تعاني المنظمات الإغاثية العاملة في اليمن من شحة في تمويل أنشطتها الإنسانية، الأمر الذي دفعها إلى تقليص حجم المساعدات، في ظل استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في البلد الذي يشهد حربا مستمرة للعام العاشر تواليا خلفت أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
ويبدي مراقبون مخاوفا من أن يتسبب تقليص المساعدات وحرمان آلاف الأسر منها إلى تدني مستوى الأمن الغذائي في اليمن، في ظل تفاقم معاناة السكان الذين أصبح معظمهم على أو تحت مستوى خط الفقر، حيث تشير أحدث التقارير الأممية إلى أن نحو 6 ملايين شخص على بعد خطوة واحدة من المجاعة.
فجوة التمويل
في الرابع والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت أفادت الأمم المتحدة أن خطتها الإنسانية في اليمن للعام 2024م لاتزال تعاني نقصاً حاداً، حيث لم يتم تغطية سوى ما نسبته 46.4% من إجمالي التمويل المطلوب البالغ 2.71 مليار دولار، ما يترك فجوة تمويلية قدرها 1.45 مليار دولار.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) في تحديث بشأن حالة تمويل خطة الاستجابة في اليمن للعام 2024: "بحلول 23 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بلغ إجمالي التمويل المستلم للخطة 1.25 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 70 مليون دولار، عما كان عليه في 16 من ذات الشهر، والمقدر بـ1.18 مليار دولار".
وأضاف "الأوتشا" أن إجمالي التمويل المستلم لليمن، خلال الفترة نفسها، زاد بنفس المبلغ، حيث ارتفع من 1.92 مليار إلى 1.99 مليار دولار، كما أن التمويل المستلم خارج خطة الاستجابة الإنسانية، ارتفع من 0.73 مليار إلى 0.74 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 10 ملايين دولار، مشيرا إلى أن أغلب التمويل الإضافي لخطة الاستجابة الإنسانية، جاء من الولايات المتحدة وقطر والنرويج ومانحين آخرين.
من جهته، قال ممثل برنامج الغذاء العالمي (WFP) في مدينة تعز إن البرنامج شهد تراجعا كبيرا في حجم التمويل الذي يتلقاه لتنفيذ أنشطته الإنسانية في اليمن، لافتا إلى أن التمويل كان 4 مليار دولار وتراجع إلى ما يقارب المليار فقط مما يؤثر على مجالات عدة ينفذ فيها البرنامج تدخلات إنسانية.
تقليص المساعدات
منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الفائت أعلن برنامج الغذاء العالمي تقليص المساعدات في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها، وشطب أسماء آلاف الأسر المستفيدة من مساعدات البرنامج الأممي، حيث تم استبعاد 33 ألف في تعز وحدها وهو يمثل ما نسبته 38 بالمائة من إجمالي المستفيدين في المناطق المحررة.
وأثار قرار الغذاء العالمي استياء شعبيا واسعا كون آلاف الأسر فقدت فجأة أمنها الغذائي دون إيجاد بدائل أخرى، ناهيك عن تقليص حجم المواد التي يتسلمها المستفيدون بشكل كبير، الأمر الذي أبرز مخاوفا من أن يتسبب تقليص المساعدات بدفع تلك الأسر إلى حافة المجاعة.
وعقب ذلك شارك المئات في تظاهرة بمدينة تعز لمطالبة البرنامج الأممي بمراجعة قرار شطب آلاف الأسر المستحقة المستفيدة من المساعدات التي يقدمها الغذاء العالمي، بناء على مسوحات ميدانية غير دقيقة ولا تراعي الوضع الإنساني، حد وصف المحتجين.
في السياق، يعتقد عمار السوائي استشاري منظمات المجتمع المدني في تعز، أن اليمن لازالت تعاني من أزمة اقتصادية حادة، بفعل التوترات في أوكرانيا والسودان وغزة ولبنان، ما تسبب في تقليص المساعدات بنسبة كبيرة جداً في اليمن تصل إلى٦٠٪، ويوزعوها كل شهر ونص بدلاً عن شهرين.
ويضيف السوائي في حديثه لـ"المجهر" أن الغذاء العالمي يواجه فجوه كبيره في التمويل، حيث "كان يوزع كل شهر سلة غذائية لكلّ مستفيد مسجل عندهم الآن ب٢٠٢٤ يوزع كل شهرين سلة، بالإضافة إلى تقليص وزن السلة من 75 كجم إلى 50 كجم".
