في الوقت الذي يترقب فيه اليمنيون تدشين الرحالات الجوية من وإلى مطار المخا الدولي، غربي محافظة تعز، تسعى جماعة الحوثي الإرهابية، لنشر التأويلات والكثير من الشائعات التي تم تداولها خلال الأيام الماضية، بالإضافة إلى تصريحات تزعم أن المطار يخدم أجندة خارجية، وهددت بقطع هذا الشريان الجديد الذي يربط اليمن بالخارج.
تعود القصة إلى التكهنات الحوثية الصادرة عن الجماعة المدعومة من إيران -التي لا تريد أن يتنفس الشعب اليمني، ويكسر الحصار الذي تفرض عليه- لدوافع إنشاء مطار المخا الدولي، زاعمين أن مهمة المطار ليست مدنية، بل قد يجري استخدامه لأغراض عسكرية، في محاولة لتزييف الواقع واختلاق مبررات وهمية لارتكاب المزيد من الانتهاكات.
أكاذيب حوثية
القيادي المنتحل صفة وزير الخارجية بالعاصمة المختطفة صنعاء، المدعو حسين العزي، قال في تغريدة على منصة "إكس" إن ميناء المخا يخدم الولايات المتحدة، وأنه لن يتم السماح بتشغيله.
وهدد القيادي الحوثي، باستهداف مطار المخا، زاعمًا أن العديد من عناصر الموساد (جهاز المخابرات الإسرائيلي) دخلوا إلى مدينة المخا عبر رحلة جوية سابقة. وفي وقت سابق، كان "العزي" قد هدد بمنع العمل في المطار، تحت ذات الذرائع.
ولاقت هذه التهديدات، ردًا حاسمًا، حيث توعد الناطق الرسمي باسم المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، العميد صادق دويد، برد موجع في حال تعرض مطار المخا الدولي، لأي هجوم قد تنفذه جماعة الحوثي الإيرانية، موضحًا أن المطار مدني وجرى إنشاؤه لخدمة المواطنين، بعيدًا عن أي أغراض أخرى تروج لها الجماعة الحوثية.
ونفى العميد "دويد"، استخدام المطار لأغراض عسكرية، مؤكدًا أنه مطار مدني أنشئ لخدمة المواطنين وأي استهداف له سيواجه برد "موجع".
وأضاف في تغريدة على منصة "إكس": "على من يدعي زوراً حرصه على أمن الشعب اليمني، أن يتخلص من تبعيته العمياء لنظام الملالي واستمرارهم في تحويل اليمن إلى مسرح صراع إقليمي ودولي نتيجة مغامراتهم غير محسوبة العواقب".
وأشار المتحدث باسم المقاومة الوطنية، إلى أن المزاعم الحوثية بوجود تنسيق مع أمريكا والكيان الإسرائيلي، هي أكاذيب اخترعتها جماعة الحوثي، وصدقتها بهدف التضليل على أتباعها.
إدانة رسمية
الهيئة الإدارية للمجلس المحلي في مديرية المخا، أدانت التهديدات التي أطلقتها جماعة الحوثي التابعة لإيران باستهداف مطار المخا الدولي، ووصفتها بـ"العدوان السافر والمقيت" على منشآت مدنية.
وقالت الهيئة في بيان لها: "ندين التهديدات الإرهابية، التي أطلقتها ذراع إيران في اليمن، (جماعة الحوثي) باستهداف مطار المخا الدولي، الذي تم إنشاؤه كمنفذ إنساني لمدينتَي تعز والحديدة المحاصرتين من قبل الحوثيين.
وأكدت أن هذا التهديد يُعدّ عدوانًا سافرًا ومقيتًا يمس منشآت مدنية ويرقى إلى اعتباره جريمة مكتملة الأركان، مشددة على أن الشعب اليمني يتعرض لحصار جائر وعنجهية وتسلط وقمع من قِبل الحوثي، منذ أن بسط سيطرته على العاصمة صنعاء، بدعم مباشر من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله.
وطالبت الهيئة المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإيقاف الجرائم الحوثية المستمرة بحق الشعب اليمني ومصالحه ومنشآته الحيوية.
