مؤخراً, تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي وثائق تؤكد تسهيل جماعة الحوثي الإرهابية لدخول أصناف من المبيدات السامة والمحظورة إلى مناطق سيطرتها ما أثار سخط شعبي واسع بسبب أضرار هذه المواد التي تفاقم من معاناة السكان وتساهم في ارتفاع المشكلات الصحية.
وأكدت الوثائق المسربة تورط جماعة الحوثي بإدخال كميات ضخمة من مواد بروميد الميثيل ، المانكوزيب ، دورسبان المحظورة والتي تشكل خطر كبير على البيئة وحياة المواطنين وفق تحذيرات أطلقها أطباء ومتخصصين في هذا المواد.
كبير المتورطين
كشفت وثيقة صادرة عن مكتب الجمارك التابع لسلطات الحوثيين في العاصمة صنعاء بتاريخ 28 نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي, عن تورط قيادات كبيرة في قوات النجدة التابعة للجماعة بإخراج قاطرة محتجزة لدى مكتب الجمارك محملة بمبيدات سامة من نوع (بروميد الميثيل المحظور والممنوع) تابعة لشركة سبأ العالمية والخاصة بالتاجر دغسان أحمد دغسان المنحدر من محافظة صعدة.
وأشارت وثيقة أخرى مسربة مطلع ديسمبر/ كانون أول الماضي, تضمنت بلاغا موجها من مدير عام جمارك صنعاء إلى غرفة العمليات المشتركة بالمصلحة إلى أن قائد كتيبة الخدمات بقوات النجدة التابعة لجماعة الحوثيين نبيل لطف الله ومعه الضابط عبدالله الباردة اقتحموا ساحة مكتب الجمارك بصحبة طقمين عسكريين مع الأفراد التابعين لقوات النجدة وأبلغوا ضابط أمن الجمارك بأن لديهم توجيهات من علي حسين بدر الدين الحوثي مدير عام القيادة والسيطرة بوزارة الداخلية بإخراج القاطرة.
وكانت محكمة الأموال العامة بأمانة العاصمة صنعاء, قد أقرت في العام 2014 إغلاق مؤسسة "دغسان للمبيدات الزراعية"، على خلفية قضية تهريب المبيدات إلى البلاد وعدم الحصول على تصاريح رسمية، مؤكدة أن صالح أحمد دغسان (صاحب المؤسسة) وعبدالعظيم أحمد دغسان، وعلى أحمد دغسان كانوا يتزعمون مع آخرين عصابات تهريب المحظورات.
وبحسب مصادر مطلعة, فإن دغسان وأشقاءه ذو السوابق ينتمون إلى صعدة المعقل الرئيس للجماعة ولهم علاقات وثيقة مع قيادات حوثية, حيث يستثمرون في مجالات عده أخرى كالنفط والأغذية وغيرها من الشركات التجارية التي ظهرت تباعا مع سيطرة جماعة الحوثي المدعومة من إيران على صنعاء.
تجارة قاتلة
مطلع العام 2018 أكد موقع "وكالة الصحافة اليمنية" وقوف جماعة الحوثيين خلف وصول كميات من المواد السامة إلى مناطق سيطرتها وتحدث في تقرير عن ما أسماه "صفقات مشبوهة (متعددة) وغير قانونية سكتت عنها حكومة صنعاء", وفق التقرير.
وأكدت الوكالة أن الصفقات شملت حاويات، مشيرة إلى أن "جرع الموت تواصل تدفقها الى أفواه الشعب اليمني برعاية وزارة الزراعة", حد وصفها.
كما تحدث التقرير عن 90 صنفاً من المبيدات الزراعية المشبوهة دخلت الأسواق اليمنية في 2017 بتوجيهات عليا دون أن تخضع لإجراءات قانونية"، لافتاً إلى أن "أكثر من 120 طناً من المبيدات المحضورة دولياً" كانت محتجزة في نقاط مختصة وأفرج عنها بواسطة وزارة الزراعة في حكومة الجماعة.
من جهتها, أصدرت محكمة الأموال العامة التابعة للحوثيين بلاغا في 27 أبريل/ نيسان الفائت إلى مدير مباحث الأموال العامة في الجماعة أمر قهري بحق عبد العظيم أحمد دغسان لتورطه بإدخال مبيدات مهربة ومحظورة وإغلاق محلاته الكائنة في منطقة شعوب بالعاصمة صنعاء.
