في ظل التحديات الاقتصادية المتفاقمة في البلد، برزت عدة قضايا فساد مالي وإداري تشمل الاستيلاء على المال العام وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب والتهرب الضريبي.. ونتيجة لهذه التحديات، يسعى مجلس القيادة الرئاسي إلى تنفيذ إصلاحات حكومية جادة وبدء إجراءات منسقة مع كافة الجهات المعنية لمكافحة الفساد وتحسين الاقتصاد اليمني.
جاء ذلك، بعد أن كشفت تقارير صادرة عن النيابة العامة والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة تفاصيل تتعلق بقضايا فساد، واستغلال مسؤولين لسلطاتهم لهدر الأموال العامة ونهب أراضي الدولة والإضرار بالشركات الوطنية واستمرار الفساد المالي والإداري.
ونشرت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، تقريراً مطولاً هو الأول منذ بدء الحرب، تضمن التحقيق في 20 من قضايا فساد واختلاس أموال عامة في العديد من الدوائر والمؤسسات الحكومية، مشيرة إلى أن مجلس القيادة وجه باستكمال التحقيقات في العديد من قضايا الفساد المنظورة أمام الأجهزة الرقابية وسلطات إنفاذ القانون.
إلى ذلك، شدد مجلس القيادة الرئاسي على إحالة كافة القضايا المنظورة أمام الأجهزة الرقابية الى السلطة القضائية لاتخاذ إجراءاتها وفقا للقوانين النافذة، ومتابعة المتهمين المتواجدين في الداخل عبر الأجهزة المختصة، والمتهمين خارج البلاد عبر الانتربول الدولي.
تأتي هذه الجهود بالتزامن مع وصول منحة سعودية تهدف إلى تغطية عجز ميزانية الدولة لعدة أشهر.. الأمر الذي يثير تساؤلات حول فعالية هذه الخطوات في ظل الأوضاع الراهنة، ومدى قدرتها على تعزيز خزينة الدولة والوفاء بالتزاماتها المالية، بالإضافة إلى تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين.
إصلاحات مشروطة
في حديثه لـ"المجهر"، يقول مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي: "أي جهود تصب في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد وإرساء مبادئ سيادة القانون هي خطوات أساسية تُعزز الثقة بين قيادة الشرعية والشعب، وتُقوي السلطة الشرعية المعترف بها دولياً.. هذه حقيقة يجب إدراكها والتأكيد على أن أي جهود تُبذل لمكافحة الفساد تُعد خطوات في إطارها الصحيح ويجب أن تتم اليوم قبل غد".
ويضيف: "لكن هذه العملية تتطلب مجموعة من الشروط والمعطيات، يجب أن ترتبط هذه الجهود بإرادة حقيقية من المجلس الرئاسي والحكومة وكل المؤسسات القيادية في الدولة. لا يكفي أن يتم إحالة بعض الملفات الجاهزة أو القديمة؛ بل ينبغي أن يبدأ المجلس الرئاسي بنفسه، وأن يكون جاداً في هذه المسألة، لوضع لائحة مهام واضحة تشمل الأهداف والموازنة والمهام المحددة، مع إعداد خطة حكومية تُقر من البرلمان وتناقش على نطاق واسع بمشاركة الأطراف المختلفة".
وتابع: "كما يجب تفعيل المؤسسات الرقابية مثل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، والبرلمان، والمجالس المحلية. كل الأطراف هذه يجب أن تُفعل، وأن يكون هناك بناء أو توجه لتفعيل كل المؤسسات لتتمكن من أداء دورها بفعالية. بالإضافة إلى ذلك، يجب توفير مستوى عالٍ من الشفافية والإفصاح عن المعلومات وفقاً لقانون الحق في الحصول على المعلومات، ومبادئ الحكم الرشيد".
وحذر نصر في حديثه: "إذا لم يكن تحريك هذه الملفات في إطار إرادة سياسية واضحة وقوية لمكافحة الفساد، فقد يصبح الأمر سلبياً أكثر، مما يضاعف من التصدعات داخل مكونات السلطة الشرعية. الشرعية اليوم بحاجة ماسّة إلى إرادة حقيقية لمواجهة الفساد، خصوصاً وأن هذا أصبح متطلباً إقليمياً ودولياً. السلطة الشرعية تُدرك أن المملكة العربية السعودية قدّمت لها دعماً مؤخراً بعد أشهر من المطالبات، وكان هنا برنامج واضح لموضوع الإصلاحات المالية وإصلاحات السياسة النقدية، ومكافحة الفساد، ولكن للأسف، أن هذا لم يتم حتى الآن".
