الخميس 19/سبتمبر/2024
عاجلعاجل

نازحو صعدة.. معاناة مستمرة تحت وطأة ظلم المليشيا (تقرير خاص)

نازحو صعدة.. معاناة مستمرة تحت وطأة ظلم المليشيا (تقرير خاص)

في ظل الحرب الدائرة في اليمن منذ انقلاب جماعة الحوثي الإرهابية على الشرعية في البلاد، يعيش سكان منطقة الأزهور، التابعة لمديرية رازح بمحافظة صعدة (شمالي البلاد) ظروفًا صعبة ومأساوية، نتيجة تهجيرهم من منازلهم إلى مناطق أخرى، الوضع الذي أوصلهم إلى الفقر والبطالة والإعاقة وسوء التغذية وتفشي الأمراض، نتيجة التصعيد الحوثي في المنطقة وقصفها المتكرر على الأحياء مما أدى إلى فزع وتخويف النساء والأطفال واضطرهم للنزوح إلى منطقة أخرى.

يقول عبدالله قاسم غيلان (35  عاما)  لـ" المجهر" وهو أحد سكان منطقة الأزهور "أصبح الفرار من القتال جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، نواجه خطر المحاصرة في منطقة حرب لا مفر لنا منها، نعيش ظروفا صعبة نفتقد أبسط مقومات الحياة المعيشية، كالمياه الصالحة للشرب والغذاء والرعاية الصحية، وكل متطلبات الحياة.

 تم إجبارنا بمغادرة منازلنا نتيجة القصف الحوثي وخوف أطفالنا من القصف لنترك المنطقة خالية على عروشها منطقة صراع، الأمر الذي أجبرنا بأن نقوم بإخلاء منازلنا والانتقال إلى منطقة السائلة، بينما كانت القوات اليمنية الموالية للسعودية على الحدود وعدت بأنها ستتكفل لنا بكل متطلبات الحياة الأساسية، إلا أننا لم نحصل على أدنى مقومات الحياة الكريمة، حسب قوله.

 

ظروف مأساوية

 

يعيش ألف نازح من منطقة الأزهور من اجمالي 3000 ألف نسمة ظروفا مأساوية نتيجة الصراع الدائر في المناطق الحدودية بين القوات الحدودية والحوثيين، الوضع الذي أوصل الصراع إلى هذه المناطق نتيجة حرب الحوثيين في المنطقة، الأمر الذي استدعى تواجد قوات يمنية موالية للسعودية تقوم بمهام مراقبة الحدود على بعد كيلومترات من بطش المليشيات.

 ويواصل عبدالله حديثه بالقول: "لم تكون منطقتنا منطقة صراع قبل نزوحنا في العام 2018، كان الوضع على مايرام لكن عند دخول جماعة الحوثيين المنطقة، جلبت معها الخوف والفزع لأبناءنا ونساءنا، بعد فترة من الصراع بين جماعة الحوثي و القوات اليمنية الموالية للسعودية، طلبت منا الثانية إخلاء منازلنا بسبب الصراع الدائر في المنطقة وأنه سيتم إنشاء مخيمات لنا بمنطقة السائلة.

ويشير إلى أنه لم يكن لسكان الأزهور خيارا آخر سوى مغادرة منازلهم والبحث عن مأوى يقيهم من تقلبات الطقس، حيث تم نصب المخيمات لهم وتوفير كل احتياجاتهم الأساسية آنذاك، لكن القوات التي قد كانت ألتزمت للسكان، لم تستمر بتكفل هذه الوعود التي قدمتها لسكان منطقة الأزهور، وتركت سكان المنطقة يواجهون مخاطر الحياة القاسية دون الالتفات إليهم, حد قوله.

ويؤكد "عندما تنفذ علينا المواد الغذائية نسلك طريق بعيدة للوصول إلى الحدود السعودية، حيث يتطلب منا استخراج تصريح لعبور الحدود ويستغرق هذا التصريح لأسابيع".