وكشفت مصادر إعلامية لـ"المجهر" إلى أن هناك عشرات الشركات الزراعية التي تستورد مبيدات سامة وتقف خلف بعض منها قيادات حوثية مثل تلك المملوكة للشيخ والقيادي في الجماعة دغسان أحمد دغسان وأشقائه الذي عزاه رئيس المجلس السياسي للحوثيين مهدي المشاط في وفاة شقيقه علي أحمد دغسان الفار من وجه العدالة في عام 2014 لضلوعه في عمليات تهريب مواد محظورة وكان يدير حينها "مدير مركز الخير للتجارة والخدمات الزارعية".
مبيدات مسرطنة
أواخر العام الماضي, تداولت حسابات حوثية نهاية عقب تسريب الوثيقة أن دخول شاحنة مبيدات منتهية الصلاحية تعد كارثة كبرى لأنها تعد نفايات كيميائية وأنه تم تهريبها مقابل مبالغ مهولة, مشيرة إلى أن التاجر الذي أدخلها لم يشترها بل استلم مبالغ مقابل تخليص بلد المنشأ منها في إشارة واضحة إلى تورط الجماعة في تهريب المبيدات المحظورة.
وقال الدكتور وهاج المقطري في سلسلة منشورات على منصة فيس بوك إن "المبيدات المحرمة دوليا أو تلك المقيدة ويتم استخدامها بشكل مخالف للتوصيات الخاصة بها ثبت ارتباطها الوثيق بسرطان الجهاز الهضمي (سرطان الفم، البلعوم، المريء، المعدة، الكبد، القولون، المستقيم) وسرطان الدم وسرطان الغدد اللمفاوية، إضافة الى ارتباطها بالفشل الكلوي وتدمير خلايا الكبد وتليف الكبد وتدمير انسجة الدماغ والخلايا العصبية.
وأشار المقطري إلى أن "الجميع معرضون للسرطان صغارا وكبارا وكل التقديرات تؤكد ان النسبة في تزايد مستمر ومرعب خلال الأعوام القادمة اذا استمر الوضع على ما هو عليه دون تحرك الجهات الرسمية بشكل جدي وصارم" مشيرا إلى الكميات الكبيرة من المبيدات السامة التي تدخل إلى مناطق الحوثي.
وكشفت إحصائية صادرة عن المركز الوطني لعلاج الأورام إلى أن اجمالي حالات الاصابة بالاورام السرطانية المسجلة مابين عامي 2015 إلى 2022 لديه خلال الثمان السنوات بلغت 43 ألف و7 مائة و35 حالة (43.735) تتوزع على جميع المحافظات .
اعتقالات وتهديد
في السابع والعشرين من أبريل/نيسان الفائت أقدمت جماعة الحوثي على اقتحام منزل الصحفي خالد العراسي واختطافه واقتياده إلى مكان مجهول وترويع أسرته وأطفاله على خلفية تناولاته لفضيحة المبيدات الزراعية "منتهية الصلاحية والمحظورة دولياً التي تقوم قيادات حوثية بإدخالها للمناطق الخاضعة لسيطرتها.
وجاءت عملية اختطاف العراسي بعد قيام ما يسمى جهاز "الأمن والمخابرات" التابع لجماعة الحوثي بشن حملات تخويف وترويع طالت إعلاميين وصحفيين ونشطاء مجتمع مدني لخوضهم في قضية إدخال المبيدات للسامة والمسرطنة لمناطق سيطرتها بعد أن تحولت لقضية رأي عام.
الدكتور وهاج المقطري هو الآخر تلقى تهديدات من أجل التوقف عن الحديث عن المبيدات المسرطنة والمحظورة" حيث كتب بصفحته تلقينا "اتهامات من البعض من أننا مرجفون وطابور خامس عشر للضغط علينا حتى نصمت عن الحديث عن المبيدات المحظورة ومع ذلك لا أكترث أبدا حين يصبح الأمر يتعلق بصحة وحياة شعب بأكمله واجيال قادمة.
وشهدت الفترة الأخيرة ارتفاع كبير بعدد الإصابات بالأورام السرطانية بسبب المبيدات الزراعية التي تدخل اليمن وعلق ناشطون على نسبة الارتفاع ترجع الكميات التي تدخل مناطق الحوثي بأضعاف كبيرة تفوق الكميات المصرح لها بالدخول.
إلى ذلك, طالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا معمر الأرياني, في بيان, المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن بإدانة جريمة إغراق جماعة الحوثي لليمن بالسموم القاتلة والتي تعرض حياة ملايين اليمنيين للخطر والشروع الفوري في تصنيفها منظمة إرهابية وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية وتكريس الجهود لدعم الحكومة لفرض سيطرتها وتثبيت الأمن والاستقرار على كامل الأراضي اليمنية.