الاثنين 16/سبتمبر/2024
عاجلعاجل

الممنوعات في خدمة البارود .. من يقف وراء إغراق تعز بالمواد المخدرة؟ (تحقيق استقصائي)

الممنوعات في خدمة البارود .. من يقف وراء إغراق تعز بالمواد المخدرة؟ (تحقيق استقصائي)

تتمتع عصابات توريد وترويج الحشيش والمواد المخدرة بإمكانات وعلاقات واسعة قد تفوق إمكانيات السلطات الحكومية لا سيما في اليمن التي تعيش أوضاعا أمنية متدهورة خصوصاً منذ انقلاب ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانياً على مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء عام 2014م.

وفي تعز كغيرها من المدن والمحافظات اليمنية، ارتبطت عملية ترويج الحشيش والحبوب المخدرة بأساليب وطرق متنوعة للوصول إلى المتعاطي في نهاية المطاف بعد مرورها بمراحل معقدة سنكشف بعضاً من جوانبها تباعاً.

والمُلاحظ أن شبكات تهريب وترويج الحشيش والمواد المخدرة تركز على استهداف شرائح محددة في المجتمع أو مناطق جغرافية بعينها، وتنقسم إلى: -

  • شبكات تخدم أطراف محلية مثل جماعة الحوثي.

  • شبكات فردية مرتبطة بعصابات داخلية وخارجية.

ولأن عدم وجود مخدرات يعني الحياة الطبيعية للمواطن كونها العدو الرئيسي للأسرة والمجتمع، يظل الوعي المجتمعي هو سد الحماية الأول أمام توسع انتشارها وما يلحق ذلك من أضرار اجتماعية وأخلاقية تهدد اليمنيين.

 

أصناف متعددة

 

يقدر إجمالي المضبوطات من المواد المخدرة في محافظة تعز خلال النصف الأول من العام الجاري 2024 بحدود (165 كيلو) من مختلف الأصناف وتشمل مديريات المدينة ومديريات الساحل التي أخذت نصيب الأسد من إجمالي عمليات الضبط، حسبما أفاد مدير إدارة مكافحة المخدرات بتعز العقيد/ فؤاد مهيوب, مبينا أنه تم تحويل الأصناف المضبوطة في مدينة تعز مع المتهمين إلى النيابة العامة لتحريزها حتى استكمال الإجراءات القانونية.

وبالنسبة لتصنيف المواد المخدرة ذكر أخصائي في الجانب النفسي والعصبي لـ"المجهر" عدة تصنيفات كما هي موضحة في الأنفوجرافيك أدناه:-

  • المواد الأفيونية مثل (الهيرون -المورفين - الترامادول)

  • المشتقات الكوكائينية مثل (الكوكايين - الكراك)

  • المواد القنبية مثل (الحشيش – الماريجوانا - الكانابينويدات)

  • منبهات الأمفيتامين وأبرزها مادة الميثامفيتامين المعروفة بالشبو

  • المواد المثبطة مثل (الديازيبام)

  • مواد الهلوسة مثل (حمض الليسرجيك LSD)

  • مواد نفسية جديدة مثل (الأفيونات الاصطناعية).

وفي اليمن تحظر السلطات تداول المواد المخدرة مثل:-

  • الحشيش

  • الماريجوان

  • الهيروين

  • الكوكايين

  • الأمفيتامينات والمنشطات وأبرزها مادة الشبو التي انتشرت في اليمن مؤخراً.

وعلى سبيل المثال تدخل مادة الشبو إلى مدينة تعز عبر أكثر من وجهة وبفترات زمنية مختلفة لكن المعلومات التي حصل عليها "المجهر" بينت أن الشبو جاء من محافظة صنعاء في البداية وعبر شخص يكنى "هـ. ر" من أبناء محافظة البيضاء.

وكخطوة أولى، قام بالتنسيق مع كبار تجار الحشيش في تعز مستهدفاً حي الجمهوري والمدينة القديمة وحي بيرباشا، واتخذ من المنطقة الغربية موقعاً له.

أحد مروجي الحشيش في المدينة ذكر لـ"المجهر" أن المورد الذي لم يعرفوا اسمه بالتحديد بدأ بتوزيع عينات من الشبو على بعض التجار، مؤكداً عليهم التركيز على استهداف المرابطين في الجبهات ومنتسبي الجيش الوطني.