وأشارت الهيئة إلى أن هذه الجماعة الإرهابية "ما زالت تقطع الطرقات على المواطنين وتزيد من معاناتهم في التنقل بحرية بين المدن، ولم تكتفِ، وها هي اليوم تقوم بتهديد المطارات المدنية وتقصف السفن التجارية".
ودعت الهيئة المؤسسات والمنظمات الحقوقية والإعلامية إلى تبني قضية التهديدات المتكررة باستهداف مطار المخا الدولي، لضمان تقديم قيادات هذه الجماعة الإرهابية وداعميها للقضاء الدولي لينالوا جزاءهم، وكف أذى إيران ودعمها للجماعات الإرهابية في المنطقة.
منفذ جديد
تأتي هذه التهديدات الحوثية، عقب إعلان الهيئة العامة للطيران المدني في العاصمة عدن، افتتاح مطار المخا الدولي في محافظة تعز، ابتداءً من الخامس من إبريل/نيسان الجاري، بعد استكمال تجهيزه.
وحددت الهيئة المطار من فئة G, برمز دولي معتمد من منظمة الطيران المدني الدولي هو (OYMK)، وعممت على شركات الطيران والمنظمات الدولية التي تشغل رحلاتها في اليمن أن المطار بكامل جاهزيته الفنية والإدارية.
ولاقى افتتاحه اهتمامًا واسعًا بين اليمنيين، الذين أشادوا بجهود إنشائه وأهميته للتخفيف من معاناة المواطنين الذين يتكبدون مشقة السفر، ومنفذًا جديدًا يربط اليمن بالعالم الخارجي.
وأكد ناشطون أن أهمية مطار المخا تتمثل في كونه منفذًا جديدًا لمحافظتي تعز والحديدة، موضحين مدى ارتباطه بإعادة تشغيل ميناء المخا، وتعبيد طريق المخا - تعز، وهذا يربط تعز بالخط الساحلي الممتد إلى العاصمة المؤقتة عدن".
وأشار مراقبون إلى أن افتتاح وتشغيل هذا المنفذ الجوي يساهم في مساعدة محافظة تعز بشكل خاص، وتخفيف معاناة الحصار، وتخليص المدينة والمواطنين من كماشة الجماعة الحوثية.
وتفيد المعلومات بأن جماعة الحوثي تُحاصر مدينة تعز منذ العام 2016، عبر المنافذ الرئيسية التي تربطها بالمحافظات الأخرى التي تسيطر عليها الجماعة، ما يضطر السكان للسفر والتنقل بطرق وعرة وطويلة، تتسبّب غالبًا بكثير من الحوادث المروعة، ناهيك عن التكلفة الباهظة لنقل البضائع واحتياجات الساكنين في هذه المدينة.
مطار مدني
في مطلع العام 2024، منعت جماعة الحوثي طائرة مدنية كانت تقل عالقين يمنيين في السودان، من الهبوط في مطار المخا قادمة من بورتسودان، وهددت بقصف الطائرة، لتتسارع الأحداث خلال الأشهر الماضية، وتعود الجماعة الحوثية إلى التهديد بالقصف والاستهداف لهذا المنفذ المدني.
باحثون وخبراء في الشأن اليمني، قالوا إن جماعة الحوثي تسعى من خلال التهديد والاستهداف للمشاريع التنموية والذهاب للقضاء على الجهود التنموية، التي تخفف من معاناة المواطنين في المناطق المحررة، آخرها مطار المخا، يفسر حالة التعنت الحوثية، والإصرار المستمر على معاقبة الشعب، وعدم رفع يد الحصار عن هؤلاء البسطاء.
من جهته، يقول مدير مطار المخا خالد عبداللطيف لـ "المجهر ": إن المطار أحد المنجزات التي تم انجازها في الساحل الغربي بدعم وتوجيه عضو مجلس القيادة الرئاسي، العميد طارق صالح، بهدف رفع الحصار عن محافظة تعز، التي يحاصرها الحوثي منذ أكثر من تسعة أعوام، إلى جانب انجاز طريق تعز الكدحة، فأصبح لأبناء محافظة تعز والساحل الغربي والمناطق المحررة من محافظة الجديدة منفذًا يستطيعون العبور منه إلى المحافظات المحلية والوصول إلى الإقليم.
