السبت 23/نوفمبر/2024
عاجلعاجل

تصعيد أمريكي.. هل تثمر العقوبات في تعطيل قدرات الحوثيين المهددة للملاحة الدولية؟ (تقرير خاص)

تصعيد أمريكي.. هل تثمر العقوبات في تعطيل قدرات الحوثيين المهددة للملاحة الدولية؟ (تقرير خاص)

حزمة جديدة من العقوبات فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على داعمي الحوثيين ضمن مساعي الأولى لتحجيم قدرات الجماعة المدعومة من إيران ووقف تهديداتها المستمرة للملاحة الدولية في البحر الأحمر، بعد نحو سبعة أشهر من إطلاق واشنطن ولندن عمليةً عسكرية ضد الحوثيين، أطُلق عليها "رامي بوسيدون" وتمثلت بسلسلة غارات جوية طالت أهدافا عسكرية للجماعة في محافظات يمنية عدة.

وتؤكد الإدارة الأمريكية أنها لن تتردد في استخدام كافة الوسائل المتاحة لحرمان الحوثيين من القدرة على شن هجمات تطال الشحن التجاري في البحر الأحمر والمياه الإقليمية المجاورة.

وتعد العقوبات التي طالت أفراد وكيانات حوثية منها شركة "الشهاري" المحدودة هي الجولة الثامنة من العقوبات الأمريكية والثانية خلال شهرين التي تستهدف القدرات العسكرية لجماعة الحوثي المدعومة إيرانياً والمندرجة ضمن قوائم الإرهاب وفق تصنيف الولايات المتحدة الأمريكية.

ففي يوليو/ تموز من العام الجاري، اتخذت الخزانة الأمريكية عقوبات استهدفت الشبكة المالية للحوثيين التي يديرها سعيد الجمل القيادي في الجماعة.

وسبق لوزارة الخزانة الأمريكية أن قامت بإدراج سبع قيادات وكيانات وسفينة على قائمة الإرهاب للمساهمة في شراء أسلحة للحوثيين ونقلها إلى صنعاء تحت إدارة القياديين الحوثيين علي الوزير المقيم في الخارج، ومعاذ الحيفي المقيم في عمان.

ومنذ يونيو/ حزيران 2021م شملت العقوبات الأمريكية على الحوثيين إدارج 89 شخصية وكياناً وسفينة ضمن قوائم الإرهاب، فيما يرشح مراقبون أن واشنطن ستلجأ إلى تشديد العقوبات على جماعة الحوثي بتصنيفها منظمة إرهابية عالمية.

 

خطوات جذرية

 

أثبتت العقوبات العسكرية والمالية التي تطال شخصيات وكيانات تابعة للحوثيين تأثيراً واضحاً على الجماعة أكثر من عقوبات منع السفر أو أي رد دولي آخر بما في ذلك الضربات العسكرية الأخيرة.

وهو ما يتفق مع رؤية نائب رئيس شعبة التوجيه بمحور تعز العسكري العقيد عبدالباسط البحر، والذي أشار إلى أن العقوبات تمت بعد جمع معلومات دقيقة عن الدور البارز التي تؤديه شركة الشهاري المتحدة في تهريب الأدوات العسكرية للحوثيين.

وبطبيعة الحال، فأن العقوبات الأمريكية تُعد ضربة إضافية يتلقاها الحوثيون ولها تأثير في إضعاف قدرات الجماعة على التسليح والتمويل عبر أدواتها داخل وخارج اليمن.

إلا أن العقيد البحر، ينظر للعقوبات الأمريكية على أنها خطوات رمزية محدود تقضي على الظواهر ولا تقضي على جذور المشكلة في القضاء على قدرات الحوثيين العسكرية.

ويضيف البحر في حديثه لـ" المجهر" : " نحن نعلم جيداً ان الامريكان بإمكانهم اتخاذ خطوات أكثر من ذلك، سواء على صعيد منع تهريب الأسلحة والمعدات للحوثيين، أو على سبيل الضغط على ميليشات الحوثيين من النواحي الاقتصادية والسياسية.

ويلفت إلى أهمية إعطاء الضوء الأخضر للقوات المسلحة اليمنية وكل القوى المناهضة لجماعة الحوثي، ودعم هذه القوى عسكرياً من أجل كسر الحوثيين عسكرياً، لأن المؤشرات تدل على أن الجماعة لا يجدي معها غير الحسم العسكري.

