الخميس 17/أكتوبر/2024
عاجلعاجل

مراوغة الحوثيين المستمرة في مسقط تبدد أمل المختطفين وأهاليهم بخلاص قريب (تقرير خاص)

مراوغة الحوثيين المستمرة في مسقط تبدد أمل المختطفين وأهاليهم بخلاص قريب (تقرير خاص)

ليس المختطفون وحدهم من يعانون مرارة الغياب، فخلف كل مختطف في سجون جماعة الحوثي الإرهابية، زوجة وأبناء يعيشون مسلسل من الشتات والعذاب؛ فمنذ تسع سنوات تنتظر أم سلمى عودة زوجها محمد الصنوي، الذي اختطفته الجماعة بداية سنوات الحرب الحوثية، من نقطة الهنجر، المدخل الغربي لمدينة تعز، وما زال المواطن مخفي قسرًا حتى اليوم، دون أي أخبار حول حياته أو مصيره.

لم تستطع هذه المرأة، وهي أم لثمانية أولاد، تحمل سنوات الغياب الإجبارية للزوج، والمعيل الوحيد للأسرة، فانقطاع الأخبار عن المختطف، شكل عليها ضغطًا نفسيًا، إلى جانب صعوبة الظروف المعيشية ومتطلبات الحياة، التي فرضت ضغوطًا إضافية، وانعكست على صحتها البدنية، بل وقادت هذه الزوجة المكلومة لزراعة قسطرة قلبية بعد أشهر من التعب والمرض.

وبفارغ الصبر تنتظر هذه الأم، عودة زوجها المختطف لدى ميليشيا الحوثي، خاصة بعد أن علمت بانطلاق مفاوضات ملف الأسرى في العاصمة العمانية "مسقط"، بين الحكومة اليمنية والحوثيين، على أمل أن تثمر جولة المشاورات بالإفراج عن زوجها، الذي يقبع في سجون الميليشيا للعام التاسع على التوالي.

تأتي مشاورات مسقط، في وقت تسيطر فيه حالة من الإحباط على المشهد اليمني، نتيجة تعثّر عملية السلام، وعرقلة تنفيذ خارطة الطريق، وهذا ما أكسب جولة المفاوضات في عمان أهمية كبيرة، وسط تطلعات اليمنيين بأن تكون هذه المحادثات نقطة فاصلة لإنهاء معاناة الأهالي، وأن تُثمر الوساطات الإقليمية والدولية في حل ملف الأسرى والمختطفين، وإدخال الفرحة إلى قلوب الأسر المنكوبة.

 

الكل مقابل الكل

 

في الثلاثين من يونيو/ حزيران الفائت، انطلقت مفاوضات جديدة بين الحكومة اليمنية (المعترف بها دوليًا) وجماعة الحوثي الإرهابية، بشأن الأسرى والمختطفين وبرعاية مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالإضافة إلى ممثلين عن التحالف العربي بقيادة السعودية.

مصادر دبلوماسية تحدثت بأنه جرى الترتيب لانعقاد المفاوضات بين الحكومة والحوثيين، نتيجة لجهود سعودية عمانية، حيث انطلقت جولة المشاورات بعد أيام قليلة من زيارة وفدين عمانيين إلى عدن والرياض، حيث تستضيف سلطنة عمان قيادات جماعة الحوثي منذ بداية الحرب الحوثية، وتعمل على وساطات سرية بين الأطراف.

في البداية، توقّع ماجد فضائل وكيل وزارة حقوق الإنسان، المتحدث الرسمي باسم الوفد الحكومي، أن تستمر المشاورات نحو 10 أيام، مؤكدًا أن المطلب الأساسي للحكومة هو الإفراج الكلي عن الأسرى والمختطفين من دون تمييز على قاعدة (الكل مقابل الكل).

وأضاف في تصريحات صحفية: "لدينا توجيهات واضحة وصريحة من قيادتنا السياسية حول ذلك، وأن يتعامل الوفد الحكومي بمسؤولية والتزام كاملَين بهذا الملف الإنساني، وألا يتم تجاوز المخفي السياسي محمد قحطان بأي شكل، ويكون على رأس أي صفقة تبادل".

وفي السياق, يقول الكاتب مرزوق ياسين، لـ "المجهر": إن مفاوضات مسقط، هي بداية المشوار للاتجاه نحو السلام، وحلحلة المشهد اليمني إلى تسوية سياسية ممثلة بخارطة الطريق التي وضعتها الأمم المتحدة مؤخرًا، وتنصل الحوثيون عن الإلتزام بالمحددات والجلوس للتفاوض.

فيما يرى الصحفي أحمد مكيبر، أن مشاورات مسقط، تحمل مؤشرات إيجابية لحل ملف الأسرى، وذلك من خلال ما توصل إليه الطرفين، مؤكدًا أن خروج السياسي محمد قحطان يعد خطوة مهمة في إنجاح الصفقة، والسير نحو مرحلة جديدة من السلام وإنتهاء الحرب.

