الخميس 21/نوفمبر/2024
عاجلعاجل

حرب الحوثيين على المنظمات الإنسانية.. ما تأثيرها على معيشة اليمنيين؟ (تقرير خاص)

حرب الحوثيين على المنظمات الإنسانية.. ما تأثيرها على معيشة اليمنيين؟ (تقرير خاص)

تواصل جماعة الحوثيين المدعومة إيرانيًا ضغوطاتها على المنظمات الإنسانية الدولية والأممية، بالتزامن مع استغلالها للقضية الفلسطينية في تنفيذ الأجندة الإيرانية، وسط تحذيرات من تدهور الوضع الإنساني الكارثي في المناطق التي تسيطر عليها بقوة السلاح منذ انقلابها قبل تسع سنوات.

وفي 20 كانون الثاني/يناير المنصرم، أبلغ المتمردون الحوثيون، مكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة في اليمن، ومن خلاله جميع المنظمات الإنسانية، بأن أمام موظفيها الأمريكيين والبريطانيين مهلة شهر (حتى 20 فبراير الجاري) للاستعداد لمغادرة البلاد.

وجاء الإخطار بعد الضربات الأمريكية البريطانية المشتركة، التي استهدفت مواقع للمتمردين الحوثيين، لردعهم عن مواصلة استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، التي تقول الجماعة المدعومة إيرانيًا ارتباطها بإسرائيل أو متوجّهة إليها، تحت مزاعم مساندة غزة التي تتعرض لجرائم إبادة جماعية من قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ السابع من أكتوبر الماضي.

 

تجويع اليمنيين

 

يتحدث مدير حقوق الإنسان بأمانة العاصمة صنعاء "فهمي الزبيري"، لـ"المجهر" قائلا: إن جماعة الحوثيين تسعى إلى عزل اليمن عن العالم بممارساتها وانتهاكاتها المتواصلة ضد المنظمات الإنسانية والإغاثية وتهدف إلى مضاعفة تجويع اليمنيين بعد تسع سنوات من نهب مرتباتهم، وتزايد أعداد الجوعى واتساع رقعة الفقر بشكل مفزع، حيث تفيد التقارير الدولية بأن 21 مليون بحاجة الى مساعدات عاجلة وطارئة.

ويضيف، أن الممارسات الحوثية ممنهجة لتجويع اليمنيين لتمرير مشاريعها الخاصة بالفكر السلالي الطائفي الذي يتناقض مع الدستور اليمني والقوانين النافذة.

ويؤكد الزبيري أنه ليس غريبا على جماعة الحوثيين هذه الممارسات غير القانونية ضد المنظمات الدولية ومنها الاعتداء وخطف موظفيها وفرض شروط على عملها، لكن ما يدعو للاستغراب صمت المنظمات الأممية وعدم اتخاذ مواقف جادة تجاه الانتهاكات التي تتعرض لها.

 

خطوة انتقامية

 

تعتقد رئيسة مؤسسة دفاع للحقوق والحريات المحامية هدى الصراري، أن السبب وراء طلب جماعة الحوثيين من المنظمات الدولية مغادرة الموظفين حاملي الجنسية الأمريكية والبريطانية مغادرتهم لليمن يعود إلى الخسارة الكبيرة التي منيت بها جماعة الحوثي وآخرها تشييعهم 11 جنديا، قتلوا في الضربات الأخيرة على مواقع عسكرية كانت تستخدمها الجماعة لمهاجمة السفن في البحر الاحمر.

وتضيف الصراري لـ "المجهر"، أن الخطوة الحوثية ناتجة عن موقف أمريكا وبريطانيا من هجماتها وقرصنتها في البحر الأحمر، بالإضافة إلى تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية والذي سيدخل حيز التنفيذ خلال أيام قليلة.

وتشير إلى أن "الجماعة الحوثية لم تتوقع تلك المواقف الحازمة ولم تعهدها من قبل، حيث ما كانت الأخيرتان تلوحان بالتهديد الذي عادة لم ينفذ، لكن بعد معرفة الخطر الحقيقي للحوثيين والذي لا يدع مجالا للشك بأنها أحد أهم محور للممانعة في الوقت الحالي، فهم بالنسبة لإيران الأقل كلفة وتحقيقا لرغبات إيران بالمنطقة".

 

تحذيرات دولية

 

مطلع الشهر الجاري، أفاد تقرير دولي بأن سبع محافظات تخضع لسيطرة جماعة الحوثيين، ستواجه أسوأ حالات انعدام الأمن الغذائي الحاد في الأشهر المقبلة.

وذكرت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) في تقريرها الأخير، أنه يتوقع أن تنزلق محافظات: عمران وحجة والحديدة والجوف والمحويت وصعدة والأجزاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين في تعز، إلى مستوى حالة الطوارئ أو أسوأ، بين فبراير ومايو 2024، وفقاً لتحليل أجرته شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة.

ويؤكد حقوقيون، أن الجماعة الحوثية لا تفكر بمعاناة المواطنين في مناطق سيطرتها، بقدر ما تحرص على تنفيذ أجندتها السلالية وأجندة إيران التوسعية.

وأشاروا إلى أن الخطوات الحوثية ضد المنظمات، تنذر بانقطاع المساعدات الإنسانية وانهيار الوضع المعيشي للشعب، لاسيما في ظل استمرار الجماعة في مصادرة حقوق المواطنين، وتصاعد عمليات النهب والجبايات.