 

مصالح مشتركة

 

تغامر جماعة الحوثي الإرهابية بمصالح اليمنيين على كافة الأصعدة من خلال تصرفاتها التي تطال خط الملاحة الدولي، ولذلك فإن دحر الحوثيين من الأماكن التي توسعوا فيها سيحد من تهديدهم للشحن التجاري في البحر الأحمر وسيجعلهم يرضخون للسلام.

وهذا يصنع توافق بين أهداف الإدارة الأمريكية وتطلعات الحكومة اليمنية للقضاء على الحوثيين، ففي حين يسعى الأمريكان إلى إيقاف الصواريخ التي تستهدف الملاحة الدولية في البحر الأحمر تريد الحكومة اليمنية منع الصواريخ الموجهة والطيران المسير من استهداف سفن تصير النفط والغاز.

لكن في ظل استمرار الجماعة بتطوير قدراتها ستبتكر طرق وأدوات جديدة لتهريب السلاح وتدريب مجنديها على استخدامها في حربها غير المتكافئة، لأن العقوبات الدولية تظل في الإطار المحدود لاستهداف الحوثيين.

وفي سياق ذلك، يؤكد نائب شعبة التوجيه بمحور تعز العقيد عبدالباسط البحر، أن الداخل اليمني والجوار العربي ومصالح العالم التجارية في البحر الأحمر، لن يأمنوا من الخطر الحوثي مالم يتم القضاء على قدرات الجماعة التي تمولها إيران.

وينوه إلى أن مسألة القضاء على قدرات الحوثيين العسكرية تستلزم دعم جهود الحكومة الشرعية في رفع الحظر عن تسليح القوات المسلحة اليمنية وتزويدها بالأسلحة اللازمة لتتمكن من حسم المعركة البرية مع الحوثيين وبالتالي حماية خط الملاحة الدولية.

لأن تقدم القوات الحكومية مع توفير تغطية جوية لاسيما في الحديدة والمواقع القريبة من البحر الأحمر، سيحد من قدرات الحوثيين ويفقدهم بالضرورة مواقع استراتيجية كانت تستخدماها في استهداف الملاحة الدولية.

كما يجب أن يكون هناك بنك أهداف دقيقة للضربات الجوية في استهداف قيادات الحوثي المؤثرة في صنعاء وصعدة مركز التأثير للجماعة، إلى جانب أهمية تدمير الورش الخاصة بتركيب الصواريخ والطائرات المسيرة. وفقا للبحر.

 

شمولية العقوبات

 

أدى نقل الأدوات العسكرية والتكنولوجية للحوثيين إلى تطوير أسلحتهم وتدريب عناصرهم عليها بالإضافة إلى تحسين قدرتهم على مراقبة الملاحة البحرية وبالتالي استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر.

ويعتقد المعهد الملكي للشؤون الدولية في المملكة المتحدة أن الهجمات المستمرة للحوثيين على الشحن التجاري في البحر الأحمر أكسبتهم ظهوراً إقليمياً وعالمياً مقابل رد دولي محدود ما جعل الجماعة تشعر بالأمان الكافي لفعل ما تريد، كونها غير قلقين بشأن رد الفعل الدولي المحتمل.

وفي حين تدعو جهات دولية وإقليمية إلى مزيد من الرد العسكري والعزلة الدبلوماسية وفرض مزيد من العقوبات السياسية والاقتصادية ضد الحوثيين، تميل الأمم المتحدة ومعها جهات إقليمية مثل السعودية وعمان إلى سياسة التهدئة مع الجماعة.

ويبرر الطرف الثاني في المعادلة الدولية أن العمل عسكري لن يؤدي إلى ترويض الحوثيين كون الجماعة تزدهر في حالات الحرب كما جرى في الحروب الستة والحرب الأخيرة التي اندلعت في العام 2016م، وهو ما زاد توثيق روابطها العسكرية مع إيران.

وفي كل الأحوال، من الضروري أن يكون هناك خطة شاملة للقضاء على الحوثيين حتى تكون العقوبات بفعالية أكبر عبر اتخاذ حزمة من الاجراءات الاقتصادية والسياسية والعسكرية التي تستهدف إضعاف قدرات الحوثيين.

لأن تضييق الخناق على الحوثيين من جانب ومنحهم فرصة لتعويض خسائرهم من جانب آخر، من شأنه أن يطيل أمد الصراع في اليمن والمنطقة بشكل عام وبالتالي استمرار تهديد المصالح الإقليمية وخط الملاحة الدولي.

ويرى مراقبون أن التعامل الدولي مع جماعة مسلحة كجماعة الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران يبقى أمر في غاية التعقيد، لأنه يحتاج إلى المزيد من الانخراط المنظم والمدروس، مع وضع خطوط حمراء واضحة وفرض عقوبات على تجاوزها.

