الاثنين 16/سبتمبر/2024
عاجلعاجل

غرق السفينة "روبيمار".. جريمة حوثية تتسبب بكارثة بيئية في البحر الأحمر (تقرير خاص)

غرق السفينة "روبيمار".. جريمة حوثية تتسبب بكارثة بيئية في البحر الأحمر (تقرير خاص)

في حادثة هي الأولى، غرقت سفينة الشحن البريطانية "روبيمار"، لتصبح أول سفينة لاقت مصيرها، منذ تصعيد جماعة الحوثيين في البحر الأحمر، وهذا ما قد يتسبب بكارثة بيئية في المياه الإقليمية اليمنية والبحر الأحمر، نتيجة احتوائها على آلاف الأطنان من الأسمدة غير العضوية والوقود، وفقًا لتحذيرات دولية.

وقالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) التابعة للحكومة المعترف بها دوليا إن غرق السفينة "إم في روبيمار" كان متوقعًا، بسبب ترك السفينة لأكثر من 12 يومًا، وعدم التجاوب مع مناشدات الحكومة لتلافي وقوع الكارثة.

وحملت الحكومة اليمنية، جماعة الحوثي، مسؤولية الكارثة البيئية المترتبة على الحادث، وقالت خلية الأزمة اليمنية للتعامل مع السفينة "روبيمار" إنَّها غرقت بعد هجومين إرهابيين للميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني.

 

استهداف غير مبرر

 

وفي الثامن عشر من فبراير/ شباط الماضي، استهدف الحوثيون السفينة المحملة بأكثر من 40 ألف طن من الأسمدة والزيوت، ومنذ الحادثة بدأت الحكومة اليمنية تطلق استغاثات متكررة من أجل إنقاذها، فيما حاولت الجماعة الحوثية استغلال الأمر للمساومة السياسية، حيث زعمت أنَّها ستسمح بالإنقاذ مقابل إدخال شحنات من الأغذية إلى غزة.

إلى ذلك، حذر رئيس الوزراء من كارثة بيئية كبرى على ضوء غرق سفينة ‎روبيمار، بسبب إصرار ميليشيا الحوثي على إغراقها، وتقاعس ملاك السفينة عن التعاون مع ‎الحكومة، مناشدًا المجتمع الدولي بالتحرك العاجل، وتشكيل خلية طوارئ لإنقاذ البحر الأحمر، ومعالجة الكارثة البيئية الناجمة عن غرق السفينة.

وقال رئيس الوزراء في تغريدة على منصة "إكس" إن غرق السفينة ‎روبيمار كارثة بيئية لم تعهدها اليمن والمنطقة، مشيرًا إلى أنها مأساة جديدة للبلد والشعب، "ندفع في كل يوم ثمن مغامرات مليشيا الحوثي، التي لم تكتف بإغراق اليمن في كارثة الإنقلاب والحرب، بل صنع كارثة إنسانية تهدد حياة شعبنا والأجيال لعشرات السنوات".

 

كارثة بيئية

 

وفي ظل عدم وجود تقارير رسمية توضح حجم الكارثة المتوقعة جراء غرق السفينة، وأثرها على البيئة البحرية في المياه اليمنية والبلدان المشاطئة، ثمة مخاوف من تصعيد جماعة الحوثي الإرهابية، التي لا تكترث لتبعات هجماتها البحرية.

وفي هذا السياق، قالت حكومة جيبوتي إن المجتمع الدولي تقاعس عن إنقاذ السفينة "روبيمار" وتتوقع تكرار المأساة بسبب الحوثيين.

من جهته، جدد وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، الدعوة الحكومية كافة الدول والمنظمات والهيئات المعنية بالحفاظ على البيئة البحرية، إلى سرعة التعامل مع التداعيات الكارثية لغرق السفينة على بُعد نحو 11 ميلا من أقرب نقطة بر في اليمن، ومعالجة الكارثة البيئية الناجمة عن غرق الأسمدة التي تحتوي على مادة الفوسفات ومواد كيميائية أخرى خطيرة للغاية في المياه البحرية اليمنية.

وأضاف أن هذه الحادثة، ستؤدي إلى تكاثر الطحالب وتكوين غطاء فوق سطح الماء وحجب الضوء عنها، وبالتالي موت الشعاب المرجانية والحيوانات البحرية، والتأثير على الشبكة الغذائية للنباتات البحرية والثروة السمكية، ومئات الآلاف من الصيادين، والأضرار التي قد تلحق بمحطات تحلية المياه.

وأشار إلى أن استهداف جماعة الحوثي، المتكرر لناقلات المنتجات الكيماوية والنفطية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، تعكس مدى استهتارها وعدم اكتراثها بالتداعيات الكارثية للتسرب النفطي في البحر الأحمر وخليج عدن، على القطاع الاقتصادي والزراعي والسمكي في بلادنا، والشريط الساحلي لليمن والدول المشاطئة، والبيئة البحرية والتنوع البيولوجي للجزر الواقعة في المنطقة.

واستطرد قائلًا إن هذه الحادثة تؤكد أن جماعة الحوثي ظلت تتلاعب بالمجتمع الدولي طيلة ثمانية أعوام في ملف خزان النفط العائم ‎"صافر"، واستخدمته كقنبلة موقوتة لابتزاز وتهديد العالم، متجاهلة التحذيرات من مخاطر انسكاب ظل وشيكًا لما يزيد عن مليون برميل من النفط، فيما اليوم تشن هجماتها الإرهابية المباشرة على ناقلات المواد الكيماوية والنفطية في خطوط الملاحة الدولية.

