيد، موضحا أن طهران تريد استخدم الحوثيين لكسب عواطف الناس باعتبار أنها ذراع من محور المحور المقاومة.

ويضيف البيل في تدوينات على حسابه في منصة إكس "إيران استخدمت ذراعها الأبعد عن المنطقة للقيام بأعمال تعلم أنه لن يكون لها أثر كبير أو رد فعل قوي ضدها، وبالتالي فهي أرادت المراوغة وكسب العاطفة الشعبية العربية والإسلامية.

ويعتقد أن الحوثيين لن يتجاوزوا الخطوط الحمراء فهم يقومون بعملية شعبوية أكثر من كونها عسكرية وتدرك أنها لو خاضت مغامرة غير مدروسة ستضرر كثيرا، لافتا إلى أن تلك الخطوط الحمراء تتمثل في إغلاق مضيق باب المندب أو تهديد الملاحة بشكل كامل أو مؤثر أو حقيقي.

من جهته، يقول الصحفي همدان العليي " ما يقوم بع الحوثيين في البحر الأحمر لا يصيب أمريكا وإسرائيل بأي ضرر، بل مجرد استعراض، وفي المقابل أي ضربة أمريكية على اليمن لن يكون لها أي أثر إيجابي لصالح اليمنيين والمنطقة، إنما خدمات كبيرة للجماعة وهذا هو التخادم الذي نتحدث عنه.

ويضيف العليي "الأمريكان يظهرون أنفسهم أمام المجتمع الدولي بأنهم حماة البحار والحوثي يظهر عصابته أمام اليمنيين وبعض السذج من الدول العربية بأنه حامي الديار، وهذا تخادم واضح بين غزاة البحار ولصوص الديار.

إلى ذلك، يرى مراقبون أن تصعيد جماعة الحوثيين في البحر الأحمر كان تمهيدًا لتكثيف تواجد القوات الأجنبية في المنطقة وتشكيل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تحت مسمى" حارس الإزدهار" بذريعة حماية ممرات الملاحة الدولية.

ارتهان واضح

في وقت سابق، أثارت تصريحات للخبير العسكري اللواء فايز الدويري غضبا لدى جماعة الحوثيين، التي تشن هجمات في البحر الأحمر، وتقول إن ذلك نصرة لغزة وردا على الحرب الإسرائيلية على القطاع.

ففي إحدى مقابلاته مع قناة الجزيرة، قال الدويري إنه حتى الآن، لا يوجد اعتراف بجماعة الحوثي بأنها تملك السيادة الشرعية في اليمن، إلا من قِبل إيران وحزب الله، في حين أن بقية الدول تعتبر الشرعية تتمثل في الحكومة اليمنية الموجودة في السعودية.

وأضاف أن دخول الحوثيين على خط حرب غزة يعني مرحلة من حرب غير نظامية، فهي ليست بين دولة وتحالف، في إشارة إلى التحالف العسكري الذي أعلنت واشنطن تشكيله لصد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

وأوضح أن هذه المواجهة تندلع بين جماعة مسلحة تقاتل ضد جيوش منظمة، ومن ثم تكون حربا غير متناظرة، وهو ما يُشكل مكمن الخطورة على التحالف العسكري الدولي.

وأثارت تصريحات الدويري غضبا لدى الحوثيين، حيث قال نصر الدين عامر نائب رئيس وكالة سبأ الرسمية التابعة للحوثيين: "أعرف أن الدويري مجرد محلل لا قيمة له ولا لكلامه، لكن الحديث عن سيادتنا على بحارنا لا أنت ولا الأمريكي من يحدد ذلك واعرف قدرك عندما تتحدث عن اليمن”.