 

أيادي حوثية

 

تدل الخيوط التي تتبعها فريق "المجهر" على وجود أيادي خفية تحركها جماعة الحوثي في أوساط شبكات ترويج المواد المخدرة في تعز، بدليل دفعها للتركيز على المناطق القريبة من المواقع العسكرية للجيش الوطني.

ولتأكيد المعلومات التي حصلنا عليها التقى "المجهر" أركان حرب اللواء ٢٢ مشاة العقيد منصور الحساني، فتبين من خلال حديثه وجود حالات ترويج للمواد المخدرة في المربعات التي يسيطر عليها اللواء ويشتبه ارتباطها بخلايا تابعة لجماعة الحوثيين.

وبصورة عامة أفادت المعلومات المتوفرة لدى إدارة مكافحة المخدرات بتعز عن وجود شبكات وأفراد تقوم عبرهم جماعة الحوثيين بترويج الحشيش والمواد المخدرة في محاولات لإدخالها إلى مدينة تعز وكذلك المناطق التي لازالت تحت سيطرتها في المحافظة.

كما تستغل الجماعة عمليات الترويج هذه لتمويل حربها الدموية ضد اليمنيين والمستمرة لأكثر من تسع سنوات، وهو ما اتفق عليه مدير مكافحة المخدرات بتعز العقيد/ فؤاد مهيوب في حديثه لـ"المجهر".

ويبدو أن الحوثيين لجأوا إلى محاولة اسقاط مدينة تعز بهذه الوسائل الناعمة بدرجة كبيرة بعد أن عجزوا عن اسقاطها عسكرياً، مستغلين بعض الأسر الفقيرة وصغار السن لإقحامهم في هذه المهام.

هذا الأمر جعل القيادات العسكرية والأمنية في تعز تقوم بحملة توعية بين الأفراد حول خطورة هذه المخططات التي أقدم عليها العدو الحوثي، بحسب العقيد/ منصور الحساني الذي نفى أن يكون هناك أفراد من اللواء قد تورطوا في علاقة مع شبكات الترويج.

كما عمل مكتب الشباب والرياضة بمحافظة تعز خلال السنوات الأخيرة على إقامة عدد من البرامج التوعوية في هذا المجال بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية الأخرى ومن ذلك مشروع آليات الحماية للشباب المعرضين للخطر.

 

أشكال التوريد

 

يرتبط مروجو الحبوب المخدرة بشبكة واسعة من التجار والمهربين، لكن سنبدأ بالحلقة الأهم وهي التوريد إلى داخل محافظة تعز وطريقة توزيعها على أطراف ووسط المحافظة.

ينقسم الموردون إلى:-

  • موردون درجة أولى ويقومون بإدخال ما نسبته 75 % من إجمالي الحشيش والمواد المخدرة إلى مدينة تعز بعد التدقيق في المعلومات.

  • فيما يغطي نسبة 25 % المتبقية موردين درجة ثانية من ناحية كمية التوزيع ويحققون انتشار أقل كونهم حديثي عهد في هذا الجانب.

يُعد (ع. ق. ب) رأس الأفعى في عملية توريد المواد المخدرة إلى محافظة تعز وفقا لمعلومات استخباراتية حصل عليها "المجهر" نظراً لارتباطه بكبار الموردين في صنعاء وعدن ومديريات الساحل، كما يقوم بتوزيعها على غالبية المروجين في تعز ومؤخراً بدأ بتوريد مادة الشبو.

ومن الموردين البارزين أيضاً (ف. ع. ن) والذي كان يستقبل الحشيش والمواد المخدرة عبر قوارب صغيرة تصل إلى سواحل المخا ومن ثم تهريبها إلى مدينة تعز وتوزيعها على مندوبيه وهم شبكة منظمة تعمل لصالحه.

لكن في الآونة الأخيرة لم يعد له أثر في مكان سكنه بمنطقة (ر. أ. ة) والمرجح أن عصابة المخدرات حريصة على إخفاء عناصرها في حال لاحظت مراقبتهم من قبل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية.