ويشير إلى أن "كثير من الأشياء في الحقيقة لم تتم، فيما يتعلق بإصلاح الهياكل المؤسسية وفيما يتعلق بشفافية الإيرادات والنفقات وأيضًا من النفقات التي لا ينص عليها القانون.. أول خطوة من خطوات إصلاح الإدارة هو عودة الحكومة ومجلس الرئاسة إلى اليمن، وإدارة المؤسسات وتفعيل دورها من داخل، لأنه واضح وجود حالة من الهشاشة في إطار مؤسسات الدولة؛ ولذلك لا يمكن أن يستقيم الوضع في ظل غياب قيادة البلد عن الداخل".
قضايا وتجاوزات
وفي هذا السياق، كشفت النيابة العامة اليمنية، عن تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تتعلق بالفساد والاستيلاء على المال العام، وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب والإضرار بمصلحة الدولة، والتهرب الضريبي والجمركي.
وذكر تقرير صادر عن مكتب النائب العام نشرته وكالة "سبأ"، أن النيابة العامة باعتبارها صاحبة الولاية في تحريك الدعوى الجزائية والمسؤولة عن الحفاظ على المال العام، ومكافحة الفساد وغسل الأموال، قامت بتحريك إجراءات الدعوى في عدد من الشكاوى والبلاغات.
وشملت الشكاوي والبلاغات قضايا فساد في عقود تنفيذ مشاريع حيوية، وعقود ايجار لتوليد الطاقة، وإهدار المال العام، والتعدي على أراضي الدولة واستعمال محررات مزورة والتهرب الجمركي وتمويل الإرهاب، ومحاولة الاستحواذ على المشتقات النفطية بطرق غير مشروعة.
وأفاد التقرير بإحالة عدد من تلك القضايا الى محاكم الأموال العامة التي فصلت حتى الآن في 4 قضايا تتعلق بعدم التزام بنوك، وشركات صرافة بمواد قانون مكافحة غسل الأموال، ومزاولة مهنة الصرافة دون تراخيص، مشيرًا إلى أنه تم إصدار أحكام قضائية بإدانة تلك المصارف، وتغريمها ملايين الريالات والزامها بتنفيذ جميع طلبات وحدة جمع المعلومات المالية.
وأشار إلى أن هناك العديد من القضايا التي لا تزال منظورة أمام محكمة الأموال العامة، من بينها قضيتي عقود تنفيذ مشروع محطة كهرباء مصافي عدن، وتسهيل الاستيلاء على أراضي المنطقة الحرة في عدن.
ووفقا للتقرير قامت النيابة العامة بالتصرف في عدد من القضايا المنظورة أمامها بمجموعة من الإجراءات والتدخلات القانونية العاجلة للحفاظ على المال العام، فضلًا عن إحالة عدد آخر من الشكاوى والبلاغات والقضايا رهن التحقيق للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والجهات المعنية، من أجل موافاتها بمزيد من الأدلة والتقارير والوثائق اللازمة للسير في الدعوى.
واشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الوزارات والجهات الحكومية معها ما أدى إلى تعثر تصرفها في قضايا عدة لا تزال رهن التحقيق. وأوردت مثالاً على ذلك بقضية الاضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ محافظة سابق لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تم تجميد نحو 27 مليار ريال من أرصدته مع استمرار ملاحقته بتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة.
تجميد أرصدة
على الصعيد الخارجي والتعاون الدولي، قالت النيابة العامة في تقريرها أنها تلقت عددًا من طلبات تجميد الأرصدة، وأموال بعض الكيانات والأشخاص لممارستهم أنشطة تتعلق بغسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأصدرت النيابة قرارات تجميد في بعض الطلبات تتعلق معظمها بكيانات واشخاص على ارتباط بجماعة الحوثي الإرهابية، ورفضت طلبات أخرى بسبب عدم كفاية البيانات المطلوبة، موضحة بأنه تم التخاطب مع ممثلي وزارة الخزانة الأمريكية لتزويدها بنسخة من بيانات وأدلة إصدار تلك القرارات سيما الكيانات والأشخاص الاعتبارية والطبيعية المتواجدة في المحافظات المحررة.
فساد السفارات
أظهرت نتائج أعمال التدقيق والمراجعة التي قام بها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، لحسابات عدد من الجهات الحكومية جملة من الخروقات والتجاوزات المالية والادارية التي كبدت خزينة الدولة مئات ملايين الدولارات خلال السنوات الماضية.
