للعام التاسع على التوالي, تواصل جماعة الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران فرض حصار خانق على مدينة تعز (جنوبي غرب البلاد) ، الأمر الذي أدى إلى إعاقة إعادة تطبيع الحياة للمواطنين، وشمل ذلك كافة أوجه الحياة بما فيها السياحة الداخلية التي تأثرت كثيرا بفعل إغلاق المنافذ الرئيسية.
وعلى الرغم من تقديم الحكومة المعترف لعدد من المبادرات لفتح الطرقات في عموم المحافظات من جانب واحد والتي كان آخرها إعلان عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء سلطان العرادة فتح الطريق الرابط بين مأرب وصنعاء عبر فرضة نهم إلا أن جماعة الحوثي الإرهابية لا تبدي أي جدية تجاه الموضوع وتذهب بعيدا لوضع اشتراطات تعجيزية, وفق مراقبين.
حصار خانق
يشكو سكان مدينة تعز من صعوبة التنقل في الذهاب من وإلى المدينة للبحث عن متنفسات ترفيهية ومنشآت سياحية، في ظل غيابها داخل المدينة بسبب الحصار الخانق الذي تفرضه جماعة الحوثي الإرهابية.
يؤكد صادق علي المحيا مدير لشؤون السياحية في محافظة تعز أن السياحة الداخلية تضررت كثيرا بفعل حصار الحوثيين المستمر منذ تسع سنوات, بعد أن كانت المحافظة من " أغنى المناطق السياحية، بجمالها، وطبيعتها الخلابة".
ويوضح المحيا في حديثه لـ"المجهر" بأن المواطنين من المحافظات الأخرى كانوا يترددون إلى معظم المناطق في المحافظة باستمرار والعكس، إلا أن الحصار حال بينهم وبين المدينة.
متنفّس وحيد
يعد وادي الضباب من أهمّ الأماكن الجمالية السياحية الذي يبعد عن مدينة تعز 3كم المتنفس الوحيد أمام المواطنين بفعل الحصار رغم غياب المرافق العامة والمنتزهات في المنطقة.
وبحسب مالكي الحقول الزراعية في الضباب فإنهم لا يمانعون من أن تكون حقولهم ضمن الأماكن الترفيهية، مع ضرورة المحافظة على الأراضي الزراعية والبيئة من أي آثار مستقبلية.
وفي هذا السياق, يعتقد صادق المحيا أن هناك أضرار على وادي الضباب كونه متنفسا وحيدا للمدينة, مشيرًا انعدام الخدمات " معدومة بالكامل حتى على مستوى المرافق الصحية".
ويعبر المحيا عن حزنه من تحويل بعض الأماكن السياحية لأغراض أخرى, في إشارة إلى حديقة الصالح المتنفس السياحيّ، التي تحولت إلى مكب نفايات.
مرتفعات سياحية
يعد جبل صبر من أهم المرتفعات السياحية في مدينة تعز، إلا أنه أخذ نصيبه من الدمار، خصوصا منتزه زائد السياحي ، الذي دمر بشكل شبه كلي بفعل قصف طيران التحالف العربي الداعم للحكومة الشرعية إبان تمركز دبابات جماعة الحوثي في المنتزه, قبل أن تستعيده القوات الحكومية.
وبحسب المحيا فإن توقف مشروع الطيران الشراعي الذي كان يمتد من جبل العروس في صبر إلى وادي صالة بسبب الحرب أثر كثيرا على السياحة الداخلية.
ويوضح أنه كان "ناجحًا بكل المقاييس", معتبرا أنه كان من الذين يفضلون السياحة الخاصة بالطيران على هذه المسافة.
من جهته, يقول هشام الصليحي؛ أستاذ الإعلام المساعد بجامعة تعز " بعد سنوات الحرب والحصار، السياحة الداخلية أصبحت شبه معدومة، وحركة الناس وتنقلاتهم أصبحت محصورة وللضرورة القصوى ومواجهة الاحتياجات".
معالم أثرية مدمرة
يتحدث رمزي الدميني مدير إدارة المتاحف بهيئة آثار تعز في تصريحه لـ"المجهر" بأن المحافظة تمتلك ثلاثة متاحف هي متحف قلعة القاهرة، المتحف الوطني، متحف صالة.
ويضيف الدميني بأن هذه المتاحف "تمثل أماكن جذب سياحي على المستوى المحلي والخارجي", مشيرا إلى أن المتحف الوطني كان يستقبل "أكثر من 18 ألف زائر في العام الواحد قبل الحرب.
ويوضح أن متحف قلعة القاهرة كان سابقا "متحف مستحدث ويستقبل قرابة خمسة ألف زائر خلال العام إلا أن الحرب دمرت المعالم الأثرية والأماكن الترفيهية والسياحية، مضاعفة المعاناة على كاهل المواطنين في بقعة جغرافيّة ضيقة".
ثنائي الحرب والحصار
يؤكد الدميني بأن ما تم حصره من مواقع أثرية ومعالم تاريخيّة من قبل إدارة المتاحف بهيئة آثار تعز بلغ قرابة 180" موقع ومعلم أثري".
وينوه إلى أن حجم الأضرار داخل المدينة طال 15 معلما منها بسبب العوامل الطبيعية, معبرا عن أسفه من الأثر الحاصل في هذه الأماكن خلال فترة الحرب والذي أدى إلى تراجع السياحة الداخلية وجعلها صفرية, حد قوله.
ويوضح الدميني أن الحصار المفروض على مدينة تعز منذ أكثر من تسعة أعوام أحدث تأثيرًا كبيرًا على مستوى التنقل بين المحافظات من خلال صعوبة عودة وسفر المغتربين والسياح.
ويختتم حديثه "حولت الحرب والحصار المسافات الصغيرة عبر الطيران أو البر إلى صعوبة بالغة في التنقل بين المغترب التعزي وأسرته، ويعيش المواطنون في الداخل ذات المعاناة ولم يجد لهم متنفس ومنشآت سياحية وترفيهية".
عودة تدريجية
في سياق حديثه عن إعادة الأمل في المتاحف من خلال الفعاليات الثقافية والمعارض الفنية في الموروث الشعبي يقول الدميني "هناك اقبال كبير للمواطنين خلال زياراتهم ومشاركتهم في الفعاليات المؤقتة داخل المتحف".
ويؤكد أن على مواصلة ومشارف الانتهاء من إعادة ترميم أضرار الحرب في المتحف الوطني والمتحف الموروث الشعبي, لافتا إلى أنه خلال العامين القادمين سيتم تجهيز العرض المتحفي داخل المدينة.
ويعبر مدير إدارة المتاحف بهيئة آثار تعز عن أمله بأن تتضافر جهود السلطة المحليّة، ووزارة الثقافة والهيئة العامة للآثار وجميع المهتمين لإعادة المتحف التاريخي كونه يمثل تاريخ تعز من عصور قبل الإسلام إلى العصر الحديث.