كما يتنقل بعض الموردين بين صنعاء وعدن في عملية توزيعهم للحشيش إلا أن تواجدهم بتعز يتركز في كل من أحياء الثورة والدحي ووادي حطاب وحارة القريشة.

وهناك موردين من الدرجة الثانية يتواجدون في مناطق مثل الأجينات وحارة الهندي والتي يسيطر عليها في الأساس موردين من الدرجة الأولى.

 

شبكة معقدة

 

تتعدد المصادر فيما يخص قوائم موزعي ومروجي الحشيش والمواد المخدرة، وفي مقدمتها قوائم صادرة عن إدارة مكافحة المخدرات بمحافظة تعز حصل عليها "المجهر" وتشمل أسماء مروجين ومتعاطيين في مناطق مختلفة من المدينة.

ومن البديهي أن المرتبطين بمواد محظورة كهذه لهم أساليب خداع كثيرة للهروب من المتابعة والملاحقة، إلى جانب وجود منافسة كبيرة بين شبكات الترويج للسيطرة على مربعات جغرافية معينة.

ويُعد (م. ج. ع) أحد كبار مروجي الحشيش والحبوب المخدرة في مدينة تعز ولديه علاقة واسعة بعدد من المروجين في الحارات والأحياء السكنية في المدينة، كما أنه مرتبط بالمورد المعروف (ع. ق. ب) ويلتقي به أسبوعيا في إحدى مناطق ريف تعز لتلقي الخطط والتعليمات.

وبعد تدقيق فريق "المجهر" في كل المعلومات الموجودة لاحظنا أن عدد كبير من المروجين تطور نشاطهم بعد فترة من التعاطي ارتبطوا خلالها بموردي الحشيش وتحولوا إلى عناصر في شبكاتهم واستخدمتهم الخلايا الحوثية بعد ذلك في محاولة اختراق أفراد من الجيش.

ومنهم على سبيل المثال (ف. ع. ن) فبعد أن كان متعاطي للحبوب المخدرة صار من أبرز الموزعين في تعز ويدير شبكة من المروجين في الجبهة الغربية ومنطقة بير باشا.

 

المناطق المستهدفة

 

من الملاحظ أن هناك تزايد في انتشار الحشيش والمواد المخدرة وشبكات الدعارة شرقي تعز لا سيما في حي الكوثر وسوق الأشبط نتيجة الاستقطاب المكثف للشباب من قبل شبكات متعلقة بهذا الجانب.

ويأتي  ذلك ضمن مخطط حوثي لمحاولة نشر المواد المخدرة وأعمال الرذيلة في المناطق الشرقية لمدينة تعز القريبة من الخط الرئيسي المودي إلى منطقة الحوبان. وفقا للمصادر الاستخباراتية والأمنية.

وتوصي المصادر في حديثها لـ"المجهر" بضرورة العمل بحس أمني عالي والضرب بيد من حديد لمحاربة أعمال الدعارة وترويج الحشيش والمواد المخدرة في المناطق الشرقية نظراً لخطورتها.

ففي منطقة الحوض شرق المدينة توجد إحدى هذه الشبكات التي تمارس الدعارة وهي على ارتباط بجماعة الحوثي والتنظيمات الإرهابية.

وبالمناسبة تنشط خلايا مرتبطة بجماعة الحوثي وتنظيم القاعدة في ترويج الحشيش والحبوب المخدرة والأعمال اللاأخلاقية في مناطق مثل الجحملية وحي الجمهوري وسوق الصميل شرق مدينة تعز.

وقد أوردت مصادر استخباراتية أسماء شبكة مكونة من مجموعة فتيات في هذه المناطق يتزعمها شخص يدعى "م. د. ن" هذه الشبكة على علاقة مباشرة بجماعة الحوثي ويقوم نشاطها على محاولة استدراج ضباط وأفراد في الجيش الوطني وأبناء بعض القيادات في ممارسة الدعارة.

من أبرز أعضاء هذه الشبكة المدعوة (ح. م. ش) والتي تربطها علاقة قوية بالقيادي الحوثي أكرم عبدالغني وتخرج باستمرار إلى منطقة الحوبان، كما أنها على علاقة بعناصر تابعة لتنظيم القاعدة في محيط تواجدها.

