الاثنين 16/سبتمبر/2024
عاجلعاجل

مفاوضات مباشرة وتبادل أسرى.. بوادر لحل الأزمة اليمنية إثر التقارب السعودي الإيراني (تقرير خاص)

مفاوضات مباشرة وتبادل أسرى.. بوادر لحل الأزمة اليمنية إثر التقارب السعودي الإيراني (تقرير خاص)

تقرير خاص- عمر التميمي

خلق التقارب السعودي الإيراني بعد أكثر من ثمان سنوات من التوترات بين البلدين وقطع العلاقات الدبلوماسية على خلفية مهاجمة محتجين إيرانيين لسفارة المملكة في طهران وقنصليتها في العام 2016، بواسطة صينية، دفعة قوية لتقارب الحوثيين مع السعودية.

ويرى الصحفي "سلمان المقرمي"، أن إيران أصبحت بحاجة ماسة إلى اتفاق مع السعودية لترتيب أولوياتها في المنطقة خصوصاً في ظل المشاكل الداخلية والاحتجاجات الأخيرة شهدتها مدن إيرانية، والأزمة الاقتصادية التي تعصف بها، وما الحوثيين إلا مجرد أداة للنظام الإيراني داخل اليمن.

ويقول المقرمي في حديثه لـ" المجهر" إنه مع التغيرات التي شهدتها إيران والاحتجاجات المستمرة تبدلت أولوية النظام الإيراني، معتبرا زيارة السفير السعودي إلى صنعاء نوع من التنازل الذي قدمته إيران للمملكة وليس الحوثيين.

ويضيف أن من ضمن التنازلات الإيرانية للسعودية قبول الحوثيين بأن تلعب المملكة دور الوسيط بينهم وبين الحكومة الشرعية، بعد أن كانوا يرونها طرفًا في النزاع.. مشيرًا إلى أن المزايدين والطامحين ببناء نفوذ أمثال "محمد علي الحوثي وجلال الرويشان" رفضوا ذلك ورفضهم ليس أمراً مهما ولا يعتمد عليه كثيرًا.

ويتابع قائلا بأن السعودية وصلت إلى مرحلة متقدمة بالمفاوضات مع إيران بواسطة الصين، وهذا ما أكدته زيارة الوفد برئاسة السفير "محمد آل جابر" إلى صنعاء؛ مشيرا إلى أن الزيارات السياسية تتم بعد اتفاق المخابرات والسياسيين.

مفاوضات ممتدة

ليست المرة الأولى التي تتفاوض فيها السعودية مع جماعة الحوثي، فطوال الحرب كانت هناك قنوات خلفية مفتوحة بين المملكة والحوثيين كانت تضعف أو تنشط بين أوقات متعددة من تبادل الأسرى إلى التهدئة في الحدود.

وفي العام 2016 جرت مفاوضات مباشرة بين السعوديين والحوثيين على طاولة واحدة للمرة الأولى، منذ انطلاق عاصفة الحزم في مارس/آذار2015.

ونتج عنها اتفاق غير مسبوق للتهدئة على طول الحدود اليمنية السعودية والهدنة في اليمن واستمر ثلاثة أشهر قبل أن ينهار ومعه مفاوضات بين الحوثيين والحكومة الشرعية في الكويت.

ورغم انهيار "اتفاق ظهران الجنوب"، إلا أن تبادل الرسائل بين الجانبين لم يتوقف وأبقيا نافذة مفتوحة للحوار.

و في العام 2019 أعاد الحوثيون والسعوديون تنشيط تلك النافذة بعد أكثر من عامين على الجمود، عقب هجمات الحوثيين على منشآت النفط في "أبقيق" و"خريص" والتي اُتهمت فيها إيران وتبناها الحوثيون، أدت إلى إطلاق الحوثيين سراح نحو 300 معتقل بينهم ثلاثة سعوديين، وإعلان التحالف وقف الغارات.

وكانت المفاوضات في ذلك الوقت تشمل أهداف مؤقتة مثل: إعادة فتح مطار صنعاء الدولي، وفتح ميناء الحديدة أمام واردات الوقود دون عوائق، كما تجري مناقشة منطقة عازلة على طول الحدود اليمنية السعودية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

المبادرة السعودية

وفي مارس/ آذار 2021، أعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، عن مبادرة سعودية لحلّ الأزمة اليمنية، تستند إلى وقف إطلاق نار شامل تحت مراقبة الأمم المتحدة، داعيًا حينها الحوثيين والحكومة اليمنية للقبول بها.

وتضمنت المبادرة السعودية حينها ، "استئناف المفاوضات السياسية بين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي والحوثيين برعاية الأمم المتحدة، والسماح للتحالف بدخول الوقود عبر ميناء الحديدة الغربي، وإعادة فتح المطار الرئيسي في صنعاء نحو وجهات محددة".

و رفض الحوثيون المبادرة السعودية التي سعت فيها سلطنة عُمان وطالبت بفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة بشكل كامل، بإيعاز من السفير الإيراني "حسن ايرلو".

رفض مستمر

جاءت مبادرة الرياض في العام (2021) في ظل هجوم عسكري واسع على محافظة مأرب الاستراتيجية شرقي البلاد حيث كان يأمل الحوثيون السيطرة عليها بشكل كامل.

ويرى الصحفي "سلمان المقرمي" أن الذي رفض المبادرة السعودية في ذلك الوقت هو السفير الإيراني في صنعاء حسن ايرلو حيث أن الحوثيين كانوا ولا يزالون منظمة إيرانية ينفذون ما يملى عليهم فقط.

