تقرير خاص- عابد محمد
بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب، خلفت أسوأ أزمة إنسانية في العالم، يتطلع اليمنيون إلى انفراجة قريبة، من خلال المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة عبر مبعوثها هانس غروندبرغ كوسيط دولي بين الأطراف اليمنية.
وبحسب تقارير دولية فقد أودت الحرب الدائرة في البلاد، حتى أواخر 2021، بحياة 377 ألف شخص، كما ألحقت بالاقتصاد خسائر تراكمية تقدر بـ 126 مليار دولار، في حين بات 80% من الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
مباحثات سرية
في السابع عشر من يناير/كانون الثاني 2023 كشفت وكالة أسيوشيتد برس الأمريكية في تقرير لها عن مفاوضات سرية تجري منذ أشهر بين المملكة العربية السعودية وجماعة الحوثيين المدعومة من إيران بغرض إنهاء الحرب الجارية في اليمن .
ونقلت الوكالة عن ثلاثة مسؤولين، أممي وسعودي ويمني، بعضا من تفاصيل المفاوضات الجارية منذ سبتمبر الماضي بوساطة عمانية باطلاّع المبعوثين الأممي والأمريكي إلى اليمن .
تعثر مستمر.. من يقف خلف توقف مشروع صيانة طريق “تعز-التربة”؟
وبحسب المسؤول في الأمم المتحدة، فقد طورت السعودية خارطة طريقة من عدة مراحل لإنهاء الحرب الجارية منذ أكثر من 8 سنوات بين جماعة الحوثيين ، وبين الحكومة اليمنية مدعومةً بتحالف عربي تقوده الرياض .
وبحسب مصادر الوكالة، فقد شهدت المفاوضات تقدماً فيما يتعلق برواتب الموظفين العموميين -بما فيهم العسكريين في مناطق الحوثيين- وهي النقطة التي فرضها الحوثيون في السابق وأدت إلى انهيار مباحثات تمديد الهدنة في الثاني من أكتوبر الماضي .
الأمن مقابل السيطرة
يتحدث عبدالسلام محمد رئيس مركز أبعاد للدراسات، لـ"المجهر" أن هناك أسباب عدة دفعت إلى هذه المفاوضات، منها أن المملكة العربية السعودية تريد أن تخفف الضغوط الدولية عنها، على إعتبار أن المجتمع الدولي يتهمها بأنها المسؤولة عن الأزمة الإنسانية التي خلفتها الحرب في اليمن .
ويوضح أن السعودية اتجهت لتخفيف الضغط عليها والمناورة للحصول على مكاسب إقتصادية داخلية وعلى مستوى الإقليم، خصوصا وأنها ترتكز على إقتصاد ضخم، ومخزون هائل من النفط والغاز، حيث تجد في الحرب الروسية الأوكرانية فرصة مناسبة لتحقيق قفزة اقتصادية، والوصول إلى قائمة الدول العشر ذات الاقتصاد الأعلى في العالم.
ويؤكد عبدالسلام محمد، أن مساعي السعودية لن تتحقق إلا إذا أصبحت المنطقة أكثر استقرارا، لذا فهي تتجه نحو المفاوضات لإعادة ترتيب أوراقها في المنطقة، وفي ذات الوقت لا تريد أن يكون الملف اليمني في يد دولة أخرى، لأن ذلك سيكون ذات تأثير عليها وعلى حدودها .
400 مليار سنويًا إيرادات المدينة الصناعية والتجارية “الحوبان” ..كيف ينهب الحوثيون موارد تعز ؟!
ويضيف أن ما دفع الحوثيون إلى طاولة المفاوضات هو وجود سخط شعبي كبير في مناطق سطيرتهم، بالإضافة إلى وجود أزمة اقتصادية، فهم بحاجة إلى أموال للإيفاء بالالتزامات وتهدئة الشارع، وخاصة لدفع الرواتب خشية حدوث ثورة داخلية، مؤكدا أن الأحداث الإيرانية كان لها تأثير واضح في موقف الجماعة .
ويعتقد أن الحوثيون يناورون في المفاوضات ويرفعون سقف مطالبهم ليعلموا إذا ما كانت سوف تتحقق أو لا، وبالتالي فهي تذهب إلى أهداف بعيدة المدى، وتريد من خلال ذلك إلى السيطرة الكاملة على أراضي الجمهورية اليمنية .
طريق مسدود
يقول الدكتور فيصل علي رئيس مركز يمنيون للدراسات لـ"المجهر" أن إحاطة المبعوث الأممي من صنعاء بغض النظر عن محتواها إلا أن لها دلالات معينة، فهي تشير إلى أن الحوثيين باتوا قريبين من السلام الذي ترعاه الأمم المتحدة، وهي رسالة يفهم منها إبلاغ مجلس الأمن أن الأمم المتحدة ومبعوثها يرعون عملية السلام في اليمن، ويشرفون على المباحثات التي تجري بين السعودية والحوثيين بتيسير عماني .
وفي حديثه عن ما يتعلق بالحكومة الشرعية ومجلس القيادة فهم ينتظرون مثل غيرهم من منظمات المجتمع المدني أو القوى الثانوية لا حس ولا خبر ولا دور لهم ولا حول ولا قوة، بعد تصفية الشرعية وتوزيع مسماها على ميليشيات تساوت الرؤوس وصار الكل في نفس حكم الحوثي الانقلابي من وجهة نظر دستورية وقانونية، حد قوله .
ويعتقد الدكتور علي، أن الحرب انتهت لكن الوضع مازال على ما هو عليه طيلة سنوات الحرب، وضع اقتصادي سيء، ووضع سياسي أسوأ، وميليشيات تتحكم بالناس في هذه المنطقة أو تلك .
ويشير إلى أن الحصار باقي في تعز والطرق مقطوعة والموانئ والجزر مازلت خارج السيادة اليمنية، والعملة غير موحدة، وهناك حديث عن مرتبات ستسلم لميليشيات الحوثي وهي عبارة عن ثلثي عائدات النفط والغاز.
ويرى في عودة المفاوضات أن الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي فشل في ملفاته داخل وخارج الولايات المتحدة من أفغانستان إلى أوروبا وأوكرانيا، يريد أن يسجل نجاحه بإيقاف الحرب في اليمن، مكن الميليشيات الحوثية كما فعل سلفه أوباما سيء الذكر حينما أعطى الضوء الأخضر لميشيات إيران للسيطرة على اليمن تحت غطاء محاربة الإرهاب الداعشي المختلق.
وتوقع أن اليمن ستد خل في أزمة جديدة لأن ما يتحدثون عنه من سلام لا يراعي مصالح الشعب اليمني بالحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها واستقلالها. وهو سلام بين السعودية والحوثيين.
فيما يبدو أن مصير اليمن مازال مجهولا، حيث أن المحادثات لا تشمل الأطراف الحقيقية المسيطرة على الأرض، وهذا يعني أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، بسسب تضارب مصالح تلك القوى