وكذلك هناك فتاة بارزة في الشبكة تدعى " ب. ش. غ" تعمل في ترويج الحشيش وممارسة الدعارة وقامت بمحاولة استقطاب بعض الأفراد لتوريطهم على إدمان المواد المخدرة.

 

استغلال ممنهج

 

النماذج كثيرة على استغلال جماعة الحوثيين لشبكات ترويج الحشيش وممارسة الدعارة لخدمة مصالحها، ففي تقرير أمني استمر جمعه قرابة عام، كشف عن شبكة يديرها (ن. س. ع) يمتلك خبرة في ترويج الحشيش من قبل الحرب.

يستغل المذكور زوجة أخيه المتوفي وابنتها في الاستقطاب لممارسة الدعارة وأعمال أخرى مرتبطة بجماعة الحوثي بما في ذلك جمع معلومات عن الجيش والأمن في تعز ومساعدة عناصر حوثية للدخول إلى تعز من أجل قطع جوازات بالتنسيق مع ابن أخيه المتحوث "وجدي" المتواجد في الحوبان.

يتحدث التقرير الذي حصل "المجهر" على نسخة منه، عن ارتباط عاقل حارة في منطقة صالة يدعى "ب. ط. ي" بخلية تابعة لجماعة الحوثي ويقوم بالتنسيق مع امرأتين في الخلية لتنفيذ أعمال لصالح الجماعة منها رصد تحركات الجيش واستقطاب الأفراد لتعاطي الحشيش وممارسة الدعارة.

الجدير بالذكر أنه تم ضبط المرأتين قبل أكثر من عامين على ذمة قضايا أخلاقية وبعد الافراج عنهما عادت إحداهما إلى ممارسة أعمالها السابقة ومعها ابنتها التي جندتها لذات الغرض.

وعلى ذكر عمليات الضبط والإجراءات القضائية والقانونية، سجلت إحصائية حديثة لإدارة مكافحة المخدرات بتعز وجود 16 قضية تم إحالتها خلال العام الجاري للنيابة والمحاكم، في حين لازالت قضيتين لدى الإدارة من أجل استكمال إجراءات جمع الاستدلالات والتدقيق فيها.

وبعد مراجعة الملفات المرفوعة للنيابة اتضح أن جماعة الحوثي استغلت الجانب المادي لدى بعض الأسرة الفقير بالإضافة إلى الدفع بكثير من الأطفال دون سن الـ 18 لتوريطهم بعمليات ترويج المواد المخدرة وممارسة الدعارة بما يتنافى مع قانون الجرائم والعقوبات اليمني النافذ.

ويسن القانون اليمني عقوبات مشددة على مرتبكي الجرائم المتعلقة بهذا الشأن، فيما يفسر المحامي والناشط الحقوقي علي الصراري في حديثه لـ"المجهر" استغلال جماعة الحوثي للاستثناءات القانونية الخاصة بالأطفال دون سن الـ 18 عام لتخفيف العقوبة عليهم.

 

تنسيق مستمر

 

المنطقة الغربية لمدينة تعز كان لها نصيبها أيضاً، فقد رصدت الأجهزة الأمنية والاستخباراتية تحركات لشبكة مكونة من قرابة عشرين شاباً وفتاة يديرها "أ. ر. ث" في إحدى حارات منطقة المطار القديم ويتركز نشاطها في تعاطي الحشيش وممارسة الدعارة.

إحدى أعضاء الشبكة تقوم بالتنسيق مع شقيقها القيادي الحوثي في صنعاء وتزور مناطق الحوثيين بين فترة وأخرى، كما أنها مرتبطة ببعض القيادات العسكرية في تعز حيث كان لأحد الضباط دور الوسيط لها أمام مدير القسم بعد جمع توقيعات بطردها من الحارة نتيجة أعمالها المخلة بالآداب.

وبالقرب من إحدى المواقع العسكرية في الجبهة الغربية تتواجد واحدة من أخطر العناصر في الخلايا الحوثية وتدعى "م. ر. ض" حيث تشير التقارير الأمنية المتوفرة لدى "المجهر" إلى أنها تزور محافظة ذمار بصورة مستمرة.

ظلت المذكورة تقوم بتنسيق رحلات مع بعض الأفراد إلى أماكن مجهولة وتستمر لساعات، إلا أنهم امتنعوا بعد ذلك من الذهاب معها بعدما أخبرتهم بوجود عناصر أمنية تراقبهم، ومؤخراً أصدرت القيادة العسكرية أمراً بطردها من المنطقة.