ويشير استشاري منظمات المجتمع المدني في تعز إلى أن آلية التقليص التي قام بها البرنامج "تمت بناءً على مسح تحديث بيانات المستفيدين المسجلين، مثلاً أي حد موظف حكومي أو خاص يستبعد، أي حد معه بيت ملك يستبعد، أي حد معه أثاث منزلي يستبعد، معايير كانت سخيفة".
ويؤكد السوائي أن البرنامج الأممي فتح باب التظلمات للنظر فيها ووعد بتسوية وضع الحالات المستبعدة وهي مستحقة، لافتا إلى أنه لا توجد بدائل مع المنظمات الإغاثية والإنسانية لمواجهة شحة التمويلات ما يجعلها تعمل بما يتوفر لها فقط.
ويختتم حديثه بالقول:" في الألفين وثمانية عشر تم تسجيل جميع مستفيدي برنامج الغذاء العالمي وكان سعر صرف الدولار في مناطق الحكومة الشرعية حينها (٤٢٠) ريالا، أما الآن فقد تجاوز 2000 ريال وهذا تسبب في خلاف البرنامج مع السلطات بشأن تقليص المساعدات".
عبء إضافي
يرى مراقبون أن الانهيار المستمر للعملة المحلية في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها، يشكل عبئا إضافيا على الأعمال الإنسانية حيث تفقد المساعدات النقدية التي يقدمها البرنامج الأممي في بعض المحافظات المحررة جزء كبيرا من قيمتها، الأمر الذي يفاقم من حدة الأزمة الإنسانية ويخفض مستويات الأمن الغذائي.
وبهذا الصدد، يؤكد الباحث والصحفي الاقتصادي وفيق صالح أن انهيار العملة الوطنية له الكثير من التداعيات على مستوى المعيشي لليمنيين، من خلال التضخم المستمر في الأسعار، وانخفاض القدرة الشرائية لدى المواطنين، مما يتسبب في تدهور الوضع المعيشي واتساع دوائر الفقر والبطالة.
ويضيف صالح في حديثه لـ"المجهر" أن انهيار العملة المحلية يعد ضربة قاصمة لظهر الأنشطة التجارية والاقتصادية، وقاتل صامت يقضي على ما تبقى من وضع معيشي لليمنيين، لأن التدهور المستمر للعملة يجعل المواطنين غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية، الأمر الذي ينذر بكارثة لا تُحمد عقباها.
ويشير الصحفي الاقتصادي وفيق صالح إلى أن الأنشطة الإنسانية في اليمن تراجعت خلال السنوات الأخيرة بفعل شحة التمويل، ما دفع بالمنظمات الإغاثية لتقليص المساعدات إلى النصف، وهو ما يؤثر على شريحة واسعة من السكان فيضاعف ذلك إلى جانب انهيار العملة من الأعباء المعيشية على المواطنين.
ويوضح :"لابد أن يكون هناك جهود للحكومة لمتابعة هذا الملف كونه أيضا يؤثر على المستوى المعيشي اليمنيين، حيث أن تراجع تمويل الأنشطة الإنسانية في اليمن مع انهيار العملة يشكلان خطورة على الاستقرار المعيشي ما قد يؤدي إلى انفجار الوضع لا سمح الله".
وبحسب الصحفي وفيق فإن دخول الحرب في اليمن عامها العاشر تواليا لا يؤثر على الأنشطة التجارية والاقتصادية فحسب بل يعمل على اتساع دائرة الفقر والبطالة، حيث تشير الإحصائيات إلى أن نسبة الفقر ارتفعت إلى أكثر من 80% وهو مؤشر خطير جدا، حد قوله.
تراجع ملحوظ
أظهرت تقارير أممية صدرت نهاية الشهر الفائت تراجعا ملحوظا في حجم التدخلات التي نفذتها المنظمات الإغاثية والإنسانية في اليمن خلال سبتمبر/ أيلول الماضي، ما أدى حرمان ملايين الأشخاص من المساعدات التي كانوا يتلقونها سابقا، وذلك بسبب نقص التمويل.
وقال برنامج الغذاء العالمي (WFP) في تقرير الوضع الإنساني، إن ما مجموعه 2.3 مليون طفل وامرأة حامل ومرضعة في اليمن من مجموعة (PBWG)، حرموا من الحصول على علاج سوء التغذية في شهر سبتمبر/أيلول 2024، بسبب النقص الحاد في التمويل.