وطالب البيان الحكومي، المجتمع الدولي بالعمل على الاستجابة المنسقة للتصدي لأنشطة الجماعة الحوثية، وتفادي المخاطر الكارثية المحدقة جراء هجماتها الإرهابية على ناقلات النفط في خطوط الملاحة الدولية، عبر الشروع الفوري في تصنيفها "منظمة إرهابية"، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، والتحرك في مسار موازي لتقديم دعم حقيقي لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة في الجوانب (السياسية، والاقتصادية، العسكرية) لاستعادة الدولة وفرض سيطرتها على كامل الأراضي اليمنية.

 

تلويث البحر

 

الخبير العسكري علي الذهب، يقول إن غرق سفينة روبيمار في البحر الأحمر، يعد جريمة شنيعة ارتكبها الحوثيين تجاه الأمن والسلامة البحريين، والأمن القومي للدول المشاطئة، مؤكدًا أن هذه الجريمة خرقت حزمة من الاتفاقيات، من بينها اتفاقيتا قانون البحار، وبيرسجا لعام 1982، واتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة نحو السفن لعام 2005.

ويرى الكاتب الصحفي، عبدالله إسماعيل، أن ‏جماعة الحوثي الإرهابية أغرقت 44 ألف طن من الامونيا لتسمم الأحياء البحرية، وتتحول إلى كارثة بيئية ستؤثر على اليمنيين وتزيد من معاناتهم.. "لم تكن هذه الجماعة يومًا إلا كارثة وجائحة ولن يتوقف شرها ما دام وجودها".

إلى ذلك، يشير ‏الصحفي محمد الضبياني، إلى أن غرق السفينة ‎روبيمار في ‎البحر الأحمر، وتسرب المواد الكيميائية الخطرة، هو إرهاب حوثي إيراني مكتمل الأركان، ونتيجة طبيعية لترك ميليشيا متمردة تحتل جزء هاماً من الأرض اليمنية واستخدامها منصة لتهديد الأمن والوطن وتسميم الحياة البحرية، وإنهاء فرص الحياة لأكثر من نصف مليون صياد على الساحل الغربي.

ويتساءل عبدالسلام محمد رئيس مركز ابعاد للدراسات: "لو افترضنا أن الحوثي فعلًا يحارب إسرائيل وأمريكا وبريطانيا والعالم كله، لماذا يعاقب اليمنيين وثروات أجيالهم البحرية بإغراقه سفينة محملة كيماويات بالقرب من سواحل اليمن؟".

ويستطرد: "هل الحرب موجهة ضد إسرائيل، أم هدفها تدمير مصالح اليمنيين، ولماذا الحوثي يتعمد تلويث البحر وقتل الأسماك والإضرار بسواحل اليمن بالإصرار على إغراق سفينة محملة بسماد كيميائي ومعروف حمولتها حتى يكرر ضرباته عليها وإغراقها عمدًا".

 

قلق حكومي

 

وفي وقت سابق، أكدت الخلية الحكومية أنها في حالة انعقاد دائم لتدارس الخطوات اللاحقة، وتحديد أفضل السبل للتعامل مع التداعيات، ومعالجة الكارثة البيئية الناجمة عن الحادثة، لكن الخارجية اليمنية قالت إنها تفاجأت بهجمات جوية استهدفت زورقاً لصيادين يمنيين قرب السفينة الجانحة، ما أدى إلى مقتل وفقدان بعض الصيادين، وتضرر السفينة.

وفي تصريحات حكومية، أكد وزير المياه والبيئة، توفيق الشرجبي، أن الوضع العام بشأن السفينة «روبيمار» مقلق جداً، وأن السفينة المستهدَفة لم تكن محملةً بالأسلحة أو متجهة إلى إسرائيل كما زعم الحوثيون عند استهدافها، بل كانت متجهة نحو بلغاريا، وأن استهدافها يضر باليمن واليمنيين في مختلف المجالات، ولا يخدم الفلسطينيين وقضيتهم العادلة.

وأوضح الوزير اليمني أن سفينة روبيمار يبلغ طولها 171 متراً، ويبلغ عرضها 27 متراً، وذات صهاريج سائبة وتحمل كمية من الأسمدة (مواد خطرة) والزيوت والوقود، وتحمل علم دولة بليز، ومملوكة لشركة "غولدن أدفنشر شيبينغ" الملاحية المسجلة في جزر مارشال، وإدارتها من الجنسية السورية، وعدد طاقمها 24 شخصاً، هم 11 سورياً و6 مصريين و3 هنود و4 فلبينيين، وتم إجلاؤهم جميعاً إلى جيبوتي.

وسط قلق حكومي كبير، يشير خبراء بيئيين إلى أن خطر الديزل أكبر من خطر الأسمدة، وذلك لأن الأثر يبقى لمدة أطول بكثير من الأسمدة الكيميائية، التي يمكن أن تتحلل في فترة زمنية محددة، ناهيك عن أثره على الحياة البحرية في القعر، وقد يؤدي لنفوق الأسماك والطيور التي تصطاد الأسماك.