الاثنين 16/سبتمبر/2024
عاجلعاجل

حضور الدولة في لحج.. هل يضع حدا للانفلات والتهريب؟

حضور الدولة في لحج.. هل يضع حدا للانفلات والتهريب؟

المجهر- تقرير خاص

في أواخر شهر مايو الماضي، كانت محافظة لحج اليمنية، على موعد مع حملة أمنية عسكرية مشتركة، خرجت بقيادة العميد حمدي شكري، قائد اللواء السابع مشاه، وذلك لتعزيز الأمن، وملاحقة المطلوبين أمنيًا على ذمة القتل والنهب، إضافة إلى رفع نقاط التقطع من الطرقات، ومنع حمل السلاح.

وتفيد المعلومات بأن الحملة الأمنية والعسكرية تشكلت من وحدات عسكرية من قوات اللواء الثاني عمالقة (قوات مشتركة) وقوات حكومية من محور طور الباحة العسكري واللواء الثامن إحتياط واللواء 120 مدفعية (قوات تابعة للمجلس الإنتقالي) والأمن العام بمديرية طور الباحة.

وتمكنت من بسط سيطرتها على السوق المركزي بالمديرية وعززت انتشارها على الطريق الرئيسي الرابط بين محافظتي لحج وتعز، ومنعت التجوال بالسلاح في قلب المديرية بعد أحداثٍ دامية بين أطراف قبلية راح ضحيتها أكثر من 13 ضحية بين قتيل وجريح في أقل من شهرٍ واحد.

وتهدف الحملة للحفاظ على الأمن، والدفع بالمحافظة نحو التنمية والتطور الحضاري، ليتمكن المجتمع من العيش في بيئة مستقرة، متمسكًا بروح المحبة، مؤمنًا بالمساواة والعدالة عند الجميع.

مخزن أسلحة

وفي طور الباحة، ضبطت الحملة مخزنًا داخل محطة خاصة ببيع البترول، يحتوي على مختلف أنواع الأسلحة والمقذوفات بينها صواريخ ار بي جي، وعبوات ناسفة مع أجهزة تحكم عن بعد، حيث قامت بتحريزها ومصادرتها وإغلاق المحطة وإحدى الصيدليات في المديرية، بالإضافة إلى تفقد عدد من النقاط الأمنية والتشديد على القائمين عليها بالالتزام بالنظام والقانون.

وأكد مسؤول أمني في المديرية، بأن الحملة مستمرة في ترحيل متهمين من أرباب السوابق إلى السجن، وإنهاء نقاط الجباية التي كانت تنتشر على طول امتداد الطريق الرئيسي في طور الباحة، مشيرًا إلى أن الحملة لاقت تجاوبًا كبيرًا من قبل المدنيين، والشخصيات القبلية في المنطقة.

وتمكنت الحملة من فرض هيبة الدولة، خصوصًا بعد ضبط العديد من المطلوبين، ورفع نقاط التقطع، وإغلاق محلات بيع السلاح.

اقرأ أيضا: طور الباحة ”مثلث الموت“.. كيف ضاعفت نقاط الجبايات معاناة المواطنين «تحقيق خاص»

إنهاء الإنفلات

وتستمر الحملة بحسب تأكيدات العميد شكري، حتى إنهاء الإنفلات الأمني وأعمال التقطع والاقتتال بين أبناء قبائل الصبيحة، مشيرًا إلى أن تغذية الثأرات بين القبائل وجرائم القتل والتقطعات ليست وليدة الصدفة، فهناك مخطط مدروس لتشويه الصيِت الحسن لمناطق المديرية وأبناء الصبيحة وإغراقها في مستنقع خبيث، حد تعبيره.

وأضاف في تصريحات صحفية: "نحن ندرك ما يُدار ويُحاك ضد أبناء الصبيحة الذين سطروا ملاحم بطولية في كل ميادين الشرف والدفاع عن الأرض والعرض".

وتساءل شكري عما تغير لتصبح مناطق طور الباحة، بيئة للخوف والموت وممارسة أعمال التقطع والقتل، على الطرقات وفي الأسواق، بعد أن كانت منارًا للعلم يُشد إليها الرحال من كل مناطق الصبيحة وما جاورها، مؤكدًا أن هذا الحال المزري لا يرضي العقلاء.

وتوعد قائد الحملة الأمنية في الصبيحة بإفشال كل المخططات الإجرامية وملاحقة كافة المتورطين بجرائم القتل والحرابة .

لافتًا إلى أن الحملة جاءت بتوجيهات من القيادة العليا، وتنفيذًا لمخرجات لقاء القادة العسكريين والامنيين بمنزل اللواء الركن محمود الصبيحي منتصف مايو الماضي، حتى يتم تأمين مناطق الصبيحة بشكل كامل ومحاربة كل الظواهر المُخلة بالأمن والسكينة العامة.

إلى جانب ذلك، طالب مدير عام مديرية طور الباحة العميد الركن بسام الحرق، الأجهزة القضائية سرعة فتح مبنى القضاء بمركز المديرية والبت بالقضايا الجسيمة بعد استتباب الأمن داخل المديرية.

اتجار بالبشر

وكثيرة هي النجاحات التي حققتها الحملة منذ انطلاقها وحتى اليوم، حيث نفذت قوة من ألوية العمالقة حملة عسكرية لإغلاق مراكز الاحتجاز والاتجار بالمهاجرين، وتحريرهم من قبضة المهربين وسط محافظة لحج.