وبحسب سكان المنطقة, لم يكن لديهم حلا مناسبا لجلب المياه النظيفة إلى منازلهم فقد اضطر نازحو الأزهور إلى جلبها من السائلة رغم أنها غير صالحة للشرب، مما سببت لأسرهم الأوبئة وأمراض الحميات والالتهاب، إضافة إلى افتقارهم الرعاية الصحية بالمنطقة فلا توجد هناك مراكز صحية تقوم بمعالجتهم.

 

مخاوف مفزعة

 

تقع منطقة الأزهور في الوسط بين قوتين متحاربتين حيث يحيط بها من جهة القوات اليمنية الموالية للسعودية ومن جهة أخرى جماعة الحوثي الإرهابية, الأمر الذي يسبب الكثير من المشاكل للسكان, الذين قد يقعون عرضة للمساءلة من الطرفين في منطقة ينشط فيها التهريب وخصوصا لنبتة القات, وكل جهة تتهمهم بالتعاون مع الأخرى, حد وصفهم.

بلغة متلعثمة وملامح شاحبة يتحدث سالم الأزهوري أحد نازحي منطقة الأزهور عن تعرض أبنائه ماجد وشمسان إلى التعسفات والاعتقال من قبل قوات الحدود "كان الأمر أشبه بالكابوس له ولأسرته عند اعتقالهم في العام 2022، واقتيادهم إلى جهات مجهولة لم تعرف الأسرة شيئا عن أبنائها".

ويضيف سالم لـ "المجهر" بأن أولاده تعرضوا للاعتقال من قبل جنود تابعين للقوات اليمنية على الحدود بتهمة التواصل مع الطرف الآخر، وأنهم يقومون بنقل معلومات عنهم.

لم تكن المرة الأولى لاعتقال ماجد وشمسان لقد تكرر السيناريو لأكثر من مرة منذُ نزوحهم، الوضع الذي جعل الأسرة تعيش بوضع مأساوي نتيجة الخوف والفزع التي تتلقاه من القوات على الحدود، بالإضافة إلى معاناتهم الأخرى الذين يفتقدون إلى أبسط الحقوق من مقومات الحياة الكريمة، وتغيير الأحوال الجوية القاسية عليهم التي تعرض أطفالهم إلى الأوبئة والحميات نتيجة المياه الغير صالحة للشرب, وفق سالم.

 

شحة المياه

 

يواجه نازحو الأزهور صعوبة قاسية في الحصول على المواد الغذائية، والمياه الصالحة للشرب، والرعاية الصحية ومساكن آمنة، بحيث يتطلب الأمر منهم الحصول على تصاريح رسمية من القوات الحدودية الموالية للسعودية عند جلب الغذاء، وقد تستغرق هذه العملية لأسابيع حتى يتمكنوا من الحصول على إمدادات الطعام.

يقول سالم "نعاني من نقص حاد في المياه النظيفة، والمسكن، والغذاء، حيث نتشارك نحن السكان على مصادر المياه المحدودة ونعتمد بشكل رئيسي على مياه السائلة الغير صالحة للشرب، وتزداد معاناتنا إلى الأسوأ، ونفتقر إلى أبسط الحقوق كالمياه والغذاء والرعاية الصحية، لا تتوفر مرافق صحية ملائمة، لدرجة أننا نفتقر العيادات المتنقلة إلى المعدات والإمكانيات الضرورية، بحيث تنتشر الأمراض المعدية بأسرع وقت، مما يزيد من معاناتنا".

إن الوضع المأساوي الذي يعاني منه نازحو الأزهور بمحافظة صعدة، يجب أن يلقى الاهتمام العاجل والتدخل الفوري من المجتمع الدولي، ويجب على القوات اليمنية الموالية للسعودية وجماعة الحوثي في الحدود التسهيل للسكان من الحصول على المواد الغذائية لتخفيف من معاناتهم وتوفير الحماية والرعاية لهم خلال هذه الظروف الصعبة.

وناشد النازحون المنظمات الإنسانية والجهات المانحة تقديم المساعدات العاجلة لتحسين ظروفهم المعيشية واحتياجاتهم إلى إمدادات طارئة من الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية، كما يطالبون بتوفير مساكن آمنة ولائقة للاستضافة المؤقتة لإعادة منازلهم.