المجهر- تحليل خاص
بعد أكثر من ثماني سنوات من انقلاب جماعة الحوثي على الشرعية وإعلانها الحرب على اليمنيين، يتنامى الفعل الوطني في مناطق سيطرة الجماعة ، وتتطول وسائل المقاومة والرفض الشعبي بصورة ملحوظة، دون أن تلقى حقها من التغطية والاهتمام الإعلامي.
وفق رصد خاص لموقع "المجهر" تصاعدت وتيرة العمليات التي تقاوم جماعة الحوثي منذ رمضان الماضي، مقارنة بالأشهر السابقة، مع ملاحظة أن منحنى التصاعد يتطور باستمرار منذ فترة طويلة، لكنه شهد تصاعدا مُلفتًا عقب تعثر الهدنة في أكتوبر الماضي، ودخل مرحلة جديدة من رمضان الفائت.
شرارة "المكحل"
مثلث الشرارة التي أشعلها الناشط حمدي عبدالرزاق الخولاني الشهير بـ"المكحل" أولى ملامح الرفض للتواجد الحوثي في محافظة إب (وسط البلاد)، وشكلّت الفيديوهات التي يستنكر بها ما آل به حال البلاد بفعل جماعة متمردة دأبت على نهب أموال اليمنيين وتعمدت تجويعهم بهدف إخضاعهم وتطويعهم لأجندتها الخارجية، أصبحت كلمات "المكحل" رصاصات حارقة تؤرق الحوثيين وتُلهم الأحرار في مناطق سيطرتهم.
وكانت جنازة المكحل في إب في أول أيام رمضان الماضي، علامة فارقة في تاريخ الرفض الشعبي، إذ شكّل مقتله ظلما وعدوانا في أحد سجون الحوثيين إيذانًا بكسر حاجز الخوف، ولأول مرة احتشد آلاف الشباب ليهتفوا "إرحل إرحل.. يا حوثي"، وحولوا الجنازة إلى أكبر تظاهرة مناهضة للحوثي منذ سيطرته على صنعاء وانقلابه على التوافق الوطني في 2014.
ووفقا لمصدر خاص تحدث لـ"المجهر" فإن الجماعة حاولت شراء ولاءت عدد ممن اشتركوا في جنازة المكحل سعيًا منها لتهدئة الشارع، لكنها فوجئت بالرفض وتصاعدت الأصوات الغاضبة التي تطالب بإنهاء تواجد الحوثيين في المحافظة.
ويضح المصدر أن الجماعة أجرت سلسلة واسعة من التغييرات الأمنية والقضائية في إب بعد جنازة المكحل، وكثفت من نقاط التفتيش والحراسة وعززت المحافظة بثلاث دفع على الأقل من المسلحين الملثمين التابعين لها، تحت مسميات الضبط المروري والأمن الوقائي، في تحرك يائس منها لوقف تصاعد أعمال الرفض الشعبي خصوصا في مدينة إب القديمة.
مقاومة فكرية
تمثل صلوات التراويح والقيام التي تشهدها المساجد اليمنية في شهر رمضان إحدى أهم وسائل المقاومة خصوصا وأن صلاتي التراويح والقيام لا تتوافق مع معتقدات جماعة الحوثي، ومثل احتشاد مئات المواطنين في مسجد العياني بمحافظة ذمار لأداء صلاة التروايح، في رسالة واضحة ردا على قرار حوثي سابق بمنعها.
ويعتقد الدكتور في جامعة ذمار منير العرامي: أن صلاة القيام في رمضان بمسجد العياني، هي نتيجة إحصائية تفيد بمقدار السكان الذين يمقتون الحوثي، ويسعون إلى أي عمل ممكن يخالف قناعات وأفكار الحوثي.
ويضيف الدكتور العرامي أن المسألة ليست تعبيرا عن سلاسة صوت الإمام في مسجد العياني بمقدار ماهي تعبير سلمي شرعي عن مدى الرفض الشعبي للحوثيين.
رفض جماعي
وفي أبريل الماضي، تمكنت حشود قبلية من إجبار جماعة الحوثي في ولد ربيع بمحافظة البيضاء على تسليم أحد قادتها المتهمين بقتل مواطن من أبناء القبائل بعد مماطلة استمرت أيام، مما دفع القبائل لحشد عناصرها المسلحة للتهديد بأخذ الانتقام بطريقة قبلية في حالة امتناع الجماعة تسليم المتهم للمحاكمة، وأدى ذلك فعلا إلى رضوخ الحوثيين.
ومطلع الشهر الجاري، تمكن حشد من بائعي القات بمديرية عنس في محافظة ذمار من إجبار جماعة الحوثي على تخفيض جزئي للضرائب والجبايات التي تنتزعها منهم، بعد تظاهرات ووقفات احتجاجية استمرت لأيام.
وفي هذا الصدد، يقول مصدر قبلي لـ"المجهر" : تجمع مقاوتة ذمار هو قطرة متراكمة في السيل الذي يتكون تدريجيا وسيجرف الحوثي في طريقه".
فيما تتحدث الناشطة اليمنية هديل الموفق في تعليق لها على إحراق بائع متجول لبسطته احتجاجا على فرض جبايات غير قانونية، قائلة: "صاحب البسطة فعلها وأحرق بسطته بعد فرض جماعة الحوثي لضرائب باهظة تفوق قيمة البضاعة. لم يوزعها ولم يعود بها إلى منزله، أحرقها هناك وفي تلك اللحظة! هذا فعل مقاومة مهم".
لم يُقدِم البائع المتجول على إحراق بسطته أواخر رمضان المنصرم كسلوك رفضي نادر، بل تزامن ذلك مع سلسلة من عمليات الرفض والمقاومة الفردية، وأحدها قيام مواطن في الحيمة الداخلية بصنعاء بقتل مشرف حوثي حاول التعدي على بئر ماء يملكها المواطن.
وتعقيبا على سلسلة عمليات الرفض يقول الباحث أيمن نبيل لـ"المجهر": هناك مقاومة فردية عنيفة ضد الحوثيين في مناطق سيطرتهم.. أتذكر صلوات التهجد وكمان قصة صلاة التراويح كل سنة.
ويضيف الباحث نبيل "أعتقد أن الحوثي يتفاجأ كل سنة أنه مش قادر يمارس قسره الطائفي بسهولة"، موضحًا "أن الناس تستغل هذه المناسبة الدينية (وأشياء أخرى مثل الجنازات) لمقاومته كل سنة".
بينما كان التعبير الأبرز للمقاومة الفردية والجماعية قادم من صعدة عندما حاول مسلح حوثي اعتراض موكب كبير من السيارات وقطع الطريق بآليته البندقية مستندا إلى سطوة الجماعة وهيبتها التي كان يظن – مخطئا- أنها مازالت تعشعش في نفوس السكان، لكنه تفاجأ بقيام أحد الشباب بالهجوم عليه وتكيفه ومن ثم اشتراك عدد من المواطنين في ضرب المسلح ونزع سلاحه.
وتعليقا على ذلك يقول الصحفي علي الفقيه: " الصورة ليست كلها سلبية أو استسلاميه.. فلا يزال المجتمع يقاوم المليشيا وعجرفتها القذرة".
اقرأ أيضا: الأوقاف اليمنية تحذر من خطر المراكز الصيفية التابعة للحوثيين