كما أن "ب. ع. ن" وهي أحد عناصر الخلية كانت تقوم بالنزول إلى منطقة أسفل الدفاع الجوي لتعمل على استقطاب أفراد من الجيش بالقرب من المواقع العسكرية.

وفي تقرير استخباراتي حصل عليه "المجهر" ورد ذكر "ع. د. ع" المشهور بممارس أعمال سرقة ونصب وتزوير بصائر إلى جانب ترويج وتعاطي المخدرات في حارة حديقة النور القريبة من مستشفى الأمراض النفسية.

وسبق للمذكور أن عمل لصالح جماعة الحوثي في المنطقة لكنه غادر بعد تحريرها من الحوثيين، ثم عاد مؤخراً إلى المنطقة وسط استغراب الأهالي من عودته وتحركه بحرية ما يثير الشكوك حول تخطيطه مجدداً لأعمال مشبوهة في المنطقة.

ويأتي المذكور على رأس شبكة مكونة من أقاربه وأصدقائه القديمين ممن يشتركون في أعمال السرقة وممارسة الدعارة بجانب تعاطي الحشيش والمواد المخدرة وترويجهما.

 

شبكة نسائية

 

خصصت عصابات الحشيش والمواد المخدرة شبكة من النساء لاستقطاب فتيات في مجال ترويج وتعاطي المخدرات في مدينة تعز، وتركز نشاط هذه الشبكة في منطقة صينة ووادي المعسل والمدينة القديمة إلى جانب استهداف مناطق أخرى في المدينة.

في منطقة وادي المعسل يتواجد ما نسبته 80 % من المروجات القائم عملهن على ببيع المخدرات للفتيات واستدراجهن بعد ذلك في أعمال أخرى. وفقا لمصادر أمنية تحدثت لـ "المجهر".

وبينت المصادر أن المروجة " ل. م. ن" هي من تقوم بتقسيم المهام على بقية المروجات لتوزيع المواد المخدرة على أغلب مناطق مدينة تعز.

كما اطلع "المجهر" على ملفات لقضايا متواجدة في النيابة والمحاكم تحدثت عن توريط جماعة الحوثي لفتيات في أعمال الترويج للمواد المخدرة وممارسة الدعارة، بالإضافة إلى الحالات المحولة للسجن المركزي.

إلا أن المصادر الاستخباراتية استنجت أن الأمر ليس لمجرد الترويج فحسب، فهناك خلايا تقوم باستدراج فتيات في تعز من أجل العمل لصالح جهاز الأمن الوقائي التابع لجماعة الحوثيين.

 

مخطط حوثي

 

المحاولات الحوثية لتجنيد الفتيات مستمرة، فقد عملت الجماعة على استقطاب أكثر من عشرين فتاة وقام بتجنيدهن قيادي حوثي يدعى "محمود سرور الجنيد" وبعد ذلك عمل على تقسيمهن إلى مجموعات بحيث تكون كل فتاة في المجموعة مخصصة لمنطقة معينة.

ويُعد الجنيد المسؤول الأول عن الشبكة في تعز حيث يشغل منصب ضابط الأمن الوقائي لدى الحوثيين في منطقة الحوبان وينتحل رتبة رائد، وتم تكليفه بتجنيد خلايا نسائية لغرض ممارسة الدعارة ومحاولة استقطاب قيادات وأفراد من الجيش الوطني.

وتشير معلومات استخباراتية حصل عليها "المجهر" إلى قيام الشبكة باستئجار شقق بتمويل من الأمن الوقائي لجماعة الحوثيين لأجل تدريب الأعضاء على استقطاب مزيد من الفتيات وكيفية توريطهن من خلال تصويرهن أثناء ممارسة الدعارة وتعاطي الحشيش.

بعض أعضاء الخلية مثل "س. م. س" و "ص. ر. ن" يخرجن إلى منطقة الحوبان برفقة فتيات لتدريبهن على العمل الموكل لهن كما يتم انتقاء بعض الفتيات وإرسالهن إلى صنعاء لتلقي التدريب.