 

تبعات خطيرة

 

وعن تبعات خطوة الحوثيين بطرد العاملين في المنظمات الدولية، أكدت الصراري أن ثمة تبعات خطيرة بالفعل على المستوى المتوسط والبعيد، خاصة لو دخل توصيف الجماعة الحوثية كمنظمة إرهابية حيز التنفيذ ومن الدرجة الأولى.

وتؤكد "الأمر سيقع بآثار كارثية على المساعدات الانسانية التي تدخل لليمن عبر المنظمات الدولية وسيؤثر ذلك على الأزمة الانسانية التي تعتبر الأسوأ في العالم وستغلق مكاتب المنظمات الاغاثية والانسانية وسيتوقف الإمداد الغذائي والبرامج الداعمة للفئات الهشة".

وتضيف الصراري أن ذلك سيصعب مسألة التحويلات المالية عبر العالم لليمن، علمًا بأن المحرك الأساسي للاقتصاد في اليمن هم المغتربون وتحويلاتهم لليمن، كما سيصعب دخول أي مساعدات أو بضائع، وفعلا سيعزل اليمن وسيعامل اليمنيين بشكل سيء في كل مطارات العالم أو على الأقل سيخضعون لمعاملة أكثر تشددا بسبب هذا التوصيف.

 

عبث بالمساعدات

 

يؤكد مدير حقوق الإنسان بأمانة العاصمة "فهمي الزبيري"، أن مليشيا الحوثي تمارس العبث بالمنح والمساعدات الغذائية منذ وقت مبكر، وتستخدمها في المجهود الحربي وتعزيز الحرب في البلاد".

ويشير إلى أن "بعض المنظمات كشفت عن تجاوزات الحوثيين، وهو ما أزعج المليشيات التي تسارع إلى إحكام قبضتها كليًا على أعمال المنظمات الإنسانية في مناطق سيطرتها.

ويرى الزبيري، أن إصرار مليشيا الحوثي في طرد ومضايقة العاملين في المنظمات الأممية، يشكل خطرا وتهديدا على حياة المواطنين خاصة الاطفال والنساء، ويفاقم من سوء الأزمة الإنسانية، لاسيما بعد توقف أعمال منظمة الغذاء العالمي نتيجة الفساد والتضييق على أنشطتها ونهب أموال المعونات الدولية.

 

الحرب على المنظمات

 

حرب الحوثيين على المنظمات الأممية والدولية ليس جديدا، حيث تواجه المنظمات ضغوطًا كبيرة من قبل المليشيا، وعمليات قمع في محاولة لتطويع عملها بما يخدم أجندتها، وفي الوقت ذاته التزمت العديد من المنظمات الصمت إزاء جرائم الحوثيين ونزلت عند رغبات ومطالب الجماعة، فيما فضل البعض الآخر المغادرة إلى عدن.

وأواخر نوفمبر الماضي، نقلت منظمة فريدريش إيبرت الألمانية، Friedrich Ebert، مكتبها في اليمن من صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين إلى العاصمة المؤقتة عدن، على خلفية المضايقات التي تلقتها، ومنعها من ممارسة أنشطتها.

وجاء نقل فريدريش إيبرت الألمانية لمكتبها، بعد يومين، من مغادرة نائب رئيس المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة "سفير الدين السيد"، العاصمة صنعاء إلى عدن.

وفي 24 أكتوبر الماضي، أبلغت جماعة الحوثيين أسرة" هشام الحكيمي" مدير الأمن والسلامة لدى منظمة "رعاية الأطفال"، بوفاته في السجن بصنعاء، بعد نحو شهرين على من اختطافه، لكن الحكومة المعترف بها ومنظمات حقوقية اتهمت المليشيا بتصفيته في السجن، وهي حادثة قوبلت بإدانات واسعة من منظمات وجهات دولية وإقليمية وأممية.

ومطلع أغسطس الماضي، اختطفت الجماعة "مبارك العنوة" أحد موظفي المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في اليمن، من إحدى النقاط في محافظة إب، وعملت على إخفائه قسرا.

كما تواصل جماعة الحوثيين اختطاف ثلاثة من موظفي الأمم المتحدة (اثنان محتجزين منذ نوفمبر 2021، وآخر منذ أغسطس 2023)، و(11) من موظفي السفارة الأمريكية لدى اليمن والوكالة الأمريكية للتنمية المحليين "السابقين، الحاليين"، منذ قرابة عامين، واخفائهم قسرا في ظروف غامضة، ودون أن توجه لهم أي تهم، او السماح لهم بمقابلة اسرهم، في انتهاك صارخ للقوانين والمواثيق الدولية، وفق تصريحات لمعمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة المعترف بها دوليًا.

وأكد معمّر الإرياني أن هذه الأعمال الإرهابية هي نتيجة مباشرة لتقاعس المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها عن القيام بواجباتها، وتساهلها في التعامل مع مليشيا الحوثي الإرهابية، وتدليلها، وغض الطرف المتواصل عن الجرائم والانتهاكات المروعة التي ارتكبتها بحق اليمنيين، والذي دفعها للتمادي أكثر.

ودائما ما تطالب الحكومة اليمنية، المنظمات الأممية والدولية إلى نقل مقراتها الرئيسية إلى عدن، معلنة تقديم كافة التسهيلات للمنظمات الأممية والدولية للعمل من العاصمة المؤقتة بما يؤدي إلى حياديتها وعدم تدخل المليشيا في عملها.