ومع نهاية العام ومطلع 2022 تمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من تأمين المحافظة ومحت معظم مكاسب الحوثيين خلال 2021م، وتسببت تلك المعارك بإنهاك كبير للحوثيين عسكريًا وماليًا وشعبيًا.

هدنة هشة

وفي أبريل/نيسان 2022، تمكنت الأمم المتحدة من ترتيب هدنة بين الحوثيين والحكومة اليمنية والتحالف العربي الذي تقوده السعودية.

ووافق الحوثيون على وقف إطلاق النار رغم أنهم لم ينفذوا أي شيء مما يخص بناء الثقة مع الحكومة المعترف بها دوليًا وهو طلب وحيد يتمثل بفتح الطرقات الرئيسية عن مدينة تعز.

واستمرت الهدنة ستة أشهر لتنتهي دون تجديد في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد أن رفض الحوثيون تجديدها وتقدموا بعدة مطالب غير معقولة منها دفع مرتبات الموظفين بما في ذلك ميلشيات الجماعة المسلحة.

طريق مسدود

يرى رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث "عبد السلام محمد"، أن السلام في اليمن بعيد المنال ومستبعد في الفترة الحالية.

ويضيف "عبد السلام" في حديثه لـ"المجهر" أن الفترة المقبلة يمكن أن تأخذ سيناريو اللا حرب واللا سلم أي بمعنى هدنة مطولة ولا يمكن الذهاب إلا في حال قبول الحوثيين تحقيق السلام إلا في حال قبول الحوثيين بتقديم تنازلات، وهو أمر مستحيل إلا في حال سيطرتهم الكاملة على البلد كاملا.

ويؤكد: حتى إذا حصل اتفاق بين السعودية وإيران فإن الحرب لا تزال قائمة في اليمن بحكم أن المشكلة المحلية لم تحل في الأساس وهو انقلاب المليشيات الإمامية على الحكومة.

ويتابع قائلا، أن الاتفاق السعودي الإيراني يخفف الاستقطاب داخل اليمن وقد يؤدي إلى تهدئة لكنه لا يحل المشكلة اليمنية ولا يذهب بالقضية اليمنية إلى السلام إطلاقا.

ويشير إلى أن تفاهمات الحوثيين والسعودية ستكون من منطلق تحيد الحوثيين واعترافهم أن السعودية وسيط ومن أجل تسهيل مهمة لقاء الحوثيين بالشرعية، ولكن ذلك لا يوقف الحرب ولا يأتي بسلام مستدام.

استغلال حوثي

يتحدث رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث "عبد السلام محمد" لـ"المجهر" قائلا أن الحوثيين استغلوا زيارة الوفد السعودي إلى صنعاء أمام مناصريهم واظهروا أنهم أقوياء وأنهم يقولون الكثير، ولم يلتزموا بأدب الضيافة كتقاليد ولا بأدب الحوار كسياسيين ولا بأدب الحرب كضعفاء أمام قوة مثل قوة السعوديين، وظهر ذلك من خلال تغريدات بعض قياداتهم.

ويضيف أن حرص الحوثيين على السعودية في هذه الفترة بالذات ناتج من حرص الإيرانيين على الاتفاق مع السعودية، ورغبتهم في استمرار الاتفاقيات، وبالتالي سوف يتم إرغام الحوثي بقبول السعودية كوسيط.

ويتابع حديثه قائلا: هذا يؤكد أن الحوثيين فصيل إيراني ومليشيات تابعة لإيران ولم يكونوا ذات أهداف وطنية يمنية إطلاقا.

توصيف الزيارة

يعتقد الصحفي والمحلل السياسي "ياسين التميمي"، أن زيارة السفير السعودي تمثل منعطفا خطيرا في مسار التدخل السعودي في الأزمة والحرب اليمنيين، لأنها تمثل انفتاحا جريئا على الطرف الذي كان هدف التدخل العسكري السعودي هو ازاحته من المشهد وإنهاء انقلابه على الشرعية، مما يعني أن هذا التدخل قد انتهى في شكله العسكري.

ويضيف في حديثه لـ"المجهر" أن الزيارة تواجه تحدي التوصيف إذ يصر الحوثيون على أن السفير يمثل بلاده في المحادثات التي تتوسط فيها سلطنة عمان ، فيما يحاول السفير ان يجترح مهمة جديدة لبلاده وهي رعاية عملية السلام بين الأطراف اليمنية والتحلل بشكل نهائي من التزامات المملكة تجاه الحرب ونتائجها وآثارها.

ويؤكد أن هذا النهج التكتيكي من الجانبين لا يؤذن بإمكانية التوصل قريبا الى السلام المنشود، لأن السلام سيتحقق إذا توفرت إرادة حقيقية من جانب الحوثيين وبقية الأطراف لتقديم تنازلات حقيقية لصالح الدولة اليمنية والكف عن فرض الوصاية عليها والاستئثار بمقدراتها كما يفعل الحوثيون اليوم.

ويشير إلى أن مهمة السعوديين والعمانيين لا تزال تدور حول الهدنة والمحفزات المقدمة لإنجاحها، والتغريدات التي نشرها بعض قادة الجماعة الحوثية تشير إلى وجود صعوبات أمام التوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة وربما ارتبط ذلك بمطالب الحوثيين الذين يريدون ضمان الحصول على أكبر قدر من الإمتيازات التي تكرس سلطتهم دون أن يقدموا تنازلات حقيقية.

اقرأ أيضا: محادثات السلام في اليمن.. هل تُفشِل ضبابية الموقف الحوثي مفاوضاته مع السعودية؟