الخميس 21/نوفمبر/2024
عاجلعاجل

الحوثيون والقضاء.. حين تتحول أدوات العدالة إلى وسائل للظلم والتمييز (تقرير خاص)

الحوثيون والقضاء.. حين تتحول أدوات العدالة إلى وسائل للظلم والتمييز (تقرير خاص)

تسعى جماعة الحوثي الإرهابية لإحكام قبضتها على السلك القضائي بدوافع سلالية وطائفية من أجل السيطرة على مؤسسات القضاء عبر استهدافها للقضاة من خلال تلفيق التهم إليهم كذريعة لإقصائهم وتعيين أشخاص موالين لها ضمن مساعي الجماعة المدعومة من إيران لـ"حوثنة القضاء".

مؤخرا, استهدفت جماعة الحوثي تقييد صلاحية الترشيح للدراسة في المعهد العالي للقضاء بالعاصمة صنعاء من خلال استمارة أصدرتها تحت مسمى " التقييم النهائي للمرشحين للالتحاق بالمعهد العالي للقضاء" إلى إجراء عملية فرز للطلاب المتقدمين على أساس الولاء والمناصرة لمشروع الجماعة الطائفي.

وتعددت نماذج الاستهداف التي تطال القضاء من قِبل جماعة الحوثيين, حيث أقدمت الجماعة مطلع  يناير/ كانون ثاني على اقتحام منزل القاضي عبد الوهاب قطران واختطفته, ثم أودعته سجون الأمن والمخابرات التابعة لها.

 

القاضي قطران

 

كواحد من عشرات القضاة ومنتسبي الجهاز القضائي في مناطق سيطرة الحوثيين, عرف القاضي عبدالوهاب قطران بموافقه المناهضة للجماعة المدعومة من إيران, مستخدما فضاء التواصل الاجتماعي وسيلة لنشر انتهاكات الجماعة لحقوق الإنسان واستمرار فسادها في جميع أجهزة الدولة.

في الثاني من يناير /كانون ثاني 2024 أقدمت قوات جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين في تمام الساعة العاشرة صباحا على اقتحام منزل القاضي عبد الوهاب قطران وتهديده هو وعائلته وإجبارهم على دخول مركبات عسكرية خارج المنزل لساعات واستجوابهم, دون أي مسوغ قانوني.

وقامت جماعة الحوثيين باقتياد القاضي قطران إلى جهة مجهولة بعد تفتيش المنزل والعبث بمقتنياته ثم أفرجت عن بقية أفراد أسرته بعد مصادرة هواتفهم وحواسبهم الشخصية.

وأتت عملية اختطاف القاضي عبد الوهاب قطران من قِبل جماعة الحوثيين لانتقاده سياسية الجماعة كسلطة أمر واقع وعدم صرفها مرتبات الموظفين التي قطعتها الجماعة المصنفة ضمن قوائم الإرهاب الأمريكية منذ عشر سنوات.

وقال قطران حينذاك, في تدوينة على منصة "إكس" حول تعهد الحوثيين بمحاربة أمريكا قائلًا «ثلاثون مليون شخص لم يفوضوك لمحاربة أمريكا. محاربة الجوع والفقر والجهل والمرض … الفساد والظلم".

إلى ذلك, أفادت منظمة ميون لحقوق الإنسان, أنها رصدت خلال الأيام التي سبقت اعتقال قطران توجيه قيادات وعناصر تابعة لجماعة الحوثيين عبر منصات التواصل الاجتماعي  اتهامات خطيرة لقطران والتحريض عليه وإطلاق تهديدات له في حال استمراره في التعبير عن آرائه المعارضة لممارسات الجماعة للهجمات التي تقوم بها الجماعية على السفن في البحر الأحمر.

 

تهم ملفقة

 

في مقطع مرئي, ظهر نجل القاضي قطران (محمد) عقب اقتحام قوات الأمن والمخابرات التابعة للحوثيين  لمنزلهم قائلاً " أن قوات الحوثيين أرتنا زجاجات خمور لم نرها من قبل وزعموا أنهم عثروا عليها في منزلنا كانت كميات عجيبة من الخمور بأشكالها وألوانها وأنواعها لم أرَها من قبل " وبررت الجماعة اعتقال القاضي بالادعاء بأنه كان يصنع الكحول ويشربه.