وذكرت وكالة (سبأ) أنها أطلعت على ستة تقارير للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة تتعلق بمراجعة وتقييم أداء البنك المركزي اليمني منذ تاريخ نقله ومباشرة عمله بالعاصمة المؤقتة عدن في سبتمبر 2016 حتى نهاية 2021، ونتائج مراجعة موارد استخدامات القنصلية العامة اليمنية في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية وسفارتي اليمن في المملكة الأردنية، وجمهورية مصر العربية منذ 2016 حتى 2023م.
وبالنسبة للقنصلية العامة في جدة، أوضح الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، أن أعمال المراجعة بينت عديد المخالفات، والتجاوزات المتعلقة بتحصيل الموارد، والرسوم القنصلية، وأوجه صرفها.
وذكرت التقارير أن من بين تلك المخالفات فرض اللجنة العليا للجوازات زيادة في رسوم إصدار جوازات السفر العادية وتخصيصها جزء من رسوم الإيراد العام للصرف مقابل تكاليف اللجان لكل من وزارة الخارجية ومصلحة الهجرة والجوازات والجنسية ودخل إضافي للقنصلية العامة في جدة بدون مسوغ قانوني.
وحسب تقرير الجهاز المركزي فإن إجمالي المبالغ المنصرفة على ذلك النحو بلغ 91 مليون، و 236 الف ريال سعودي، مشيرًا إلى عدم التزام القنصلية بتوريد المبالغ المحصلة من رسوم إصدار جوازات السفر العادية والغرامات الخاصة للفترة من بداية 2018م حتى نهاية 2022م بمبلغ 156 مليونا و656 الف ريال سعودي، موضحا ان ما تم توريده كإيراد عام اقتصر على مبلغ 12 مليون، و 750 الف ريال.
وفيما يتعلق بسفارة اليمن في جمهورية مصر العربية كشف التقرير عن استيلاء موظفين على 268 الف دولار من إيرادات الدخل القنصلي من خلال التزوير في محررات رسمية بإصدار جوازات سفر بمهنة طالب مع العلم المسبق بعدم صحة المهنة وتحصيل رسوم جواز كامل منهم بمبلغ 95 دولاراً وترحيل رسوم تلك الجوازات في النظام الآلي والتقارير الفعلية بمبلغ 27 دولاراً، وبالتالي إثبات إيرادات الدخل القنصلي بأقل مما تم تحصيله فعلاً من المواطنين، كما تحدث التقرير عن مخالفات أخرى على صلة باستغلال بعض المزايا الممنوحة للسفارة، وأعضاء السلك الدبلوماسي.
إهدار المال
وشملت تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة نتائج مراجعة وتقييم أوليات توفير المشتقات النفطية لقطاع الكهرباء عبر لجنة مناقصات توفير وقود محطات الكهرباء لعام 2022، وكذا الأوليات والوثائق المتاحة الخاصة بالعقود المبرمة من قبل شركة مصافي عدن مع الشركة الصينية شنغهاي توربين، فضلًا عن أوليات شراء السفينتين (أميرة عدن ولؤلؤة كريتر) وأعمال المنطقة الحرة عدن.
وكشف الجهاز المركزي عن ارتكاب العديد من الاختلالات والتجاوزات لأحكام القوانين واللوائح النافذة فيما يتعلق بكافة التعاقدات المتعلقة بتوفير المشتقات النفطية لعام 2022م بقيمة 285 مليون دولار، ترتب عنها الإضرار بالمال العام بسبب تضخيم الأعباء المالية التي تحملتها الخزينة العامة، وتغليب مصالح الشركات المتعاقد معها على حساب المصلحة العامة.
وقال التقرير إن نتائج مراجعته لعقود شركة مصافي عدن مع شركة صينية كشفت عن إهدار للمال العام من خلال مشاريع متعاقد عليها مع الشركة الصينية المذكورة بتكلفة إجمالية 180 مليون 543 الف دولار تحت مسمى تحديث المصفاة دون وجود احتياج فعلي لها.
وتحدث الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن عديد الاختلالات والتجاوزات التي رافقت عملية الشراء والتعاقد على تشغيل السفينتين (اميرة عدن ولؤلؤة كريتر)، وكذا تكاليف استئجار بواخر لنقل المشتقات النفطية، نتج عنها إهدار مبالغ طائلة وتبديد أصول الشركة.
عقود غير رسمية
وكشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بشأن نتائج مراجعة أوليات عقد شراء طاقة كهربائية بقدرة (100) ميجاوات محمولة على سفينة عائمة من شركة (برايزم انتر برايس)، عن عديد الاختلالات والتجاوزات التي رافقت عملية التعاقد التي كانت مفترضة لمدة ثلاث سنوات بمبلغ إجمالي (128,056,800) دولار.