وأضاف التقرير أن برنامج الوقاية من سوء التغذية الحاد التابع لـ"الغذاء العالمي" لايزال معلقاً منذ شهر يناير/كانون الثاني الماضي، بسبب نقص التمويل، الأمر الذي يترك 2.4 مليون طفل امرأة مرضعة وحامل معرضين لخطر مضاعفات سوء التغذية.
وأوضح البرنامج أن عملياته في اليمن لا تزال تعاني نقصاً حاداً في التمويل، حيث تم تمويلها بنسبة 43% فقط من إجمالي متطلبات التمويل الصافية والبالغة 448 مليون دولار لفترة الستة الأشهر القادمة (أكتوبر/تشرين الأول 2024 - مارس/آذار 2025).
في السياق، أفاد البرنامج الأممي أممي أنه استكمل توزيع المساعدات لـ 1.4 مليون شخص في 34 مديرية شديدة الضعف في ثماني محافظات خاضعة لسيطرة الحوثيين خلال سبتمبر/ أيلول الماضي الغذائية في إطار عملية الاستجابة السريعة للطوارئ.
وأكد الغذاء العالمي أن عملية الاستجابة الطارئة التي بدأها البرنامج في شهر أغسطس/آب الماضي، تأتي في إطار التخفيف من الآثار الخطيرة والكارثية الناجمة عن توقف توزيع المساعدات الغذائية العامة في هذه المناطق والتي لاتزال متواصلة منذ ديسمبر/كانون الأول 2023 وحتى الآن.
وفي وقت سابق، أعلن البرنامج الأممي تلقيه منحة سعودية بقيمة 25 مليون دولار لدعم عملياته المنقذة للحياة في اليمن على مدار العام المقبل، موضحا على لسان نائب المدير التنفيذي للبرنامج؛ كارل سكاو أنه سيتم تخصيص 15 مليون دولار من المنحة لدعم المساعدات الغذائية الطارئة للأسر الأكثر احتياجاً في جميع أنحاء اليمن، فيما سيخصص المبلغ المتبقي والمقدر بـ10 ملايين دولار لتمويل مشاريع الصمود ثلاث محافظات واقعة ضمن نفوذ الحكومة المعترف بها، هي: حضرموت والمهرة وسقطرى.
وقال سكاو إن انعدام الأمن الغذائي في اليمن وصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، "ووفقاً لبيانات برنامج الغذاء العالمي، أفادت 64% من الأسر التي شملها الاستطلاع في أغسطس/آب الماضي، بعدم كفاية الوصول إلى الغذاء، حيث يعاني أكثر من نصف هؤلاء من الحرمان الغذائي الشديد، الذي يتميز باستهلاك غذائي ضعيف".
من جهتها؛ أعلنت المفوضية الأوروبية أنها قدمت لليمن 498 طن من المساعدات الإنسانية، خلال الفترة بين 1 يناير/كانون الأول و30 سبتمبر/أيلول 2024.
وأوضحت في بيان أصدرته أواخر أكتوبر/ تشرين الأول الفائت بشأن استجابتها للأزمات الإنسانية حول العالم، أن هذه المساعدات المتنوعة تم نقلها عبر 28 رحلة في الجسر الجوي الإنساني الذي تسيره المفوضية الأوروبية لتوفير الاحتياجات الأساسية في البلدان التي تعاني من الأزمات المتعددة حول العالم.
الدور الحكومي
تتمسك الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بمطالب نقل مقرات المنظمات الإغاثية والإنسانية من العاصمة المختطفة صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين المصنفة على قوائم الإرهاب الأمريكية إلى مدينة عدن التي تتخذ منها الأولى عاصمة مؤقتة للبلاد.
وترى الحكومة أن ذلك سيمثل خطوة مهمة في ترتيب أولويات العمل الإنساني، ودعما لخطتها الوطنية 2025، خصوصا وأن مناطق سيطرة الحوثيين أصبحت بيئة طاردة للعمل الإغاثي والإنساني، بعد اختطاف الجماعة ما يزيد عن 70 موظفا وعاملا في منظمات إغاثية ودولية، وألصقت بها تهما بالتجسس لما تسميها "دول معادية".