 

عملاء الحوثي

 

تهدف العقوبات الأمريكية على الحوثيين إلى تعطيل قدراتهم العسكرية في الحصول على الأدوات المستخدمة في أنظمة الأسلحة المتقدمة ونقلها بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيرة.

والأسبوع الماضي اتخذت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات استهدفت قياديين حوثيين وأربع شركات مملوكة لهما طبقاً للأمر التنفيذي رقم 13224 المتعلق بمكافحة الإرهاب.

وذكر بيان صادر عن وزارة الخزانة الأمريكية، أن العقوبات شملت ثلاث شركات تابعة للقيادي الحوثي أحمد خالد الشهاري، وهي "شركة الشهاري المتحدة" ومقرها في صنعاء، وشركة "جوانجتشو الشهاري المتحدة" وكذلك شركة "هونج كونج الشهاري المتحدة" التابعة لها.

يعد أحمد الشهاري (34 عاماً) من أبرز القيادات الحوثية الشابة في الخارج، وتتركز مهمته في تسهيل نقل شحنات المواد المستخدمة في تصنيع الصواريخ والطائرات المسيرة الأسلحة من الموردين في الصين وهونج كونج إلى الحوثيين في صنعاء.

وفي العام 2016م قام الشهاري بتأسيس شركة الشهاري المتحدة للخدمات اللوجيستية والتي يقع مقرها في برج الكندي بمنطقة حدة في العاصمة صنعاء، إلا أنها بمثابة غطاء لمهمة شحن الأسلحة والمواد العسكرية للحوثيين.

كما قام الشهاري بتأسيس شركة "جوانجتشو الشهاري المتحدة" في سبتمبر/أيلول 2016م ومقرها في الصين، بغرض التنسيق مع الشركة الأم في صنعاء لتسهيل نقل المواد العسكرية للحوثيين من خارج اليمن.

أما شركة "هونج كونج الشهاري المتحدة، فتأسست في يونيو/حزيران 2016م وسرت عليها العقوبات لتعاونها المالي مع للشركة الأم إلى جانب توفير الدعم التكنولوجي، وتخضع الشركات الثلاث لإدارة مباشرة من قبل القيادي الحوثي أحمد الشهاري.

وبحسب بيان الخزانة الأمريكية فإن شركة الشهاري المتحدة، على اتصال وثيق مع عملاء للحوثيين داخل وخارج اليمن تستخدمهم الجماعة للمساعدة في تسهيل جهود شراء الأدوات العسكرية.

 

تحذير أمريكي

 

طالت العقوبات كذلك شركة "واي تك Y-TAC" لخدمة أنظمة الاتصالات والحماية ويملكها ماهر يحيى محمد مطهر الكينعي، من أبرز رجال الأعمال المعروفين بالتنسيق لتهريب الأسلحة إلى الحوثيين.

ويشير بيان الخزانة الأمريكية إلى أن الكينعي، قام بالتنسيق مع عملاء خارج اليمن لتسهيل شراء وشحن المعدات التي يستخدمها الحوثيين في تصنيع وتطوير الأسلحة الحديثة بما في ذلك الطائرات المسيرة.

برز نشاط رجل الأعمال الكينعي في ديسمبر/كانون الأول 2020م من خلال تأسيسه لشركة "واي تك Y-TAC" في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، كما يمتلك شركة تحت التأسيس لتقديم خدمات الاستيراد تحت مسمى "حلول التجارة العالمية للخدمات اللوجيستية".

يقع مقر شركة "واي تك Y-TAC" في منطقة بيت بوس بصنعاء، وعملت كغطاء لأنشطة الحوثيين في توفير ونقل المواد العسكرية التي تدخل في صناعة الأسلحة المتطورة من خارج اليمن.

وتهدف العقوبات الأمريكية على الأفراد والكيانات المساهمة في تسهيل نشاط الحوثيين إلى تعطيل قدرات الجماعة في الحصول على المواد العسكرية المستخدمة في أنظمة الأسلحة المتقدمة ونقلها.

وقال براين إي نيلسون وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، إن "الحوثيون سعوا إلى استغلال مناطق نفوذ قضائي رئيسية مثل جمهورية الصين الشعبية وهونج كونج من أجل الحصول على المكونات اللازمة لأنظمة الأسلحة القاتلة ونقلها".

وحذر إي نيلسون، الشركات الأخرى من التعاون مع جماعة الحوثي، مؤكداً على استمرار وزارة الخزانة في استهداف الميسرين لأنشطة الحوثيين المزعزعة للاستقرار.