وهناك خلية أخرى تقودها امرأة كبيرة في السن تُلقب بالزينبية، تحمل بحوزتها سلاح باستمرار خاصة أثناء ذهابها إلى منطقة الحوبان وغيرها من مناطق الحوثيين وهي مكلفة بحشد النساء لتجنيدهن لصالح الجماعة.

المصادر الاستخباراتية ألمحت إلى خطورة الأعمال التي تقوم بها الزينبية المُسنة، لكن دون مزيد من التفاصيل سوى أنها تتحرك بمعية ابنتها ويرافقهما مسلحين بين حين وآخر.

أما المتحوثة "ن. ل. ك" فقد لوحظ أنها تدخل إلى تعز بصورة مستمرة بسيارتها الخاصة، وهي تعمل ضمن الشرطة النسائية في منطقة الحوبان، ولأهمية العمل الذي تقوم به فقد اعتمدت لها الجماعة نسبة من عائدات الضرائب.

ووفقا للمصادر فقد سبق تدريب المذكورة في محافظة صعدة وبعناية فائقة لمهام استقطاب الشباب والفتيات من أجل العمل لصالح جماعة الحوثي في نطاق سيطرة الشرعية بمحافظة تعز.

 

أصحاب سوابق

 

أفرد تقرير لجهة استخباراتية – اطلع "المجهر" على نسخة منه – عدة قضايا تهدد الأمن والاستقرار بوادي النعيم في مدينة النور القريبة من جبهة الدفاع الجوي، وفي مقدمتها هذه القضايا وجود خلايا نائمة تابعة لجماعة الحوثي ويقوم أحد عناصر هذه الخلية بتخزين السلاح داخل منزله.

وإلى جانب قضايا ترويج وتعاطي المخدرات وممارسة الدعارة كشف التقرير عن وجود معصرة لصناعة الخمر في وادي النعيم وتتعامل مع زبائن من أحياء مثل "ب. ج. ث" و "ن. س. ي" من قبل الحرب.

اللافت في الأمر أن غالبية عناصر شبكات الدعارة وترويج وبيع المخدرات هم أصحاب سوابق في السرقة والنهب والسطو المسلح وغير ذلك من الأعمال المقلقة للسكينة العامة في المدينة.

ومن النماذج على ذلك المدعو "ش. ق. ل" من سكان حارة النسرية وله سوابق فيها إلا أنه يقيم حاليا في مدينة النور كونه في مهمه لتوزيع الحشيش والمواد المخدرة على صغار السن.

وبكون المذكور من أفراد إحدى القيادات العسكرية، يحتمي خلفه كثير ممن أُصدرت ضدهم بلاغات في الأعمال المرتبطة بترويج وتعاطي المخدرات وممارسة الدعارة.

 

شبكات موازية

 

يدير المدعو "ع. ح. ي" وهو من أبناء منطقة البرح شبكة دعارة وترويج للمواد المخدرة مكونة من قرابة 28 فتاة في منزل على خط الضباب، تخرج هؤلاء الفتيات إلى منطقة الثلاثين والدمينة ووادي التبدد ويعدن إلى المنزل في اليوم الثاني.

كما تدير "غ. ف. ز" إحدى الشبكات في تعز وتتنقل بين صنعاء والحديدة بشكل مستمر لارتباطها بشبكة واسعة، وقد تم القبض عليها من مقر عملها في مركز سيتي مول بقضية دعارة وترويج لمادة الشبو المخدرة قبل أن يتم إطلاق سراحها.

أما في مدينة النور يوجد منزل لشبكة تعمل في تجارة الحشيش والمواد المخدرة وممارسة الدعارة يتزعمها شخص لقبه "البروش" ويمتلك خمسة باصات حديثة نوع "دايو" خصصها لتوزيع الحشيش والمخدرات وتنسيق أعمال الدعارة.

وفي وادي السلامي بمدينة النور أيضاً، توجد شبكة لممارسة الدعارة وترويج الحشيش تتزعمها فتاة تدعى "ب. ي. ر" واتضح أنها تحصل على تسهيلات من قبل مسؤول في السلطة المحلية بمحافظة تعز وبعض مسؤولي المنظمات.