ولفت إلى أنه خلص من خلال مراجعة ما تسنى له الوقوف عليه من وثائق ومستندات متعلقة بعقد شراء الطاقة الخاص بالسفينة العائمة، إلى قيام المسؤولين على إدارة قطاع الكهرباء والجهات ذات العلاقة بإقرار، واعتماد إبرام العقد من خلال تضمينه بعض البنود او الشروط المجحفة التي تندرج ضمن وقائع تغليب مصلحة الشركة المتعاقد معها على حساب المصلحة العامة.
وأكد الجهاز أن عملية التعاقد تمت بطريقة غير مدروسة ودون مراعاة للمخاطر المترتبة عنها، مشيرا في هذا السياق الى إلزام قطاع الكهرباء دفع ما نسبته (20 بالمائة) من قيمة تكلفة العقد كدفعة مقدمة (بنسبة 10بالمائة من قيمة عقد شراء الطاقة و 10بالمائة من قيمة محطة التحويل وخطوط النقل ) بمبلغ إجمالي (12,805,680) دولاراً قبل وصول السفينة العائمة ودون الحصول على أي ضمانات بنكية بالمبلغ بالرغم من التزام الشركة المذكورة بتقديم تلك الضمانات، الأمر الذي يترتب عليه ضياع حقوق قطاع الكهرباء في الحصول على التعويضات المناسبة عند اخلال الشركة المذكورة بالوفاء بالتزاماتها التعاقدية.
وأوضح التقرير أن العقد أنطوى على مخالفات لقانون المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية الذي يشترط ان يكون التعاقد على تنفيذ أعمال التوريدات والأشغال والصيانة والإصلاح والخدمات الاستشارية والخدمات الأخرى عن طريق إجراء مناقصة عامة يتم الإعلان عنها داخل الجمهورية أو خارجها، مشيرًا إلى أن عملية المنافسة على العقد المذكور، اقتصرت فقط على عدد محدود من الشركات دون فتح المجال أمام كافة الشركات المتخصصة في هذا المجال الأمر الذي يتعارض كلياً مع قيم العدالة، والانصاف وأحكام القوانين واللوائح النافذة.
وذكر أن مثل هذا الإجراء من شأنه حرمان قطاع الكهرباء من الوفورات الممكن تحقيقها في الأسعار والمواصفات عند فتح المجال أمام تلك الشركات للدخول في المنافسة، كما أن تنفيذ العقد عبر مناقصة محدودة بزعم سرعة توفير الطاقة يتعارض مع الاجراءات التي تمت في الواقع والتي استغرقت فترة تتجاوز السنتين، مشيرًا إلى أن العقد منح الشركة المتعاقد معها إعفاءات ضريبية مثل ضريبة الدخل وكذلك إعفاءات جمركية.
وكشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أن من بين التجاوزات التي نص عليها العقد المذكور الزام قطاع الكهرباء بدفع مبلغ (17,856,600) دولار قيمة تنفيذ خطوط النقل ومحطة التحويل وبزيادة تتجاوز (10) ملايين دولار عن قيمتها المحددة بموجب العروض المقدمة من الشركات الأخرى، مما ترتب عليه إهدار ذلك المبلغ دون أي مسوغ بالإضافة الى إمكانية التعاقد على شراء تلك المحطة والخطوط مباشرة من الشركات المتخصصة.
وأشار التقرير إلى عدم تضمين العقد المبرم مع الشركة المذكورة التزامات أو شروط يتم من خلالها الزام تلك الشركة بتحمل كافة الأعباء أو الخسائر المترتبة عن الأضرار البيئية المترتبة عنها، أو ما يؤكد الزام الشركة المذكورة بتوفير كافة الوسائل والمتطلبات المرتبطة بحماية البيئة البحرية من مخلفات انتاج الطاقة الأمر الذي قد يترتب عليه الإضرار بالثروة السمكية التي تعد مصدرا من المصادر الرئيسية للدخل الوطني.
مخالفات بترومسيلة
وفيما يخص مراجعة وتقييم أداء شركة بترومسيلة، كشفت تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وتقارير رسمية أخرى عن جملة من الخروقات والمخالفات التي ارتكبتها الشركة -تأسست عام 2011- لتشغيل قطاع 14 النفطي بمنطقة المسيلة، من بينها تجاوز الشركة لمهامها الاساسية في تطوير الصناعة النفطية والاتجاه الى مشاريع اخرى مثل المقاولات والمشاريع الانشائية.
