الأحد 08/سبتمبر/2024
عاجلعاجل

موسم دراسي جديد مثقل بالجبايات والمضايقات تحت سيطرة الحوثيين (تقرير خاص)

موسم دراسي جديد مثقل بالجبايات والمضايقات تحت سيطرة الحوثيين (تقرير خاص)

دشنت جماعة الحوثي الإرهابية العام الدراسي الجديد في المناطق الخاضعة لسيطرتها برفع رسوم التسجيل في المدارس الحكومية والرسوم الدراسية في المدارس الأهلية, كما فرضت جبايات إضافية باسم "صندوق المعلم" مع استمرار قطع رواتب الموظفين لأكثر من عشر سنوات, في ظل أوضاع معيشية صعبة يمر بها المعلمون والأكاديميون في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

 هذا العام, استهلت جماعة الحوثيين الموسم الدراسي برفع رسوم التسجيل في المدارس الحكومية بنسبة 300% مقارنة بالعام السابق كما رفعت سعر المنهج الدراسي بنسبة 50%, ولم تكتف الجماعة المصنفة على قوائم الإرهاب الأمريكية بتعقيد الوضع التعليمي في المدارس فقط بل امتدت أيدي لصوص الجبايات لتطال التعليم الأكاديمي وهذه المرة برفع رسوم السكان الجامعي لطلبة النظام الموازي في جامعة صنعاء بنسبة 100%. 

ويرى مراقبون, أن جماعة الحوثيين تتعمد فرض المزيد من الإجراءات لتدمير ما تبقى من العملية التعليمية في المناطق الخاضعة لسيطرتها من خلال التضييق على الطلاب والمعلمين, وفرض جبايات إضافية, بهدف الضغط عليهم ودفعهم إلى ترك التعليم والالتحاق للقتال ضمن صفوفها.

 

موسم جبايات

 

ترى جماعة الحوثيين في الموسم الدراسي الحالي, موسما للنهب والاحتيال على بقايا المال في جيوب البسطاء, حيث فرضت السلطات التربوية التابعة للجماعة في صنعاء زيادة في رسوم التسجيل في المدارس الحكومية بنسبة تفوق 200% دون مراعاة للوضع المعيشي للسكان في ظل انقطاع المرتبات.

مصادر تربوية, أفادت أن الزيادة التي فرضتها جماعة الحوثيين في رسوم التسجيل الحكومي بلغت 6000 ريال بالعملة القديمة لتصبح 8500 ريال بعد أن كانت 2500 ريال على كل طالب العام الماضي.

وأكدت المصادر لـ"المجهر" أن الزيادة المقررة تشكل عبئا كبيرا على الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل ما يجعلها عاجز في الدفع بأبناءها إلى المدارس لعدم توفر رسوم التسجيل, علاوة ذلك ارتفاع أسعار المناهج الدراسية التي باتت تباع في الأسواق وتذهب أثمانها لصالح قيادات حوثية بعد أن كانت توزع بالمجان, ويتم طباعتها بتمويل أممي.

وأضافت أن سعر المنهج المدرسي بلغ كالتالي أول أساسي ريال2820، ثاني أساسي 2955ريال ، ثالث أساسي 3430ريال, رابع أساسي 3140ريال، خامس أساسي 4035ريال, سادس أساسي 4610ريال بالعملة القديمة وتتصاعد القيمة بحسب تصاعد المرحلة التعليمية للطالب.

فيما بلغت أسعار المناهج للمرحلة الإعدادية كالتالي: سابع 6133ريال ، ثامن 6020ريال، تاسع 5750ريال، وهذا ما يشكل ضغطًا كبيرًا على المواطنين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية خاصة في ظل انعدام الرواتب وتأزم الوضع المعيشي والاقتصادي.

 

نهب باسم المعلم

 

لم تقف جماعة الحوثي الإرهابية عند جرم قطع رواتب المعلمين في مناطق سيطرتها لأكثر من عشر سنوات, وتركهم يصارعون الجوع والموت في الوقت يعيش أتباعها رفاهية مفرطة, بل واصلت استغلال هذه المأساة لنهب المزيد من الأموال تحت يافطة "صندوق المعلم" اسم على غير مسمى, حيث لا يصل للمعلم من هذا الصندوق غير الفتات.

تؤكد مصادر مطلعة أن جماعة الحوثيين تجني من خلال "صندوق المعلم" مليارات الريالات سنويا, تذهب لصالح قيادات ونافذين في الجماعة وأنشطتها الطائفية, فيما تكتفي بصرف راتبين سنويا يتم تقسيمها على أربعة أقساط سنويا, بمعدل نصف راتب كل ثلاثة أشهر.