في السياق، شدد رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك خلال لقاءه المنسق المقيم للأمم المتحدة في اليمن جوليان هارنيس، في الثلاثين من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت على ضرورة مراعاة خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن التي تعدها الأمم المتحدة للعام 2025م، على الاحتياجات ذات الأولوية والطابع المستدام.
وفي اللقاء الذي ركز على آليات تجاوز تراجع الدعم الدولي الذي يعتمد عليه ملايين الأشخاص للبقاء على قيد الحياة، أكد بن مبارك على ضرورة التنسيق مع الجهات الحكومية، بما يؤدي الى إسناد جهود حكومته في تخفيف المعاناة الإنسانية القائمة، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وجدد رئيس الوزراء اليمني التأكيد على التوجيه الأمثل للتمويلات الدولية المتاحة بما يتناسب مع أولويات العمل الإنساني، متطلعا إلى دعم أممي للخطة الوطنية المقرر إعدادها للتعاطي مع ملف النازحين والعائدين من النزوح والمتضررين منه، وفق مبدأ الحلول الدائمة، ضمن رؤية شاملة لإدارة ملف الإغاثة الإنسانية بشكل عام، بحسب وكالة الأنباء الحكومية (سبأ).
من جهته؛ قال المنسق المقيم للأمم المتحدة في اليمن جوليان هارنيس، إن أهم البرامج والمشاريع التي يجري عليها العمل حاليًا، والجهود المبذولة تكمن في تقليص حجم الفجوة التمويلية لدعم الاعمال الاغاثية والإنسانية في اليمن.
وجدد المسؤول الأممي الحرص على تعزيز التنسيق مع الحكومة اليمنية في تحديد الاحتياجات وفق الأولويات العاجلة، كما تطرق "جوليان" خلال لقاءه "بن مبارك" إلى اتخاذ إجراءات حازمة بشأن إطلاق موظفي العمل الإنساني المختطفين لدى جماعة الحوثيين.
تحذير دولي
حذر البنك الدولي (WB) في أحدث تقرير له من انزلاق اليمن إلى أزمة إنسانية واقتصادية أشد خطورة في ظل استمرار التحديات الاقتصادية المتفاقمة الناجمة عن طول أمد الصراع الداخلي، والتشرذم السياسي، وتصاعد التوترات الإقليمية.
وأوضح في التقرير الذي أصدره في الحادي والثلاثين من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت وحمل عنوان "مواجهة التحديات المتصاعدة"، أن انكماش الناتج المحلي في اليمن سيتواصل للعام الثاني على التوالي.
وأضاف أنه "من المتوقع أن ينكمش بنسبة 1% في عام 2024، وذلك بعد انخفاضه بنسبة 2% في عام 2023، الأمر الذي سيؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، لتصل نسبة الانخفاض إلى 54% منذ عام 2015".
وأفاد البنك الدولي أن الإيرادات المالية للحكومة المعترف بها دولياً شهدت تدهوراً كبيراً في النصف الأول من العام الجاري 2024، حيث تقلصت بنسبة 42%، بسبب استمرار الحصار الذي فرضه الحوثيون على صادرات النفط، مما منعها من تقديم الخدمات الأساسية للسكان، وتكثيف الضغوط الخارجية مما تسبب في انخفاض قيمة العملة المحلية.
وأشار التقرير إلى أن استمرار تفاقم التشرذم الاقتصادي بين مناطق نفوذ الحكومة وتلك الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، "حيث يؤدي التفاوت في معدلات التضخم وأسعار الصرف إلى تقويض أسس الاستقرار وجهود التعافي في المستقبل، وبالتالي تدهور الظروف المعيشية لغالبية السكان بشكل كبير، ووفق مسوحات استقصائية أجراها البنك الدولي في يوليو/تموز الماضي فإن الحرمان الشديد من الغذاء، زاد بأكثر من الضعف في بعض المحافظات".
ولفت البنك الدولي إلى أن التوترات الإقليمية المتصاعدة، وخاصة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، كان لها تأثيرات حادة على الأوضاع الاقتصادية، حيث تسببت بانخفاض حركة الملاحة بأكثر من 60% عبر مضيق باب المندب الإستراتيجي وقناة السويس، غير أن هذه الاضطرابات لم تسفر بعد عن زيادة كبيرة في أسعار المستهلكين.