وأوضحت التقارير عدم وجود شفافية للأعمال التي تقوم الشركة بتنفيذها حيث أن جميع برامج أعمالها وموازناتها السنوية غير منظور فيها ومازالت المعلومات المالية محجوبة عن الوزارة والهيئة العامة لاستكشاف، وإنتاج النفط حتى الآن، مؤكدة عدم خضوع الشركة لأي رقابة أو إشراف من وزارة النفط أو الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وعدم تقديمها أي موازنة سنوية من جهة تدقيق معتمده خلال فترة عملها المستمرة منذ 13 عامًا.
وحسب تقارير الجهاز، فقد قامت الشركة بتجاوز نطاق عملياتها المحددة في قرار الإنشاء بالقطاع 14 ليشمل قطاعات نفطية أخرى، كون قرار إنشاء شركه بترومسيلة لا يخولها بتشغيل أكثر من القطاع الذي أنشأت من أجله؛ مشيرة إلى قيام بترومسيلة بتأسيس شركة في سلطنة عمان برأسمال كبير وأخرى في جزر الباهاما بأسماء مختلفة دون وجود ما يؤكد بان هذه الشركات مملوكة للدولة.
ومن بين المخالفات التي تضمنتها تلك التقارير قيام شركة بترو مسيلة بدفع مبلغ 7 ملايين دولار مقابل شراء 15 بالمائة من حصة المقاول في قطاع رقم (5) مقابل تحمل جزء من التزاماته المالية للحكومة وأطراف آخرى والتي تقدر بمئات الملايين من الدولارات، وذلك بعد ان كان مالك الحصة يعرضها دون مقابل.
وذكرت التقارير أنه منذ أن تولّت بترومسيلة إدارة القطاعات النفطية في حضرموت وحتى توقف عمليات التصدير، قامت الشركة بتصدير النفط الخام من القطاعات الجاهزة والمنتجة تحصلت فيها على نحو 30 مليون دولار عن كل شحنة وبإجمالي 1.2 مليار دولار، تم تحويلها إلى حساباتها في الخارج.
واستغرب التقرير عدم وجود مكتب للشركة في العاصمة المؤقتة عدن، حيث لايزال مكتبها الرئيسي في صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي الإرهابية، ولاحظ بأن شركه بترو مسيلة هي الشركة الوطنية الوحيدة التي أخذت 6 قطاعات إنتاجية مقارنه بالشركات الوطنية الأخرى على الرغم من عدم وجود نتائج ملموسة بتطوير قطاعاتها، أو زيادة انتاجها.
نهب الأراضي
وعن أراضي وعقارات الدولة، كشف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن عمليات اعتداء ممنهج وبسط عشوائي طالت مساحات واسعة من أراضي وعقارات الدولة نفذتها مجاميع مسلحة تابعة لشخصيات نافذة، مستغلة حالة الحرب، وعدم الاستقرار الذي تمر به البلاد منذ سنوات.
وقال تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، إنه وقف على حوالى (1929) قضية اعتداء منظورة امام القضاء بمختلف مستوياته طالت أراضي بمساحة تتجاوز (476,758,095) متراً مربعاً على مستوى المحافظات المحررة، بخلاف الاعتداءات التي لم يتم الابلاغ عنها.
وأوضح التقرير، تجاوزات ومخالفات وعمليات عبث وتصرفات حكومية مخالفة للقانون أدت إلى تسهيل الاستيلاء على أراضي وعقارات الدولة وتسليم مساحات شاسعة منها، بينها أراض غير مخططة لمستثمرين تبين عدم قيامهم بتنفيذ المشاريع التي صرفت الأراضي لأجلها.
وشملت التجاوزات تمليك غير اليمنيين أراضي تابعة للدولة وتسجيلها في السجل العقاري بموجب وثائق باطلة وأحكام مصطنعة، وتعديل مخططات رسمية بهدف الاستيلاء على المساحات الخدمية المخصصة للمرافق العامة، وتمرير تصرفات بمساحات كبيرة من الأراضي الزراعية للاستخدام السكني والتجاري والاستثماري.
وبحسب تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، فإن أعمال الاعتداء والنهب، طالت 25 مزرعة تابعة للدولة بكامل محتوياتها وأصولها من آبار إرتوازية وآلات ومعدات أخرى في محافظتي لحج وحضرموت الوادي بمساحة إجمالية قدرها (62,844) فداناً، فضلا عن مخالفات وانتهاكات جسيمة لأراضي الدولة في تعز، وأبين، وغيرها من المحافظات، مشيرًا إلى أن عمليات الاعتداء شملت شوارع عامة وحجز مساحات أمام المحلات التجارية والقيام باستحداث مبان، وهناجر واكشاك ومخازن تجارية.