ولفتت المصادر إلى أن مصلحة الضرائب التابعة لسلطات الحوثيين فرضت مؤخرا زيادة بنسبة 300% على كل كرتون مياه معدنية وعصائر ومشروبات غازية ليصبح 20 ريالا بعد أن كانت 5 ريالات للكرتون الواحد, وكل ذلك يتم تحصيله باسم صندوق المعلم.

وأضافت أن الزيادة المفاجئة وغير المبررة دفعت مصانع المياه المعدنية والعصائر والمشروبات الغازية في مناطق سيطرة الجماعة إلى تنفيذ إضراب شامل عن العمل على الرغم من عدم وصول أي مبالغ للمعلمين والذين يعملون بدون أي مرتبات كغيرهم من الموظفين.

وأشارت المصادر إلى أن جماعة الحوثيين تتحصل باسم صندوق المعلم 20 ريال فوق كل كرتون مياه وريال واحد فوق كل حبة سجارة و 1.5 ريال فوق كل لتر غاز بترول ديزل و1.5 ريال فوق كل وحدة اتصال وميجا نت وريال واحد فوق كل كيلو كهرباء وريال واحدة فوق كل وحدة ماء و40 ريال فوق كل حبة دجاج بالإضافة للهبات التي تقدمها المنظمات الدولية لدعم التعليم.

لكن المصادر ذاتها تؤكد أن إيرادات صندوق المعلم وغيرها من الجبايات والإتاوات والضرائب التي يتم جمعها باسم دعم العملية التعليمية تذهب كلها لصالح المراكز الصيفية التي تديرها جماعة الحوثيين كل صيف كمعسكرات للتجنيد وتفخيخ عقول النشء, وزرع أفكارها الطائفية المستوردة من إيران في أدمغتهم.

 

تضييق مستمر

 

منذ انقلابها على الشرعية في البلاد 2014, لجأت جماعة الحوثيين إلى استخدام مختلف الطرق والأساليب لتضييق الخناق على الطلاب في مختلف المراحل الدراسية، في حين تواجه الكثير من الأسر صعوبة بالغة للوفاء بالمتطلبات الدراسية لأبناءها ما يدفعهم للعزوف عن الالتحاق بالمدارس أو مواصلة تعليمهم الجامعي. 

مصادر تربوية أكدت أن بعض المدارس تشترط على الطلبة شراء نوع معين من الدفاتر يصل إلى 500 ريال للدفتر الواحد، دون مراعاة للوضع المعيشي في ظل انقطاع المرتبات، فيما أوقفت الجماعة مبادرات خيرية لدعم طلبة المدارس في صنعاء وريفها وصادرت لوازم مدرسية كانت مخصصة لمئات الطلبة في خطوة تمثل إعاقة لمساعي الأعمال الإنسانية الرامية للتخفيف من حدة الأعباء التي تكابدها آلاف الأسر اليمنية، بحسب صحيفة الشرق الأوسط. 

وعلى مستوى التعليم الجامعي، تمارس الجماعة المدعومة من إيران مضايقات مستمرة على الطلبة والأكاديميين على حدٍ سواء، من خلال سن قوانين تقوض العملية التعليمية، تحت ذريعة محاربة الاختلاط تارةً، وفي إجبارهم على حضور دورات طائفية خارج سياق المنهج تارةً أخرى، بالإضافة إلى رفع الرسوم الجامعية سنويًا. 

من جهتها، قالت مصادر طلابية لـ "المجهر" إن إدارة السكن الجامعي بجامعة صنعاء والسكن الخيري (سكن سنان أبو لحوم) رفعت رسوم السكن لطلاب النظام الموازي بالجامعة بنسبة 100% لتصل إلى 30 الف ريال يمني للطالب والتي كانت تبلغ 15 الف ريال في السنة لطلاب النظامين العام والموازي في خطوة اعتبرها كثيرون تشديد الخناق على الطالب في ظل الظروف الصعبة. 

وأكدت المصادر أن الهدف الرئيسي من وراء سياسة الحوثيين المجحفة بحق القطاع التعليمي هو إفراغ المدارس والجامعات من الطلاب واستقطابهم لصالح مراكز طائفية إضافة للتجنيد والزج بهم في الحرب التي تحرص الجماعة على استمرارها إلى ما لا نهاية. 