وأورد التقرير أن القطاع المصرفي واجه توترات متصاعدة بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دولياً فيما يتعلق بالمراقبة التنظيمية في النصف الأول من هذا العام، ولا يزال الوضع هشاً رغم جهود الوساطة الإقليمية والدولية في تخفيف بعض هذه التوترات، وهو ما يتطلب تعزيز قدرة المؤسسات على الصمود، وذلك من أجل إدارة التضخم، ومواجهة تحديات المالية العامة.
من جهتها؛ قالت مديرة مكتب البنك الدولي في اليمن؛ دينا أبو غيدا إنه رغم تزايد حدة التحديات الاقتصادية والإنسانية في اليمن، إلا إن "الفرصة لا تزال قائمة لتغيير هذا المسار في الهبوط، بتقديم الدعم المناسب، ولا بد من اتخاذ إجراءات عاجلة، لمعالجة اختلالات حسابات المالية العامة والحسابات الخارجية، والتخفيف من حدة انعدام الأمن الغذائي، وتحقيق المزيد من الاستقرار".
وجددت أبو غيدا التزام البنك الدولي بالتعاون الوثيق مع الشركاء لدعم جهود التعافي ومساندة اليمنيين لتجاوز هذه الأزمات، وتقديم المساعدات المطلوبة، وتمهيد الطريق لتحقيق مستقبل مستدام وقادر على الصمود في اليمن.
وأكد البنك الدولي أن الآفاق الاقتصادية لليمن لعام 2025 لا تزال قاتمة، بسبب استمرار الصراع الإقليمي، والصراع الداخلي، الذي يهدد بتعميق التشرذم في البلاد، وتفاقم أزمتها على الصعيدين الاجتماعي والإنساني، لكنه توقع أنه في حال التوصل إلى اتفاق سلام دائم، فيمكن لمكاسب السلام المحتملة أن تحفز التعافي الاقتصادي السريع.
إعادة ترتيب
يرى مراقبون أنه بات من الضروري على المنظمات الإغاثية والإنسانية العاملة في اليمن؛ إعادة ترتيب الخطط والبرامج والأنشطة التي تنفذها بما يتناسب مع أولويات العمل الإنساني وتقليل الآثار المترتبة على شحة التمويل.
وفي هذا السياق، عبر وزير الإدارة المحلية السابق عبد الرقيب فتح عن قلقه إزاء قرار برنامج الغذاء العالمي بإسقاط أسماء عدد من المستفيدين من المساعدات في المحافظات المحررة.
ودعا فتح في تدوينة على منصة "إكس"، الغذاء العالمي إلى إعادة تقييم خططه وتمويلاته، مشددًا على أن البرنامج يتلقى النصيب الأكبر من المساعدات الدولية المخصصة لليمن.
وأشار الوزير اليمني السابق إلى أن سيطرة جماعة الحوثي على البرنامج في صنعاء تسهم في استبعاد بعض الأسماء من قائمة المستفيدين، مؤكدًا أن الجماعة تتحكم أيضًا في خطط التوزيع، مضيفا أن تلقي الغذاء العالمي تمويلا إضافيا من السعودية يسلط الضوء على أهمية معالجة هذه القضايا.
من جهته، اعتبر الصحفي فتحي بن لزرق أن إسقاط برنامج الغذاء العالمي عشرات الالاف من الأسماء المستحقة للمعونة التي يقدمها البرنامج منذ سنوات "إجراء في ظل ظروف بالغة التعقيد ستكون له انعكاسات خطيرة تجاه آلاف الأسر المتضررة".
وأضاف بن لزرق في منشور على منصة فيسبوك، بأنه "يتوجب على الحكومة سرعة مخاطبة المنظمات الدولية والجهات المانحة بضرورة وقف عملية الاسقاط لان نتائجها ستكون مدمرة".
إلى ذلك، يرى الصحفي الاقتصادي وفيق صالح في حديثه لـ"المجهر" أنه لابد أن يكون هناك جهود للحكومة المعترف بها من أجل الحفاظ على الاستقرار المجتمعي وتمويل برامج الحماية الاجتماعية.
ويضيف :" الحكومة للأسف دورها ضعيف جدا في هذا الجانب، لابد أن تسعى إلى حشد الدعم الدولي لتنفيذ برنامج الحماية الاجتماعية التي تساعد اليمنيين على الصمود أمام المتغيرات السلعية وأمام تداعيات انهيار الأوضاع المعيشية في البلاد".