وقالت مصادر حكومية لـ"المجهر" إن وحدات عسكرية نفَّذت حملة واسعة استهدفت مواقع في مديرية طور الباحة، يستخدمها المهرِّبون للمتاجرة بالمهاجرين الأفارقة، الواصلين إلى سواحل المحافظة.

وأضافت المصادر أن الحملة استندت إلى معلومات جرى جمعها من سكان ومنظمات حقوقية، بيَّنت أن المهرِّبين استحدثوا، خلال الفترة الماضية، مواقع لاحتجاز المهاجرين الأفارقة، الذين عادةً ما يصلون إلى سواحل المحافظة المُطلة على البحر الأحمر في مواجهة سواحل جيبوتي.

ووفقًا للمصادر، فإن حملات ملاحقة عصابات الاتجار بالبشر توقفت منذ انقلاب جماعة الحوثي على الحكومة، وتفجيرها الحرب، حيث عاد المهرِّبون وأنشأوا، خلال الفترة الماضية، مواقع لتجميع المهاجرين الأفارقة في منطقة الدميسي بمديرية طور الباحة.

ويقوم المهرِّبون باعتراض المهاجرين عند وصولهم الساحل، ثم يقتادونهم إلى معسكرات الاحتجاز، حيث يجري ابتزازهم ماليًا، وبيعهم لعصابات تتولى تهريبهم داخل الأراضي اليمنية إلى المناطق الحدودية مع دول الخليج.

اقرأ أيضا: “رأس العارة” بوابة مفتوحة لتهريب الممنوعات إلى مناطق الحوثيين (تحقيق خاص)

حضور الدولة

ومع تأكيد منظمات حقوقية محلية وأمنية أن كثيرًا من المهاجرين يتعرضون لانتهاكات جسيمة، من بينها الاغتصاب، ذكرت المصادر أن وحدات من اللواء الثاني عمالقة اشتبكت مع المهرِّبين، الذين يتمركزون في تلك المواقع التي يطلَق عليها "الأحواش"، والتي جرى تشييدها لغرض احتجاز المهاجرين والمتاجرة بهم.

وذكرت المصادر بأن تلك الأحواش كانت مخصَّصة لتجميع بضائع متنوعة، بينها ممنوعات يجري تهريبها من القرن الأفريقي، عبر الشريط الساحلي لمحافظة لحج.

وتولت الجرافات التابعة للحملة بهدم أسوار تلك المواقع وغُرف الاحتجاز التي أنشئت داخلها، وتمكنت، وفق تأكيد المصادر الحكومية وسكان، من تحرير مجموعة كبيرة من المهاجرين أغلبهم إثيوبيين، بينهم نساء وأطفال كانوا محتجَزين داخل أحد تلك المعسكرات.

وتوضيحًا لهذه الخطوات الأمنية، ذكر المركز الإعلامي للواء الثاني عمالقة أن الحملة باغت المهرِّبين والمطلوبين أمنياً، ودكّت معاقلهم، حيث جرى إلقاء القبض على بعض من المهرِّبين، في حين تمكَّن البعض الآخر من الفرار، وأكد أن الحملة لا تزال تُلاحق الفارِّين حتى يجري القبض عليهم.

وأظهرت لقطات مصوَّرة وزَّعها المركز، تظهر آليات تقوم بهدم تلك المنشآت، والأسوار التي أقامها المهرِّبون، في حين ينتشر أفراد الحملة العسكرية في تلك المواقع.

الجدير بالذكر أن هذه الحملة جرت وسط تعاون والتفاف شعبي، ساهم في سرعة السيطرة على الوضع وتثبيت الأمن والاستقرار، وقطع دابر المخططات الحوثية التي حاولت استغلال الأحداث المؤسفة التي شهدتها مديريات محافظة لحج، جنوبي البلاد .

بوابة التهريب

في تحقيق خاص نشره موقع "المجهر" في الرابع من مايو/آيار الماضي كشف عن ازدهار تجارة التهريب في ميناء رأس العارة بمديرية المضاربة في ذات المحافظة.

وأكد التحقيق أن الميناء يشهد انفلاتا كبيرا جعله يقف خارج نطاق سيطرة الدولة، ويتم تقاسم إيراداته بين المجلس الانتقالي الجنوبي (50%) والسلطة المحلية في المديرية (30%) فيما تذهب النسبة المتبقية إلى حساب محافظ لحج أحمد التركي.

وأشار التحقيق إلى أن التهريب يتضمن إدخال مبيدات سامة وأسحلة وممنوعات تعود معظمها لتجار في مناطق سيطرة الحوثيين.

مثلث الموت

فيما كشف تحقيق آخر لموقع "المجهر" تم نشره منتصف فبراير الماضي، انتشار نقاط التحصيل والجبايات على طول الطريق في منطقة طور الباحة بمحافظة لحج.

وأوضح التحقيق أن أغلب تلك النقاط تم استحداثها بشكل غير قانوني، من قبل قوات محلية بزي عسكري، وقطاع الطرق، لافتا إلى حدوث عدد من حالات التقطع والنهب والقتل أحيانا.

وبين هذا وذاك برزت تساؤلات حول من يقف وراء الانفلات الذي تشهده محافظة لحج، ليجعل منها واحدة من أبرز بوابات التهريب في البلاد.

وأمس الأحد، ضبطت قوات تابعة للعمالقة شحنة من قطع طيران مسير بنقطة الحديد بذات المحافظة، الأمر الذي فتح تساؤلات عدة حول الأطراف التي تسهل عبور الأسلحة وتهريبها إلى الحوثيين.