وحذر مراقبون من نشاط بعض المنظمات بعدما انكشف تورطها بمحاولة استقطاب فتيات وأطفال في شراك المواد المخدرة والأعمال اللاأخلاقية والتي هي في الأساس مدفوعة من قبل الحوثيين.

 

توصيات وحلول

 

لا تستطيع إدارة أو هيئة بعينها حماية مدينة تعز من المحاولات الحوثية لاستهدافها عبر المواد المخدرة وممارسة الدعارة، فلا يتم ذلك إلا بتعاون كافة المؤسسات الحكومية وتضافر الجهود الاجتماعية عبر الدعاة والخطباء والسياسيين والإعلاميين وغير ذلك من الشخصيات الاعتبارية.

ويقع الدور الأكبر على عاتق قوات الجيش والأمن في التعامل بحزم مع القضايا المتعلقة بهذا الشأن، بدءاً من توعية أفرادها بخطورة ذلك وأثره على الأمن والسلم الاجتماعي، مع ضرورة تفعيل القوانين والتشريعات الصارمة للحد من تهريب وترويج وتعاطي المواد المخدرة، كون الجانب القضائي يمثل رادعاً مهماً أمام انتشار هذه الظاهرة.

كما أن دور الحماية يبدأ من الأسرة حيث يرى المحامي والناشط الحقوقي علي الصراري، أن على الآباء متابعة أبنائهم ومن يجالسون ومع من يسافرون وماذا يشاهدون ومع من يتواصلون كون هذه الأشياء أوقعت كثيرين في شراك الحوثي.

ويحث مدير إدارة مدارس التحفيظ بمكتب الأوقاف والإرشاد بمحافظة تعز منير الوجيه، على أهمية التوعية بخطر ممارسة هذه الظواهر والتحذير والردع من محاولة الاقتراب منها وصولاً لتحصين الشباب والفتيات والأطفال من الانخراط في هذه الأعمال الدخيلة على المجتمع.

فيما يرى مدير مكتب الشباب والرياضة بتعز، أن من الضرورة بمكان التصدي للعوامل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية مثل البطالة والفقر والصحة النفسية والتي قد تدفع الشباب والفتيات والأطفال لممارسة مثل هذه الأعمال السلبية، كما لا ننسى أهمية إشغال أوقات فراغهم بطريقة إيجابية وبناءة بما في ذلك ممارسة الرياضة بصورة منتظمة.

ويبقى الجانب ذات الأهمية الكبرى في إنشاء وتطوير مراكز لعلاج وتأهيل للمدمنين وتوفير الرعاية الصحية والنفسية اللازمة لهم.

 

تكثيف الجهود

 

منير الوجيه المسؤول في مكتب أوقاف تعز يقول "ينبغي أن يتحرك الدُعاة من منابرهم المختلفة لتوجيه الناس نحو الخير ، وتفقيههم في أمور دينهم ، حتى يكونوا على بينةٍ فيما ينفعهم وما يضرهم ، ومن ذلك ظاهرة ترويج الحشيش والمواد المخدرة وممارسة الدعارة".

ويؤكد الوجيه في حديثه لـ"المجهر" أنه بات لزاماً أن تتحرك الجهود الدعوية والإرشادية بجهود مركزة ومنظمة في التوعوية اللازمة لتحصين أبناء شعبنا من هذه الظواهر الدخيلة عليه، وأن يتحرك الجميع لمواجهتها والحد منها.

ويوضح أن أهم هذه الوسائل تكاتف جميع الجهود في التوعوية بخطر ممارسة الشباب والفتيات لهذه الظواهر، بل وتحذيرهم وردعهم من محاولة الاقتراب منها ، وهنا لابد أن يتحرك الجميع كُلٌّ من موقعه حتى تُثمر هذه الجهود المبذولة واقعاً ملموساً يرى الجميع أثره في الوصول إلى مجتمعات واعية تفهم مالها وما عليها ، وما ينفعها وما يضرها.

ويضيف المسؤول في مكتب أوقاف تعز" يجب أن يستشعر الجميع مسؤوليته، وينطلق بها ومن خلالها لمواجهة هذه الظواهر، وأيضاً مساندة ودعم كل الجهود التي تبذلها السُلطات المعنية بمواجهة هذه الظواهر سواءً في الأوقاف والإرشاد أو الأجهزة الأمنية، وغيرها ".