 

 

وكشف نجل قطران في مقطع مرئي حديث, نشره الخميس الماضي أن جماعة الحوثي حققوا مع والده أكثر من عشرين جلسة تحقيق بعد أن عصبو عيونه وقيدوه من أجل الضغط عليه للاعتراف بأنه ينفذ أجندة خارجية ويرتبط مع جهات خارجية من أجل التخطيط للانقلاب على الجماعة في صنعاء, حد قوله. 

 

وخلال عشر سنوات منذ انقلاب 2014, اعتادت جماعة الحوثي الإرهابية تلفيق التهم الكيدية لخصومها كوسيلة للإيقاع بهم وارتكاب أبشع الجرائم بحقهم من أجل إرهابهم وإسكاتهم والحد من الأصوات المنتقدة لسياستها القمعية والسلالية, وفق تقارير حقوقية.

 

تعذيب جسدي ونفسي

 

بحسب نجل القاضي قطران بعد أن سمحت جماعة الحوثي لوالده بالاتصال لأسرته, أخبر نجله عن تعرضه لضغوطات كبيرة وبطرق قذرة في سجون الأمن والمخابرات الحوثية من أجل الاعتراف بالتهم الملفقة التي نسبتها الجماعة إليه.

ونقل محمد  عن قطران  قوله  " بيمارسو علي الضغط بشكل رهييب وبطرق قذره.. بيقولوا لي معانا سيديهات لك.. عننشرهن.. احنا بنراقب بيتك سبعه اشهر.. بنسمع كل ما بيدور فيه... احنا عارفين بكل مايدور في بيتك وعندنا كل اسرارك وخصوصياتك..."

وأشار نجل قطران إلى أن جماعة الحوثي تراقب تلفونات أسرته رقابة شديدة وأن كل أفراد أسرته مراقبين منذ سبعة أشهر من أيام الاحتفال بعيد الـ 26 من سبتمبر/ أيلول الماضي.

وأكد أن والده يعاني من وجع في عيونه وأن جماعة الحوثي ذهبوا به إلى المستشفى من أجل إخضاعه للفحوصات, حيث تعاملت الجماعة معه كأنه مجرم بعد أن غطت على وجهه ووضعت القيود على يديه وكأنه زعيم تنظيم إرهابي بدون المراعاة لكونه قاضي ويملك حصانة وكأنهم سيذهبوا به إلى ساحة إعدام وليس مستشفى, حد وصفه.

وأضاف نجل القاضي عبد الوهاب قطران بأن والده أخبره بأن الوضع مزري ومأساوي بكل ما تعنيه الكلمة في سجون الأمن والمخابرات التابع لجماعة الحوثي, الجهاز الذي تستخدمه الجماعة لقمع خصومها والمناوئين لها.

 

مطالبات بالإفراج

 

في السادس من فبراير/ شباط الماضي طالب نادي قضاة اليمن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الأنسان بالضغط على جماعة الحوثي بسرعة الإفراج عن القاضي قطران دون قيد أو شرط.

واعتبر نادي القضاة الحادثة انتهاك صارخ لحقوق الإنسان فضلا عن انتهاكه للحصانة القضائية مطالبا بتسجيل هذه الجريمة ضمن الجرائم التي تمارس بحق القضاة باليمن.

وفي الثاني عشر من مارس / آذار الماضي دعت منظمة العفو الدولية جماعة الحوثي إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن القاضي عبد الوهاب قطران الذي تم احتجازه في سجونها منذ بداية يناير في بيان حمل عنوان "أَفرِجُوا عن قاضٍ معتقل تعسفيًا".

وأشارت المنظمة في البيان إلى أن القاضي قطران تعرض للإخفاء القسري لمدة ثلاثة أيام وتم وضعه في الحبس الانفرادي دون الحق في الاستعانة بمحامٍ وأكدت المنظمة على ضرورة الإفراج الفوري عنه دون أي شروط.

وفي وقت سابق, أكدت تقارير حقوقية عن إحالة 70 قاض وعضو نيابة إلى المحاكمة بعد توقيفهم عن العمل من قبل القيادي في جماعة الحوثيين وابن عم زعيم الجماعة محمد علي الحوثي رئيس ما تسمى "المنظومة العدلية العليا", وهو كيان مستحدث من قبل الجماعة لغرض السيطرة على السلك القضائي.