 

عزوف عن التعليم

 

في الوقت الذي تتراجع فيه أعداد الطلاب الملتحقين بالجامعات بشكل عام في مناطق سيطرة الحوثيين، تواصل الجماعة المدعومة من إيران فرض المزيد من الجبايات على الطلبة، وهذا ما حدث مؤخرا في جامعة صنعاء أكبر الجامعات الحكومية في البلاد، حيث رفعت الإدارة التابعة للجماعة رسوم السكن الجامعي دون أي مبرر. 

واتهم طلاب رئيس جامعة صنعاء المعين من جماعة الحوثي بجباية الأموال من الطلاب لصالحه الشخصي في وقت تحولت فيه جامعة صنعاء إلى أشبه بجامعة خاصة بأموال ضخمة وتراجع في المستوى التعليمي حيث قامت الجماعة ببناء محلات تجارية في أراضي الجامعة من أجل الاستثمار لحساب قيادات حوثية. 

وبعد تنديد الطلاب برفع رسوم السكن الجامعي أعلنت جامعة صنعاء بمذكرة رسمية صدرت بتاريخ 22 يوليو/ تموز الجاري بشأن السكن الجامعي وسكن سنان ابو لحوم الخيري بالغاء الرسوم الجديدة واعتماد الرسوم السابقة، كما اعتمدت الرسوم التي تم تحصيلها للخصم من رسوم الأعوام القادمة. 

وقلصت جماعة الحوثي عدد المقاعد في الكليات الطبية بجامعة صنعاء بنسبة 100% حيث أصبح التنافس على المقاعد صعبة جداً ورفعت عدد مقاعد النفقة الخاصة والموازي ليصل لأربعة أضعاف المقاعد في النظام العام في خطوة اعتبرها طلاب بأنها تمهيد لخصخصة التعليم التي قد يترتب عليها عزوف الطلاب عن التعليم. 

وشهدت جامعة صنعاء تراجعا في عدد الطلاب الملتحقين بجميع التخصصات في كلياتها بشكل كبير حيث أصبحت كليات التجارة والاقتصاد والإعلام والشريعة والتربية والآداب والعلوم تعاني من عزوف الطلاب عنها بعد أن كان يتقدم الآلاف للالتحاق للدراسة بها بعد خوض اختبارات القبول إلا أن إدارة الجامعة أعلنت مؤخرا عن تقليص معدل الثانوية لضمان التحاق الطلاب بها بدون اختبارات قبول حتى. 

 

مأساة المعلم

 

يعيش المعلمون في مناطق سيطرة الحوثيين مأساة مستمرة، بفعل انقطاع الرواتب، مما دفع الكثيرون منهم إلى البحث عن أعمال إضافية لإعالة أسرهم، وعلى الرغم من المخاطر المترتبة على الأعمال الشاقة التي اتجه إليها بعضهم، إلا أن ذلك لم يتح لهم الكثير من الخيارات للحصول على مردود يكفي لتوفير الاحتياجات الأساسية. 

الأستاذ أحمد (اسم مستعار) بعد أن كان مدرسا لأهم المواد الدراسية الدراسية في أحد مدارس العاصمة المختطفة صنعاء أصبح يعمل سائقا لدراجة نارية بهدف إعالة أسرته المكونة من أربعة أفراد وتوفير أبسط مقومات الحياة بعد انقطاع راتبه. 

يقول أحمد الذي يعمل مدرسًا لمادة الرياضيات لـ"المجهر" أنه وقبل سيطرة الحوثيين على صنعاء كان يعمل صباحا في وظيفته بالمدرسة، فيما يتجه خلال الفترة المسائية لتقديم الدروس الخصوصية للطلاب مقابل أجر إضافي يتحصل عليه، مضيفًا أنه كان يعيش وضعا مستقرا لكن انقطاع راتبه فاقم من معاناته وأسرته. 

ويؤكد التربوي أحمد "قمة القهر أن تعمل خوفا من إسقاط أسمك من كشوفات الحوافز التي تصرفها جماعة الحوثي للمدرسين بما يقارب 30 ألف ريال كل ثلاثة أشهر وتخسر وظيفتك". 

ويشير إلى أن الحافز "لا يكفي فاتورة الكهرباء وقيمة الوايت الماء، وهذا دفعني للعمل في دراجة نارية من أجل توفير بقية الاحتياجات أو بالأصح أبسطها لأنه الوضع المعيشي أصبح صعب بسبب تدني مستوى الدخل في مناطق الحوثي". موضحًا أنه يجلس في بعض الأوقات لمدة تصل لثلاث ساعات دون أن يحصل على راكب ما يجعله يعمل لساعات أكثر من أجل الحصول على بعض المال.