المجهر- سبوتنيك
وسط الهدوء النسبي لمعارك السلاح في اليمن تتصاعد معركة أخرى في البلد المنكوب؛ معركة النفط، الذي أصبح المصدر الوحيد للعملة الصعبة في البلاد بعد اندلاع الحرب اليمنية قبل سنوات، ويسعى طرفا الصراع (الحكومة المعترف بها دوليا وجماعة "أنصار الله") للحصول على عائداته.
ويوجد في اليمن ثلاثة موانئ رئيسية مخصصة لتصدير النفط والغاز المسال، وهي ميناء بلحاف للنفط والغاز وميناء الضبة النفطي في المنطقة الجنوبية ويخضعان لحكومة الشرعية، والثالث، فهو ميناء رأس عيسى النفطي الذي يقع على البحر الأحمر في محافظة الحديدة غرب اليمن، ويخضع لسيطرة "أنصار الله".
•خسائر النفط
وتتمركز أغلب حقول النفط والغاز في محافظات وسط اليمن، مثل مأرب، وجنوبها، مثل شبوة، وشرقها، مثل حضرموت، ولا يتجاوز إنتاج النفط حاليا 55 ألف برميل يوميا، نزولا من 150 إلى 200 ألف برميل يوميا قبل الحرب، وبلغ الإنتاج ذروته في 2007، عندما لامس سقف 450 ألف برميل يوميا.
ونجح اليمن في مضاعفة إنتاجه في 2021 مقارنة بالعالم الذي قبله، إذ بلغت مداخيل البلاد أكثر من 1.4 مليار دولار في 2021، مقارنة بأكثر من 710 ملايين دولار في 2020، بارتفاع بلغ 99.4%.
وتكشف هيئة استكشاف وإنتاج النفط اليمنية الحكومية عن وجود ستة قطاعات استكشافية أصبحت منتجة خلال السنوات القليلة الماضية؛ غير أن أعمالها الاستثمارية توقفت بسبب الحرب؛ وفي الوقت الراهن بدأت أعمال الصيانة والتأهيل لاستئناف العمل فيها.
وتعاني الحكومة اليمنية من أزمة مالية إثر توقف صادراتها النفطية منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، جراء استهداف جماعة "أنصار الله" بهجمات ميناء الضبة النفطي في محافظة حضرموت شرق اليمن، وميناء قنا في محافظة شبوة جنوب شرقي البلاد.
وتشترط الجماعة لاستئناف تصدير شحنات النفط الخام المنتجة من مناطق سيطرة الحكومة، توجيه العائدات لدفع رواتب كافة الموظفين العموميين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، والذين لم يتقاض أغلبهم أجورهم لشهور طويلة.
وأكد رئيس الحكومة اليمنية، المعترف بها دوليًا، معين عبدالملك، في شهر فبراير/شباط الماضي، أن اقتصاد بلاده خسر نحو مليار دولار بسبب استهداف "أنصار الله" موانئ نفطية في جنوب البلاد وشرقها، وأن الاقتصاد انكمش إلى النصف، وهو ما انعكس بشكل عام على اقتصاد البلاد كون النفط أصبح المصدر الأكبر للدخل.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي أكد وزير المالية اليمني، سالم بن بريك، تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن إثر توقف الصادرات النفطية، المصدر الرئيسي لتمويل خزانة الحكومة، نتيجة استهداف أنصار الله الموانئ النفطية في البلاد.
•هجوم على الموانئ
وفي 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تبنت "أنصار الله" هجوماً على ميناء الضبة النفطي في محافظة حضرموت شرق اليمن، هو الثاني على الميناء والثالث الذي يستهدف الموانئ النفطية في مناطق الحكومة، وذلك بعد شهر من إعلان الجماعة إبلاغ الشركات النفطية بايقاف عمليات التصدير رداً على ما تعتبره استحواذاً من الحكومة على ايرادات النفط والغاز وعدم توجيهها لدفع رواتب الموظفين العموميين.
وأعلنت "أنصار الله"، مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وصول مفاوضات تمديد الهدنة إلى طريق مسدود، في ظل اشتراط الجماعة دفع الحكومة رواتب الموظفين العموميين من عائدات النفط والغاز المنتج من المحافظات التي تسيطر عليها القوات الحكومية.
•شركة صينية تلغي عقودها مع "أنصار الله"
وقبل أيام أعلنت شركة النفط الصينية "أنتون" إلغاء مذكرة التفاهم التي كان قد تم توقيعها مع جماعة "أنصار الله" في مجال الاستكشاف النفطي، بمعزل عن الحكومة المعترف بها دوليًا.
وأوضحت شركة "أنتون" النفطية الصينية عبر موقعها الرسمي أن القرار جاء بسبب عدم توفر معلومات كافية سابقة بشأن المذكرة وصحتها.
وأفادت الشركة بأن فرعها في دبي قام بتوقيع هذه المذكرة غير القانونية في 17 مايو 2023 بسبب افتقاره للتفاهم الكافي حول المعلومات ذات الصلة.
وبعد تدقيق الشركة للمعلومات المتعلقة بالمذكرة، أكدت "أنتون" رسميًا إلغاء المذكرة وقدمت اعتذارها للأطراف المعنية.
وجاء تراجع الشركة الصينية بعد تأكيد الحكومة المعترف بها دوليا رفضها الاعتراف بمثل هذه العقود "التي يعتبر إبرامها حقاً سيادياً حصرياً لسلطات الدولة الرسمية".
•تأثير الاتفاق السعودي الإيراني
في مارس/ آذار الماضي وافقت إيران والسعودية على إعادة العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، بعد 7 سنوات من التوترات بين البلدين، وذلك بوساطة صينية.
وبشر هذا الاتفاق بعودة النفط اليمني إلى التدفق للأسواق بسلاسة، وحصول الحكومة الشرعية على إيراداته، أو على الأقل الوصول إلى اتفاق بين طرفي النزاع في الداخل اليمني لتقسيم إيرادت النفط حتى الوصول إلى اتفاق ينهي الأزمة بشكل كامل.
وبحسب مراقبين لا تتوقف آثار هذا التحول في العلاقات بين البلدين على تصدير النفط اليمني فحسب؛ إذ من المتوقع أن ينعكس ذلك إيجابًا على حل لأزمة ناقلة النفط صافر.