من جهته, يؤكد مكتب الشباب والرياضة بتعز أن جماعة الحوثي الإرهابية لها دور كبير في انتشار هذه الظواهر الخطيرة و تعتبر أدوات وسائلها في إغراق المجتمع اليمني بالعادات السيئة في اطار مشروعها التدميري للأرض والإنسان اليمني".

ويضيف في تصريح خاص لـ"المجهر" أن المكتب عمل خلال السنوات الاخيرة بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني و المؤسسات الأخرى الرسمية كالتربية و التعليم و الجامعة و إدارة مكافحة المخدرات بشرطة محافظة تعز على إقامة عدد من البرامج التوعوية في هذا المجال منها مشروع آليات الحماية للشباب المعرضين للخطر".

ويسرد مكتب الشباب والرياضة عدد من وسائل حماية الشباب والفتيات من مخاطر الممنوعات, أهمها: التوعية والتثقيف, دعم الأسرة كونها خط الدفاع الأول, ممارسة الرياضة, شغل أوقات الفراغ, . التكامل المجتمعي, تنسيق الجهود العامة والخاصة, ومعالجة الأسباب الكامنة".

ويلفت إلى إن تطبيق هذه الوسائل بشكل متكامل ومستدام سيساهم في حماية الشباب والفتيات من مخاطر الانخراط في تعاطي المخدرات وتعزيز صحتهم وسلامتهم.

كما ينوه إلى ضرورة تفعيل القوانين والتشريعات, ورفع مستوى التنسيق والتعاون الأمني, إنشاء مراكز للتأهيل, والحرص على تنفيذ حملات توعوية, وتعزيز فرص العمل والتمية بالإضافة إلى تكثيف دور الإعلام, معتبرا أن ذلك سيساهم في الحد من انتشار تعاطي المخدرات في اليمن وخاصة في محافظة تعز.

وبدوره, يرى العقيد الركن منصور الحساني رئيس أركان اللواء 22 ميكا في الجيش اليمني بتعز, أن دور القيادة العسكرية في هذا المجال هو توضيح خطورة هذا العمل وأثره على سير المعركة القادمة, والتعامل بحزم حيال ظهور أي حالة من هذا النوع, بالإضافة إلى التوعية المستمرة.

ويؤكد العقيد الحساني لـ"المجهر" أن قيادة الجيش نفذت حملات توعوية بين الأفراد حول خطورة الممنوعات كأحد الأسلحة التي تستخدمها جماعة الحوثي الإرهابية في حربها على اليمنيين.

إلى ذلك, يعتقد المحامي والناشط الحقوقي علي الصراري أن جماعة الحوثيين حين فشلت عسكريا في إسقاط مدينة تعز لجأت إلى الأعمال اللاأخلاقية من خلال الترويج للمنوعات واستقطاب الشباب والفتيات لممارسة الدعارة.

ويشير المحامي الصراري إلى أن الجماعة استغلت أطفال دون الثامنة عشرة في أعمالها اللاأخلاقية لغرض حصولهم على عقوبة مخففة عند ضبطهم وفق القانون, كما ركزت على الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع لتمرير هذه الأعمال المنافية للآداب العامة.

 

المصادر المراجع:

 

  • تقارير ووثائق لجهات استخباراتية وأمنية.

  • حالات من المروجين والمتعاطين.

  • مصادر أمنية وعسكرية.

  • مصادر قضائية وقانونية.

  • مصادر في السلطة المحلية.

  • مواد سابقة لـ "المجهر" متعلقة بهذا الشأن.

 

ملاحظات:

 

  • استغرق عمل هذا التحقيق قرابة نصف عام في جمع المعلومات والوثائق، وكذلك التدقيق والتأكد منها وصولاً إلى صياغتها وتجهيزها للنشر.

  • التزمت إدارة "المجهر" بالتحفظ عن ذكر الأسماء والمواقع وتحركات المشتبهين، فيما يحتفظ الموقع بكل المعلومات والوثائق المتعلقة بكل ماورد في التحقيق الذي يعد جزءاً من المعلومات المتوفرة لدينا.

  • حرص فريق "المجهر" على أن يعتمد الشفافية في مضمون التحقيق ووفق صياغة مهنية قائمة على أسلوب بحثي واستقصائي.