 

خيارات مطروحة

 

في رابع أيام جولة المفاوضات بين وفد الحكومة الشرعية والحوثيين، اتفق الجانبين على مبادلة وإخراج السياسي اليمني محمد قحطان مقابل 50 أسيراً حوثياً.

لكن وكالة "سبأ" الحوثية، نقلت عن رئيس وفد جماعة الحوثي المفاوض عبدالقادر المرتضى قوله، إن الاتفاق تضمن الإفراج عن محمد قحطان مقابل الإفراج عن 50 من أسرى الحوثيين، وإن كان متوفيًا يتم تسليم جثته مقابل تسليم الجانب الحكومي، 50 جثة لقتلى الجماعة الحوثية.

بدوره، أكد المتحدث باسم الوفد الحكومي، ماجد فضائل، حدوث تقدم في المفاوضات، مشددًا على أن الأمر لم ينتهِ بعد، وأن المشكلة قائمة حتى الاتفاق على التفاصيل، وأوضح ماجد فضائل، أن هناك اتفاق على مبادلة وإخراج محمد قحطان مقابل 50 أسيراً حوثياً.

واستطرد قائلًا إن جماعة الحوثيين لم يكشفوا عن وضع السياسي محمد قحطان، مشيرًا إلى أنه "إذا كان ميتًا سيأخذون جثثًا بدلًا عنه". وتابع الوفد الحكومي حديثه "عادة لا نقول إن الموضوع انتهى إلا بعد الاتفاق على التفاصيل، هناك تقدم أكيد، لكن المشكلة قائمة حتى التنفيذ".

ولاقت تصريحات الوفد الحكومي ردود أفعال غاضبة جراء التفاهمات العبثية في مفاوضات مسقط، وما أُعلن عنها بشأن القيادي الإصلاحي محمد قحطان، وتلميحات جماعة الحوثي إلى وفاته، حيث اعتبر كثيرون هذه التصريحات احتمالات عبثية ونتائج غير واضحة للمفاوضات.

 

احتمالات عبثية

 

رئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح، محمد اليدومي، سخِر من أداء الفريق الحكومي في مفاوضات مسقط بشأن الأسرى، وما أُعلن عنها من نتائج بشأن القيادي الإصلاحي محمد قحطان المختطف في سجون الحوثي منذ تسع سنوات.

وفي تغريدة نشرها اليدومي عبر منصة "إكس"، مشيرًا إلى مخالفة الفريق توجيهات مجلس القيادة الرئاسي بشأن عدم إبرام أي صفقة تبادل لا تشمل إطلاق سراح محمد قحطان، وقال "كنا نتمنى تمثيل الشرعية".

وقال اليدومي: "في 25/6/2024 صدر عن الأخ يحيى الشعيبي مدير مكتب رئاسة الجمهورية بالتوجيه لفريق التفاوض حول الأسرى والمخفيين قسرياً بالتأكيد عليهم بعدم إبرام أي صفقة تبادل لا تشمل إطلاق سراح الأخ محمد قحطان، أو على الأقل تقدير الكشف عن مصيره".

وأضاف: "بعد هذا التوجيه انعقد في مسقط لقاء للمليشيا الحوثية تحدثت بلغة واحدة، وكنا نتمنى أن يكون للشرعية من يمثلها في هذا اللقاء".

من جهته، قال نائب رئيس الدائرة الإعلامية للإصلاح عدنان العديني، في تغريدة عبر منصة "إكس"، إن "الخفة واللا أخلاقية التي تتحدث بها المليشيا الحوثية في ما يتعلق بـ (الإفراج) عن قحطان لا يشير إلى جدية، بقدر ما يعبر عن رغبة ممتدة في التلاعب والاستهلاك الكلامي".

وأضاف العديني أن الانسياق وراء الاحتمالات العبثية التي تطرحها جماعة الحوثي الإرهابية، وترديدها يطرح أسئلة حول مسار التفاوض. في إشارة إلى أن الجماعة الحوثية تمهد برميها احتمالات وفاة القيادي في حزب الإصلاح، محمد قحطان، وذلك لمعرفة رد الفعل الحكومي، الذي لم يكن له دور في المطالبة بكشف واضح عن مصير قحطان.

إلى ذلك، يعتقد الصحفي، زكريا الكمالي أن توصل طرفي الحكومة وجماعة الحوثي الإرهابية، بإطلاق الأسرى بينهم قحطان، كانت نتائج مثيرة للسخرية، بوضعهم خيارات لقبول عملية تبادل السياسي محمد قحطان، سواء كان حيًا أو ميتًا.

وفي حديثه لـ "المجهر"، أوضح بأن دور الوفد الحكومي يجب أن يركز على انتزاع موقفًا واضحًا من الحوثيين، بشأن مصير السياسي محمد قحطان. وبالتزامن مع حديث جماعة الحوثي الإرهابية، حول احتمالية وفاة قحطان، فإن الأمور تزداد تعقيدًا، ولا يبدو أن هناك مؤشرات جيدة لنجاح مفاوضات مسقط وحل ملف الأسرى والمختطفين.