وأضاف بأن المطار يشكل رافدًا اقتصاديًا وتنمويًا لمحافظة تعز، موضحًا بأنه سيكون له دور في المستقبل القريب، بإنشاء مدينة المخا، المقبلة على نهضة خصوصًا مع مجموعة المشاريع التي يتبناها العميد طارق، من أجل خلق تطوير وازدهار المخا، كمدينة حضرية يكون لها قطاعات اقتصادية وزراعية وتنموية.
مر مطار المخا بعدد من المراحل، حسب عبداللطيف، الذي أكد بأن المرحلة الاولى شملت بناء المدرج بطول 2350m ثم المرحلة الثانية بناء مبنى المطار (المسافرين) والبرج، والمرحلة الأخيرة جرى تمديد البرج حتى يتم استقبال الطائرات الكبيرة والمتوسطة، باعتباره نافذة حضرية لمدينة المخا ومدينة تعز وأبناء الساحل الغربي وكافة اليمنيين.
وأشار إلى أن المطار سيعمل في المستقبل القريب بحيث يكون مطارًا نموذجيًا، وأن هناك خطة مستقبلية لتطوير المطار على أن يكون لديه عدة خيارات لتطوير وازدهار المدينة من خلال الاستثمارات، وبناء مناطق سياحية وتجارية، وتسهيل حركة المواطنين من وإلى اليمن.
وكشف بأن مطار المخا أصبح جاهزًا لاستقبال رحلات الطيران التجاري المنتظم، ويجري التنسيق مع الناقل الوطني ومجموعة من شركات الطيران من أجل تسيير الرحلات من وإلى المخا، متمنيًا التعاون من الناقل الوطني والخطوط الجويهطة اليمنية، ليتم خلال القريب العاجل تسيير الرحلات في البداية على المستوى الداخلي والإنتقال بعدها إلى المستوى الخارجي.
تشويه متعمد
وحول تصريحات الحوثيين الأخيرة، رد مدير مطار المخا، بأن جماعة الحوثي لا يروق لها أي إنجاز يعمل على تطوير وإعادة بناء الدولة، لافتًا أنهم أداة هدم وليس لديهم أدوات بناء، فهم يبنون جماعتهم ولا يسعون للبناء من أجل مصلحة البلد والمواطن، ولذلك هم يحاولون تشويه مطار المخا عبر تصريحاتهم الهوجاء والتهديدات التي توضح أن لديهم مخططات لزعزعة وضع الساحل بداعي أنهم يحاربون إسرائيل وأمريكا.
واستطرد قائلًا: الحوثيون يجلبون للوطن الشر والأشرار، ويخدمون المشروع الفوضوي الاستخباري الغربي الأمريكي من خلال خلق الفوضى في الوطن، والمنطقة العربية، وتهديد مصالح دول الجوار بإيعاز من إيران، إلى جانب ما يقومون به في باب المندب من تهديد للملاحة البحرية، وعسكرة البحر الأحمر.
وفي تصريحه لـ "المجهر"، أشار المدير: "لو كان مطار المخا مطارًا عسكريًا، لما جرى الإعلان عنه بمراحله الثلاث، وما تم التعميم من الهيئة العامة للطيران المدني، وتحت إشراف الهيئة، وبحسب موافقة منظمة الايكاو الدولية، وحسب الشروط والمتطلبات الايكاو.. إذا كان عسكريًا لا يمكن أن يتم الإعلان عنه".
وأكد أن جماعة الحوثي الإرهابية، تحاول بث السموم لدى أتباعها من القطيع، حتى لا يصحوا من غفوتهم ولذلك نرجو ان يكون أبناء الشعب اليمني، على دراية بما تخططه هذه الميليشيا، التي لا تملك مشروعًا وطنيًا لبناء الدولة، بل مشروع هدم لتحقيق أجندة خارجية خدمةً لطهران، وما يتناسب مع مصالحها في المنطقة العربية، فالحوثي يسير وفق مخطط مرسوم من قبل الاستخبارات الإيرانية.